الوقت - أثار اختيار السعودية لرئاسة لجنة حقوق المرأة في الأمم المتحدة جملة من التساؤلات حول خلفيات ودوافع هذا الاختيار، خصوصاً وإن السعودية تعد من أكثر البلدان انتهاكاً لحقوق المرأة في العالم.
ويعتبر الوضع الإنساني للمرأة السعودية من أكثر الأوضاع سوءاً حيث تحرم من قيادة السيارة والسفر أو الدراسة وحتى العلاج بدون رجل، ويتم التعامل معها على أنها مواطنة من الدرجة الثانية من حيث حصولها على حقوقها وامتلاكها للحريات.
وبالرغم من ذلك، تعمدت الأمم المتحدة تجاهل هذه الانتهاكات لتختار السعودية لرئاسة لجنة حقوق المرأة للفترة الممتدة بين عامي 2018 و2022.
وفي هذا الصدد علّق عدد من المتخصصين والباحثين في شؤون المرأة بكلام مدعومٍ بالأدلة والبراهين يثبت بأن هذا الاختيار تقف وراءه أجندة سياسية، ويؤكد بأن المرأة السعودية تعاني من انتهاكات شديدة لحقوقها في مختلف المجالات.
- اعتبر المدير التنفيذي لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية "هيليل نوير" بأن السماح للسعودية بحماية حقوق المرأة، يشبه تكليف شخص مولع بإشعال الحرائق، برئاسة إدارة الإطفاء، مؤكداً بأن هذا الأمر مناف للعقل والمنطق. وقال نوير إنه من السخيف جداً انتخاب السعودية لحماية حقوق المرأة، مضيفاً "إن كل امرأة في السعودية تفرض عليها قيود من أحد الذكور ممن تربطهم بها صلة قرابة، ليتخذ جميع القرارات نيابة عنها، وذلك منذ ولادتها وحتى نهاية حياتها".
- أكد موقع صحيفة "بيلد" الألمانية الواسعة الانتشار إن منظمات حقوق الإنسان ومنظمات مدافعة عن حقوق المرأة قد شعرت بالصدمة والذهول حين علمت أنه تم اختيار السعودية لقيادة لجنة شؤون المرأة في الأمم المتحدة. ونقلت الصحيفة عن بعض هذه المنظمات قولها: "كيف يمكن لدولة تنتهك حقوق النساء أن تنتخب في هيئة أممية تدافع عن هذه الحقوق؟!
- نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالاً مطولاً حول هذا الموضوع أكدت فيه أن السعودية تعتبر من أسوأ الأماكن بالنسبة إلى المرأة في العالم، متسائلة: "كيف يمكن للسعودية أن تسعى إلى تعزيز حقوق المرأة على الصعيد العالمي، في حين أنها لا تزال تميز تمييزاً واضحاً وشديداً ضد النساء وتعاملهن معاملة القصّر".
- من جانبها وصفت صحيفة "البايس" الإسبانية اختيار السعودية لحماية حقوق المرأة بـالسخيف وغير المقبول وبأنه يمثل استهانة بكرامة وحقوق المرأة في كل أنحاء العالم.
- أمّا صحيفة "الغارديان" البريطانية، فقالت إنه من سخرية القدر أن السعودية التي لا تزال تمنع النساء من قيادة السيارة، وتحرمهن من حقوقهن الشخصية والحريات، حصلت على تأييد 47 دولة من مجموع 54 عضواً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لهيئة الأمم المتحدة لتكون عضواً في لجنة حماية حقوق المرأة".
وتجدر الإشارة إلى أنه في يوليو/تموز من العام 2016 أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان "كمن يعيش في صندوق" رصدت خلاله معاناة النساء السعوديات. ووفقاً للتقرير فإن عشرات النساء السعوديات أكدن بأنهن يعاملن كقاصرات في بلادهن من الناحية القانونية حتى وإن كنّ بالغات، كما لا يستطعن اتخاذ أي قرار لأنفسهن دون تدخل الرجل".
ويعتقد الكثير من المراقبين بأن المال السعودي يقف وراء قبول الأمم المتحدة بتولي هذا البلد لواحدة من أهم المؤسسات التابعة للمنظمة الأممية والتي تعنى بحقوق المرأة في العالم، فيما يرى آخرون بأن العديد من كبار المسؤولين الغربيين لاسيّما في أمريكا وبريطانيا ومن بينهم السيناتور الأمريكي "جون ماكين " قد لعبوا دوراً مؤثراً في هذا المجال.
في هذا السياق يرى العديد من المحللين ومن بينهم المحاضرة في الجامعة اللبنانية الدولية "مروة عثمان" بأن الرشاوى المالية التي تقدمها الرياض لمسؤولين كبار في الأمم المتحدة لا تعتبر أمراً جديداً، ولهذا ليس من المستغرب أن تحصل السعودية على رئاسة لجنة حقوق المرأة في هذه المنظمة الدولية، لكن الغريب هو صمت الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية الإقليمية والدولية تجاه هذا الأمر، وكذلك تجاهل هذه المنظمات للجرائم والانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها الرياض بحق النساء في الداخل والخارج كما يحصل منذ أكثر من سنتين جراء عدوانها الغاشم على اليمن.
ولفتت العديد من التقارير الدولية إلى أن السعودية قامت بقطع رؤوس الكثير من النساء أمام الملأ العام في الساحة المعروفة باسم "ساحة الصفا" بتهم ملفقة وعبر محاكمات تفتقد إلى أبسط المقومات والشروط القانونية.
وأكدت هذه التقارير بأن ضرب المرأة في السعودية من قبل زوجها بات أمراً عادياً، وهناك برامج تبث عبر وسائل الإعلام الرسمية كالإذاعة والتلفزيون ويقدمها بعض المشايخ من بينهم "خالد الصقعبي" لتعليم الرجال كيفية ضرب المرأة وحرمانها من حقوقها لإرغامها على تنفيذ أوامر لا إنسانية ومثيرة للسخرية في كثير من الأحيان.