الوقت- ما زالت ترددات الأزمة التي تعيشها دولة قطر هذه الأيام تنعكس عليها من الداخل وعلى علاقاتها مع دول المنطقة، حيث تجاوزت ترددات هذه الأزمة حدود دول الخليج لتصل إلى تركيا ودول أخرى.
ومن خلال قراءة بسيطة لمجريات الأحداث نجد أن الخلافات بين قطر وكل من السعودية والإمارات تتجه نحو التأزيم أكثر وأكثر، خاصة بعد اللائحة التعجيزية التي سلّمتها السعودية والإمارات إلى قطر والتي تضمنت ثلاثة عشر مطلباً من أبرزها " خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وقطع أي تعاون عسكري أو استخباراتي معها، إغلاق القاعدة العسكرية التركية الجاري إنشاؤها، إعلان قطر عن قطع علاقاتها مع كافة التنظيمات الإرهابية والطائفية والأيديولوجية... "الإخوان، داعش، القاعدة" و وإيقاف قناة "الجزيرة" ومؤسسات إعلامية أخرى".
نجد من خلال هذه المطالب أن السعودية والإمارات تريد إذلال قطر وإجبارها على الرضوخ ووضعها تحت الوصاية السعودية- الإماراتية، وهذا ما ترفضه الدوحة جملة وتفصيلا.
وربما يشعل احدى هذه المطالب أزمة جديدة بين السعودية وتركيا، بدأت تظهر معالمها بعد مطالبة الرياض بإغلاق القاعدة العسكرية التركية "الريان" في قطر ورفض أنقرة لهذا المطلب، وهذا ينذر بظهور خلافات وتحالفات جديدة تجعل أزمة قطر تخرج عن النطاق الخليجي لتشمل معها دول إقليمية مؤيدة لكل من طرفي الأزمة.
وجاء أول رد على المطلب السعودي بإغلاق قاعدة الريان من وزير الدفاع التركي، فكري إشيق، الذي رفض مطلب إغلاق القاعدة في قطر، معتبراً أيّ دعوة إلى ذلك "تدخلاً في علاقات أنقرة مع الدوحة"، وملمّحاً إلى أن بلاده ستواصل تعزيز وجودها في قطر. وأكد أن "إعادة تقييم اتفاقية القاعدة مع قطر ليست مطروحة".
من جانبه وصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان مطالب السعودية والإمارات بإغلاق القاعدة العسكرية التركية بـ "قلة احترام"، وهنا نجد أن الأزمة تتجه نحو التسخين أكثر وأكثر وقد نشهد في الايام القادمة أزمة سياسية سعودية- تركية حامية الوطيس.
وبالعودة إلى بداية أزمة قطر، نجد أن موقف تركيا كان يتخذ شكل الوساطة "فقط"، لكنه سرعان ما بدا بالإنحياز إلى جانب قطر والوقوف إلى جانبها بشكل علني ومن ثم استقدام قوات تركية إلى قطر والبدء ببناء قاعدة عسكرية هناك مما وجه صفعة للسعودية التي تسعى لفرض سيطرتها ونفوذها على العالم الإسلامي السني وهذا ما تسعى إلية تركيا أيضا.
ومن هنا يأتي عمق الخلاف بين الدولتين الإقليميتين "الصراع على النفوذ"، خاصة أن السعودية تنظر إلى السياسة الأردوغانية باعتبارها امتداداً للدولة العثمانية، والصراع السعودي التركي ليس بالجديد فهو قديم جدا واستراتيجي بين البلدين وخير دليل على ذلك الخلافات والمواجهات بين الجهتين في الميدان السوري.
هناك نقطة أخرى يجب التوقف عندها تمثلت بما قاله الرئيس التركي، الذي اعتبر الشروط السعودية الإماراتية مخالفة للقوانين الدولية. ولكن في الوقت نفسه فإن انقره خالفت هذه القوانين مرارا وتكرارا، ابتداءا من تدخلها السافر في سوريا وصولا إلى دخولها بعشيقة دون موافقة الحكومة العراقية، ولكن رغم أن هناك اخطاء كبيرة في العديد من ملفات السياسة الخارجية التركية الا انها تتسم باتزان اكبر من من نظيرتها السعودية. في الحقيقة هناك صراع واضح على زعامة العالم الإسلامي السني بين أنقرة والرياض.
أما بالحديث عن الولايات المتحدة التي تراقب ما يجري في الخليج الآن بـ"صمت" وتعتبر ما يجري في المنطقة بأنه "شأن داخلي"، بحسب ما صرح به البيت الأبيض. وأكد المتحدث باسمه، شون سبايسر، أن بلاده "لن تتدخل في الحوار بين أطراف الأزمة ما لم يُطلب منها ذلك"، مبدياً، في الوقت نفسه، استعداد واشنطن لـ"لعب دور من شأنه تسهيل المباحثات". بدوره، حضّ مسؤول في الخارجية الأميركية دول الخليج على "ضبط النفس من أجل السماح بإيجاد ظروف لمناقشات دبلوماسية بنّاءة". وحول قائمة المطالب التي سلّمتها الرياض وأبو ظبي للدوحة، اكتفى المسؤول بالقول إن "واشنطن تدرك أن دولة الكويت، كوسيط في النزاع، سلّمت لائحة مطالب إلى دولة قطر".
لكن في المقابل لم تكن أنقرة لتستطيع أن تبني قاعدة لها في الدوحة من دون أخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة ، حيث يستحيل على القيادة القطرية السماح لأي قوة عسكرية بالتمركز على أرضها من دون ضوء أخضر من البنتاغون.
في النهاية يمكن القول أنه قد تكون هناك جملة من نقاط الالتقاء بين الرياض وأنقرة، الا ان الأساس هو الخلاف وهذا مرشح للارتفاع مع وصول الشاب المتهور،محمد بن سلمان الى كرسي الحكم، ومما لاشك فيه أن التوتر الخليجي الخليجي والسعودي التركي، وكذلك السعودي الإيراني هو مطلب أمريكي بامتياز يَصْب في صالح اسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية.