الوقت_ منذ بدء السعودية بالتقارب بشكل كبير مع الكيان الصهيونيّ المجرم، وترحيبها باتفاقات العار التي أدخلت بعض الدول والخليجيّة والعربيّة إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّ، أعلن نظام آل سعود حربه الضروس على الفلسطينيين، فالعدو كما هو واضح واحد، رغم اختلاف الحيثيات وأسماء الزنازين، أوضح المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنّ السلطات السعودية اقتحمت منزل ممثل حركة "حماس" المعتقل، محمد الخضري، في ظل الضغوطات التي تمارسها الرياض على المعتقلين من الجنسيتين الفلسطينيّة والأردنيّة، القابعين في سجونها منذ سنتين بتهمة "دعم القضية الفلسطينيّة".
في الوقت الذي تعتقل فيه قوات الأمن السعوديّ المدافعين عن قضيّة الشعب الفلسطينيّ في عدة سجون، بينها الحائر وعسير وأبها وذهبان، دون أن تُوَجَّه لهم أيّ تهمٌ أو يمثلوا أمام القضاء، فضلا عن حرمانهم حقّ الزيارات الأهليّة أو الاتصال بذويهم، بحسب "المنظمة العربيّة لحقوق الإنسان"، أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن أجهزة الأمن السعودية أخضعت زوجة الخضري (وجدان 70 عاماً)، وزوجة نجله المعتقل أيضاً (هاني)، إلى تحقيق لعدة ساعات، واحتجزتهما عدة ساعات قبل أن تخلي سبيلهما، بعد توقيعهما على تعهد بعدم الحديث حول حالة المعتقل.
ومع وضوح الموقف السعوديّ الرسميّ بشكل جليّ تجاه فلسطين، عقب موجة الخيانة الخليجيّة والعربيّة التي لم تحدث بالتأكيد دون موافقة الرياض، تستكمل الأخيرة فصول خيانتها وتزج بكل من يؤيد القضية المركزيّة للعرب والمسلمين، فبعد مُضيِّ زمن طويل على اعتقالهم، وجّه المدعي العام السعوديّ في الرياض اتهامات فضفاضة للعديد منهم، وأبرز تلك الانضمام لكيان إرهابيّ ودعمه وتمويله، رغم مساهمتهم الكبيرة ببناء بلاد الحرمين، منذ مكوثهم فيها قبل 50 عاماً.
وفي هذا الخصوص، أخضعت أجهزة الأمن زوجة الخضري للتحقيق، وصورت المنزل، وفتشته بطريقة استفزازية، وصادرت هاتفها، وأبلغتها انزعاج السلطات من التحركات المطالبة بالإفراج عن زوجها، ولوحت بمعاقبة وترحيل باقي أفراد العائلة، في ظل المناشدات الإنسانيّة للإفراج عن أبنائهم وإعرابهم عن مخاوفهم من أوضاع أبنائهم الأسرى، وخاصة أنّ الزيارات شبه مقطوعة منذ شهر آذار/ مارس المنصرم، بذريعة تفشي فيروس كورونا المستجد.
وتعتقل سلطات آل سعود الخضري ونجله وعشرات آخرين، بتهمة دعم وتمويل حركة "حماس"، منذ أبريل/ نيسان 2019، فيما يعاني من حالة صحية سيئة للغاية، استدعت سلطات سجن "ذهبان" في جدة نقله إلى المستشفى مؤخراً، وكانت السلطات السعودية قد شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين وداعميهم وكفلائهم، شملت ما يقارب الـ 70 شخصاً، وتم توجيه اتهامات باطلة ضدهم من قبل المدعي العام السعوديّ في الرياض، وكانت حركة "حماس" الفلسطينيّة، التي يحاكم ممثلها في الرياض، محمد الخضري ونجله هاني، قد دعت سلطات المملكة لوقف المحاكمات، لعدد من أنصارها، وإطلاق سراحهم من دون قيد أو شرط مسبق، لكن السعوديّة لم تستجب أبداً لتلك المطالب ولم تعلق عليها حتى.
وفي وقت سابق، أوضح شقيق أحد المعتقلين الفلسطينيين بسجون المملكة، أنّ والده خسر حياته نتيجة إصابته بفيروس كورونا، وهو يوصيهم على شقيقهم المعتقل في زنازين السعودية منذ عامين دون أن يراه، وأنّ عائلة السجين لا تعلم شيئاً عن ابنها المعتقل، عقب انقطاع الزيارات جراء قرارات منع أصدرتها سلطات آل سعود بعد تفشي فيروس كورونا، قبل عام.
وبالتزامن مع ارتفاع حدة المخاوف من قبل أهالي المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين على حياة أبنائهم في ظل الأوضاع الصحية الصعبة، وجه رئيس لجنة أهالي المعتقلين الأردنيين، خضر المشايخ، مناشدة للجهات المسؤولة بالرياض، بضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين، والإنجاز العاجل والسريع لمجريات المحاكمة، بما يكفل الإفراج عنهم، قائلاً: "آن الأوان لإغلاق ملف المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين في السعودية".، لكن مناشداته لم تلق آذاناً صاغيّة.
وتشير الأنباء إلى أنّ معظم المعتقلين تعرضوا على مدار تلك المدة من الإخفاء القسريّ للإهانة والتعذيب، وغيرها من ضروب المعاملة الوحشيّة وغير الآدميّة، كما جرت جلسات محاكماتهم السابقة دون تمكينهم من توكيل محامين للدفاع عنهم، إذ منعت السلطات السعوديّة محامين سعوديين من المرافعة عنهم أو حضور جلسات المحاكمة، في الوقت الذي يعيش فيه أهاليهم معاناة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ناهيك أن بعضهم قد توفي في ظل غياب آخرين عن أراضي المملكة ممن فقدوا وظائفهم.
أكثر من ذلك، حصل القادة السياسيون في مملكة آل سعود على الفتاوى الوهابيّة لخلق الشرعيّة لأفعالهم الإجراميّة في البلاد دون رقيب أو عتيد، ما حول المحاكمات الغير قانونيّة التي تجريها الرياض بحق المعتقلين الأردنيين والفلسطينيين، إلى محاكمات سياسيّة - أشبه بالتي أجرتها عقب تقطيع الصحافيّ السعوديّ جمال خاشقجي، أي غير مبنيّة على أساس قانونيّ، وتؤكد منظمات حقوقيّة أنّ جهات التحقيق حاولت إلباسها لبوساً جنائيّاً لتشويه سمعة المعتقلين، وتبرير ما تعرضوا له من انتهاكات.
ومع انقلاب الموقف السياسيّ للسعودية وتحوله إلى داعم حقيقيّ للعدو الصهيونيّ المُستبد، يؤكّد أحد أقرباء المعتقلين الفلسطينيين بالسعودية، أنّ الظروف السياسيّة والإقليميّة هي التي أدت إلى حملة الاعتقالات الأخيرة، بعد أن أصبحت بلاد الحرمين محرمة على الفلسطينيين وداعميهم، فيما تحولت إلى مرتع للصهاينة، تخدم المشاريع الاقتصاديّة لقاتل الأطفال الصهيونيّ، وتقدم له "فرصة ذهبيّة" من الناحية الاقتصاديّة.
علاوة على ذلك، لم تغير الحملات التضامنيّة مع المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين في السعودية من المنهج الاستبداديّ لسلطات المملكة الداعم للكيان الغاشم، والتي تهدف إلى الإفراج عن المعتقلين، وضمان حصولهم على جميع حقوقهم القانونيّة والإنسانيّة، عقب اعتقالات الواسعة في صفوف الفلسطينيين وداعميهم وكفلائهم، والتي شملت ما يقارب الـ 70 شخصاً، مع توجيه اتهامات باطلة ضدهم من قبل المدعي العام السعوديّ في العاصمة السعودية.
ومن المثير للاهتمام أنّ السعوديّة تحارب قضيّة فلسطين بيد، وتدعم الكيان الصهيونيّ الدمويّ باليد الأخرى، ولابد من التذكير بأنّ أبوظبي وتل أبيب مقبلتان على إقامة مشروع بحريّ يربط مدينة إيلات بمدينة جدة السعودية، حيث كُشف عن المخطط خلال زيارة وفد إماراتيّ إلى الأراضي الفلسطينيّة المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو، قبل بضعة أشهر، بعد جولة ميدانية في ميناء مدينة إيلات "أم الرشراش المصريّة"، على ساحل خليج العقبة في البحر الأحمر، والتقى الوفد بمسؤولين صهاينة، قاموا بزيارة مماثلة إلى أبو ظبي لبحث التفاصيل المتعلقة بتنفيذ المشروع.
في الختام، يحاول محمد بن سلمان إرضاء أسياده في تل أبيب وتمرير "صفقة القرن" الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، للتعتيم على انعدام الحقوق المدنيّة والسياسيّة داخل بلاده منذ توليه ولاية العهد عام 2017، حيث عمدت سلطاته على تنفيذ حملات كبيرة من الاعتقالات التعسفيّة بحق المعارضين، والناشطين، والمثقفين، اضافة إلى المنافسين من العائلة الحاكمة، وبالتزامن مع الضغط غير المجدي من قبل المنظمات الدوليّة والحقوقيّة لإنقاذ السجناء القابعين داخل السجون في غياهب النسيان، لا يبدو أنّ من يقتل شعبه داخل السجون سيكون أكثر رحمة مع غيره.
بالنظر إلى كل الوقائع، ترغب السعوديّة من الفلسطينيين والأحرار المقيمين على أراضيها أن يكونوا مجردين من وطنيّتهم وقضيّتهم وأحاسيسهم، وإلا سيحصلون على "إقامة دائمة" داخل الزنازين المنتشرة في البلاد بتهمة دعم قضية المسلمين والأحرار في العالم، في الوقت الذي أصبح فيه "دعم فلسطين" من المحرمات داخل بلاد الحرمين الشريفين التي يسيطر عليها نظام آل سعود الوهابيّ، الداعم الأول للتنظيمات الإرهابيّة في العالم.