الوقت- أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطاب ألقاه في البيت الأبيض انسحاب بلاده من اتفاق باريس حول المناخ، الخميس، ليثير قراره ردود أفعال داخلية ودوليّة جعلت العالم يتّحد ضدّ قرار ترامب.
وقال ترامب "اعتباراً من اليوم، ستكف الولايات المتحدة عن تنفيذ مضمون اتفاق باريس (ولن تلتزم) القيود المالية والاقتصادية الشديدة التي يفرضها الاتفاق على بلادنا". وشدد على أن الاتفاق "لا يصب في صالح الولايات المتحدة" لافتاً إلى أن الاتفاق الراهن ليس حازماً بما يكفي مع الصين والهند.
وتابع "لقد انتخبت لتمثيل سكان بيتسبورغ وليس باريس"، مؤكداً أنه يرفض "أي شيء يمكن أن يقف في طريقنا" لانهاض الاقتصاد الأمريكي. ومضى بالقول "حان الوقت لاعطاء يانغستاون واوهايو وديترويت وميشيغن وبيتسبورغ، وهي من افضل الامكنة في هذا البلد، أولوية على باريس وفرنسا".
قرار ترامب الذي كان وعد به خلال حملته الانتخابية تحت شعار الدفاع عن الوظائف الأمريكية أوجد معارضة داخلية وخارجية وأثار عضب العالم الذي استنكر قرار الرئيس الأمريكي.
الأمم المتحدة
المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك اعتبر أن قرار ترامب بالانسحاب يشكل “خيبة أمل كبيرة.
وأضاف أن “احتفاظ الولايات المتحدة بدور قيادي في الملفات البيئية هو أمر أساسي.
أوروبا تنتفض
ردود الفعل الأوروبية جاءت حادة، إذا اعتبرت برلين أن "الولايات المتحدة تلحق ضرراً بالعالم أجمع عبر انسحابها من اتفاق المناخ"، وقالت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل "آسفة لقرار الرئيس الامريكي" داعية إلى مواصلة "السياسة المناخية التي تحفظ ارضنا".
كما اعتبر العديد من الوزراء الألمان الاشتراكيين الديمقراطيين، وفى مقدمتهم وزير الخارجية، سيغمار غابرييل، أن قرار ترامب، سيلحق ضررًا بالعالم أجمع.
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أعلن أن نظيره ترامب ارتكب خطأ تاريخيا بالانسحاب من الاتفاق، ودعا علماء المناخ ورجال الأعمال الأمريكيين المحبطين للمجيء الى فرنسا والعمل فيها.
وتحدّث ماكرون بالفرنسية والانجليزية، قائلاً "ترامب ارتكب خطأ بحق مصالح بلاده وبحق مستقبل كوكبنا"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة أدارت ظهرها للعالم". وردّ ماكرون على تلميح الرئيس الأمريكي إلى إمكان انخراط واشنطن بمفاوضات لتعديل اتفاق عام 2015 قائلاً "لن نعيد التفاوض بأي شكل من الأشكال على اتفاق يكون أقل طموحاً".
وخاطب ماكرون المدافعين عن المناخ قائلا “لنجعل كوكبنا عظيما مجددا”، مقتبسا الشعار الذي استخدمه ترامب خلال حملته الانتخابية.
رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني دعا بدوره الى عدم التراجع بالنسبة الى اتفاق باريس حول المناخ بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية.
وغرد جنتيلوني على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر "يجب ألا نتراجع، ايطاليا ملتزمة بخفض الانبعاثات والطاقات المتجددة والتنمية المستدامة".
الحكومة البلجيكية وصفت القرار الأمريكي بأنه "غير مسؤول"، وقال رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال في بيان أن "قرار الولايات المتحدة يجب ألا يكبح تعبئتنا من أجل مكافحة الاحتباس الحراري. علينا أن نضاعف الجهود لتجدد القوى الكبرى تأكيد التزاماتها."
رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ندد بقرار الرئيس الأمريكي واعتبر أن ترامب ارتكب "قراراً خاطئاً إلى حد خطير"، في حين قال المفوض الأوروبي للتحرك حول المناخ ميغيل ارياس، إن "اتفاق باريس سيستمر. يستطيع العالم ان يواصل التعويل على اوروبا في قيادة العالم لمكافحة التبدل المناخي"، مبديا "اسفه الكبير لقرار ادارة (دونالد) ترامب الاحادي".
رئيس البرلمان الأوروبي انطونيو تاجاني قال “يجب احترام اتفاق باريس. انها مسالة ثقة. ان اتفاق باريس حي وسنطبقه بحذافيره مع الادارة الامريكية أو بدونها.”
الصين: مؤسف للجميع
الصين التي نالها نصيب من خطاب ترامب والتي تعد أيضاً المصدر الأول لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، قبل الولايات المتحدة الأمريكية أكدت عزمه مضاعفة الجهود من أجل تطبيق الاتفاقية. وأكدت أن خروج ترامب من الاتفاقية أمر "مؤسف للجميع تقريبا"، ولو أنه "لم يكن مفاجئا على الإطلاق".
وأكد رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ الخميس في برلين أن بلاده "ستواصل تطبيق الوعود التي قطعتها بموجب اتفاقية باريس” الموقعة في العام 2016 من أجل الحد من ارتفاع حرارة الأرض، مضيفا أنه من الأفضل القيام بذلك “بالتعاون مع الآخرين."
حتّى أمريكا تندّد
لم يسلم قرار ترامب من التنديد الأمريكي، سواءً في الداخل أو من الجارة المكسيك، فقد ندد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بقرار خلفه دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق والذي كان أوباما وقعه.
وقال أوباما في بيان "اعتبر أن على الولايات المتحدة أن تكون في الطليعة، ولكن حتى في غياب القيادة الأمريكية، حتى لو انضمت هذه الادارة الى حفنة صغيرة من الدول التي ترفض المستقبل انا واثق بأن دولنا ومدننا وشركاتنا ستكون على قدر المسؤولية وستبذل مزيدا من الجهد لحماية كوكبنا من أجل الأجيال المقبلة."
من جانبها وصفت المكسيك التي تعد من الدول الرائدة في مكافحة التغيّر المناخي الالتزامات في اتفاق باريس للمناخ بأنها "واجب أخلاقي".
الرئيس المكسيكي انريكه بينا نييتو أكد دعمه للاتفاق، وكتب في تغريدة أن "المكسيك تحافظ على دعمها والتزامها باتفاق باريس."
منظمة السلام الأخضر: أمر مخيف
آني ليونارد، المديرة التنفيذية لمنظمة السلام الأخضر في الولايات المتحدة علقت على قرار ترامب بأنه "أمر مخيف" وأشارت إلى أن هذا الانسحاب يخرج أمريكا من زعامة المناخ العالمي. من جهته عبر كيران سوكلينغ المدير التنفيذي لمركز التنوع البيولوجي "إن ترامب أكد فقط ازدرائه لمستقبل كوكبنا"، وندد قائلًا "هذا الرفض المتهور للتعاون الدولي في مجال المناخ" يحول الولايات المتحدة إلى دولة مارقة."
وتهدف الاتفاقية التي ابرمتها 190 دولة في نهاية 2015 في العاصمة الفرنسية تحت اشراف الامم المتحدة، إلى وقف ارتفاع حرارة الأرض عبر خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
والانسحاب الامريكي من الاتفاقية سيشكل تفككا فعليا بعد 18 شهرا على هذا الاتفاق التاريخي الذي كانت بكين وواشنطن في ظل رئاسة باراك اوباما، أبرز مهندسيه.