الوقت- لطالما كان استخدام أنظمة الطاقة المباشرة مثل الليزر في أنظمة الأسلحة مصدر قلق للمصممين وصناع أنظمة الأسلحة، ولقد انتشر استخدام نماذج من هذه الأسلحة في أفلام الخيال العلمي، وخاصة في مسلسل حرب النجوم السينمائي.
لكن أسلحة الليزر أو الطاقة المباشرة لم تكن سوى أفكار يتم الاستعانة بها في الأفلام السينمائية والروايات الخيالية، وبعد مرور عقود من التحقيقات المستمرة، بدأت هذه الأسلحة بالظهور تدريجياً في ساحة المعركة الحقيقية.
ورغم العديد من المعوقات التقنية القائمة، أضحى متاحاً الحديث عن سلاح ليزري يحاكي نماذج الأفلام، من المرجّح أن يشكّل الأساس لأي تفوّق استراتيجي في المستقبل.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الكثير من بلدان العالم لصناعة وإنتاج مثل هذه الأنواع من الأسلحة، كشف اللواء "شاروخ شهرام"، النائب الأول لوزير الدفاع الإيراني يوم الأحد الماضي، أن طهران تستعد لنشر أسلحة ليزر فتاكة عالية الدقة يمكنها أن تواجه أمريكا في المستقبل القريب.
وأشار "شهرام"، إلى أن هذه الأسلحة الفتاكة عالية الدقة قادرة على إبادة الطائرات المسيرة والحربية.
ولفتت إلى أن إيران أصبحت تمتلك مدافع ليزر متطورة، وقال اللواء "شاروخ شهرام": إن طهران حصلت على الدراية الفنية لتصنيع واستخدام المدافع المتقدمة باستخدام أشعة الليزر عالية الطاقة، وأوضح "شهرام"، أنه يتم استخدام الليزر في أنظمة المدفعية لغرضين إما المساعدة في زيادة حجم النار أو في كيفية التنقل والدقة في تحديد الهدف.
وأشار "شهرام" إلى أن القوات العسكرية الإيرانية تستخدم تكنولوجيا الليزر في إعداد أنظمة المدفعية، وإطلاق ذخيرة المدفعية، وفي الرادارات التي ستكتشف بدقة وتتعقب وتضرب الأهداف المعادية، مضيفاً إن طهران طوّرت أسلحة محلية باستخدام تكنولوجيا الليزر، مع امتلاك جيش البلاد لأسلحة تعمل بالليزر قادرة على إبادة الطائرات الشبح.
يُذكر أن طهران أسقطت مؤخراً طائرة أمريكية من دون طيار باستخدام معدّات ليزر فتاكة طوّرها علماؤها.
محاولات طويلة لامتلاك سلاح غير مرئي
بذل الكثير من العلماء ومُطوري أسلحة الليزر الكثير من الجهود، خاصة في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، خلال ذروة مبادرة الدفاع الاستراتيجي، الملقبة بـ"حرب النجوم"، لإنتاج وصناعة أسلحة ليزرية، حيث بلغ إنفاق أمريكا على بحوث أسلحة الليزر ذروته في عام 1989.
واستمر التمويل منذ ذلك الحين، ولكن على مستويات أدنى من الإنفاق وكان الهدف الأساسي لكل هذه الأبحاث، هو المقدرة على إسقاط الصواريخ الباليستية.
جدير بالذكر هنا أن قوة أي سلاح ليزري تكمن في تركيز طاقته على بقعة صغيرة بما يكفي لتسخين الهدف وتدميره، وأثناء محاولة اختبار للقيام بذلك مع آلة مدمجة ومحمولة، بما يسمح باستخدامها في أجواء معركة، اتضح أن الكلام النظري أسهل بكثير من التنفيذ، ففي عام 1996 بدأ سلاح الجو الأمريكي مشروع تطوير سلاح ليزر محمول جواً، كواحد من إسهاماته في الدفاع ضد الصواريخ الباليستية.
وحيث إنه كان من المستحيل في ذلك الوقت توليد قدرة الميغا وات المطلوبة من القدرة الضوئية كهربائياً، اختار المطورون ليزر اليود الأكسجيني الكيميائي، الذي يمكن تشغيله عن طريق تفاعل كيميائي، تاركاً مساحة صغيرة لوقود الليزر.
ويقول "بول شاتوك"، رئيس نُظم الطاقة الموجهة في شركة "لوكهيد مارتن لأنظمة الفضاء"، التي أمدّت المشروع بتقنيات التحكم في الشعاع، إنه يحتاج إلى وحدات خلط عن بُعد، ومواد كيميائية وزنها عشرات الآلاف من الأرطال.
وفي السياق ذاته، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن واشنطن بدأت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بإطلاق مشروع "YAL 1"، وهي طائرة نظام أسلحة ليزر محمول جوي تجريبية من ضمن مشروع الميغاوات الأكسجين الكيميائي اليود الليزر التي وضعت داخل طائرة معدلة من طراز بوينغ "747" لتكون نظام دفاع صاروخي لتدمير الصواريخ الباليستية التكتيكية.
وفي هذا الصدد، أعرب وزير الدفاع الأمريكي السابق "روبرت غيتس"، بأنه وجميع طاقم وزارة الدفاع الأمريكية بأن هذا المشروع لن ينجح ولن يرى النور وبالفعل بعدما صرفت الحكومة الأمريكية مليارات الدولارات على هذا المشروع، أيقنت في نهاية المطاف بأن هذا المشروع لم يحقق كل التطلعات التي صُنع من أجلها وأنه يجب عليهم بذل الكثير من الجهود للوصول إلى ما يطمحون إليه.
وبينما لا تزال العديد من الدول تعمل على تطوير أسلحة الليزر الخاصة بها، قامت روسيا خلال السنوات الماضية بتصميم الليزر باعتباره أحد أهم الأسلحة المعاصرة التي ستحلّ محلّ المدافع والرشاشات في المستقبل.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير بأن روسيا أزاحت الستار عن العديد من التطورات داخل الجيش والهيئة العسكرية المختصة في صناعة الأسلحة وقالت بأنها تعمل على تطوير أسلحة الليزر بالتوازي مع أمريكا في عام 2014، حيث كان الاتحاد السوفيتي قد اخترع فكرة إنشاء أسلحة ودبابات الليزر.
ولقد ظهرت نظم الليزر على أرض الواقع على وحدات ذاتية الدفع في الاتحاد السوفياتي عام 1982 عن طريق تطوير المنظمات غير الحكومية المختصة في "الفيزياء الفلكية"، حيث طوّرت نظام ليزر ذاتي لمواجهة أجهزة البصريات الإلكترونية.
المعوقات والمشكلات التي تواجه أنظمة الليزر
كشف العديد من الخبراء العسكريين بأن هذا النوع من الأنظمة يحتاج إلى وحدات خلط عن بُعد، ومواد كيميائية وزنها عشرات الآلاف من الأرطال وثمة مشكلة رئيسة أخرى تكمن في الغلاف الجوي، وهنا يوضح عدد من علماء فيزياء الطاقة، بأن الأمر لا يقتصر فقط على تشتيت شعاع الليزر عن طريق الغبار والاضطرابات الطبيعية، ولكن مروره خلالهما يسبّب التوهج الحراري، وعندما ينتشر شعاع بقدرة عالية جداً فإن الغلاف الجوي يمتص ضوء الليزر، مسخّناً الهواء، ما يتسبّب في تشتت شعاع الليزر وتبدده.
وبالنظر إلى تلك المعوقات، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف هو الوضع بالنسبة لإيران؟، وللإجابة على السؤال ينبغي على المرء أن يأخذ في الاعتبار أن المعلومات حول خصائص نظام الليزر الإيراني غير متوافرة، لكن وفقاً للواء "شهرام"، يمكننا تخمين أن ذلك النظام الدفاعي هو قصير المدى وهذا الأمر لن يؤثر أو يتأثر بالغلاف الجوي.
مميزات امتلاك أسلحة ليزر؟
إن أنظمة الدفاع بالليزر سريعة جداً وتتحرك مقذوفاتها بسرعة الضوء ولطالما كانت هذه الأنظمة تمتلك الطاقة، فإنها ستستمر في إطلاق شعاع الليزر، وقد ذكرت بعض المصادر الصناعية والعلمية بأن تكلفة إطلاق كل شعاع ليزر يكلف فقط بضعة سنتات.
ولهذا فإننا نرى اليوم، أن أمريكا والصين وروسيا وألمانيا وإيران، يبذلون الكثير من الجهود لصناعة أنظمة ليزر قصيرة المدى أو ثابتة المدى، وذلك من أجل الدفاع عن منشآتها الحساسة من أي ضربات جوية محتملة، ومن المؤكد أن تلك الدول قد قطعت شوطاً طويلاً واستطاعت تحقيق بعض النجاحات في هذا الطريق ولذا يمكن القول الآن، إن أسلحة الليزر أصبحت حقيقة عملية في مجال الدفاعات الجوية قصيرة المدى.