الوقت- مع ارتفاع حدة الاحتجاجات الفلسطينية في المسجد الأقصى وعجز الاحتلال أمامها، لا تخفي محافله الأمنية والعسكرية انزعاجها مما حققته حماس من إنجازات في المواجهة الدائرة ضد الاحتلال، على طريق تأسيسها سياسة ردع جديدة، حيث يبدي الاحتلال قلقه من إظهار حماس لنفسها على أنها "المدافع عن القدس والمسجد الأقصى" وعن مخيم جنين للاجئين.
فالكيان الصهيوني خائف مؤقتاً إلى حد أن حماس تأخذ مستوطني غلاف غزة كرهائن، ومهمتها الأولى في الوقت الحالي حماية المسجد الأقصى، وهي تأخذ في الاعتبار أنه بعد رمضان مباشرة، سيحاول الكيان الصهيوني المؤقت والأردن استعادة موقعهما في المسجد الأقصى، وتعزيز سيطرتهما عليه، وتتبع مع الاحتلال سياسة حافة الهاوية، وكلما قام بأنشطة مستفزة في القدس، ستطلق الحركة صواريخها على مستوطنات غلاف غزة.
بدوره يوني بن مناحيم، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ذكر في مقال نشره موقع "نيو ون"، ، أن "إسرائيل تلعق جراحها، لكن حماس تحتفل بالنصر، وهي تعزو ذلك إلى استراتيجية أسستها معادلتها الجديدة "غزة - القدس"، في المواجهة مع "إسرائيل" منذ معركة سيف القدس، وجاءت أحداث الأسابيع الأخيرة لتعزز هذه المعادلة، انطلاقا من فرضية مفادها أن الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة والدمار".
وتابع أن "حماس حققت حتى الآن عدة إنجازات، أولها دفع أقدام "إسرائيل" والأردن والسلطة الفلسطينية من المسجد الأقصى واستيلاء حماس عليه، وتعبئة الشارع المقدسي عبر رفع أعلامها على المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وتتوج ذلك باضطرار "إسرائيل" لإلغاء مسيرة الأعلام خوفا من إطلاق صواريخ حماس، حتى أن التسليم الإسرائيلي مع "تساقط" الصواريخ من غزة على مستوطنات الغلاف يأتي خوفا من جولة أخرى من القتال في غزة".
ووفق المعطيات الإسرائيلية فإن حماس قررت القيام بنشاط محدود لإطلاق صواريخ بـ"التنقيط" على "إسرائيل" لعدة أسباب، أولها الاحتفاظ بمساحة إنكار، فالحركة لا تعترف بمسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، وتقول للوسطاء أن من يطلقها عناصر "جامحة" في قطاع غزة، رغم أن الحركة، وفق التقدير الإسرائيلي، تحاول اجتياز عيد الفطر بهدوء نسبي في قطاع غزة، ولا تريد استمرار العقوبات المصرية التي هددت بوقف أعمال إعادة الإعمار إذا شنت جولة جديدة من القتال ضد "إسرائيل".
ومن جانبها تتخوف الأوساط العسكرية الإسرائيلية من أن حماس ربما تتجهز لخوض مواجهة عسكرية مع الكيان الصهيوني المؤقت في الفترة القادمة، من خلال تصعيد تدريجي على الحدود الجنوبية، والخلاصة أن الحركة أسست معادلة ردع جديدة مع الاحتلال لها تداعيات خطيرة على سياسته في الردود العسكرية، ما يؤكد أن الكيان الصهيوني المؤقت أمامه أسابيع قليلة أخرى تتعلق بالوضع الأمني، رغم أنها تظهر أيديها مقيدة في حال استئناف الهجمات المسلحة في المدن الإسرائيلية، أو إطلاق الصواريخ على التجمعات الاستيطانية في قطاع غزة.