الوقت- تشهد العملية السياسية اليمنية هذه الأيام حراكاً واسعاً عنوانه هذه المرة رفض مشروع الأقاليم الستة الذي وافق عليه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بمباركة من دول خليجية على رأسها السعودية وبضوء أخضر من امريكا التي ترى في هذا التقسيم العامل الرئيس لتحقيق اجندتها في اليمن.
فخارطة تقسيم اليمن ضمن دولة اتحادية الى ستة اقاليم فدرالیة رفضها طیف عریض من الشعب الیمنی ومن بینهم ممثل حركة انصار الله في لجنة كتابة المسودة النهائية للدستور مثلما يرفضها الحراك الجنوبي كونها تتعارض مع اتفاق السلم والشراكة وتفتت البلاد وتعتبر أن هذه التقسيم الاجباري لا يفضي الى أيه حلول اساسیة إنما يجذر المشكلات التي تأتي خلافاً لأرادة المجتمع اليمني كون اي تقسيم سياسي لا يستند للارادة الناس سيكون أساس لاختلالات خطيرة في بنية الدولة على المدى المستقبلي . وفي المقابل تسعى كل من حركة أنصار الله والحراك الجنوبي وبعض الشركاء في الداخل الى جعل المشروع يتضمن اقليمين فقط شمالي وجنوبي والابتعاد عن المخططات الخارجية التي ما زالت تحاك ضد العملية السياسية في اليمن خاصة بعد انتصار الثورة الاخيرة والنجاحات التي حققتها. فقرار تقسيم اليمن إلى أقاليم فيدرالية نتاج أميركي بريطاني سعودي بالدرجة الأولى ليس اكثر.
وفی هذا السیاق لم تتوقف وفود الرئيس هادي على التوافد على مدينة صعدة في محاولة بائسة على مايبدو لاقناع حركة أنصار الله والسيد عبد الملك الحوثي الذي أعلن مراراً وتكراراً أن هذه المبادرة مرفوضة شكلاً ومضموناً وهي تشكل مخالفة واضحة لاتفاق السلم والشراكة الموقع بين الفرقاء اليمنيين الذي يضمن للجميع الحضور في كل مرافق الدولة ومحاربة الفساد والابتعاد عن فكرة الاستحواذ والتفرد في القررات الهامة للبلاد.
وبحسب محللين فأن الآلية التي اتبعت في مشروع الأقاليم الستة هذا تعتمد على تقسيم البلاد على اساس مناطقي وطبقاتي بين الاغنياء والفقراء فهذه التقسيمات الادارية ستقضي على التماذج بين مكونات المجتمع اليمني وستفضي بطبیعة الحال علی فكرة الدولة الاتحادية والتي تضم ستة أقاليم هي "الإقليم الأول يضم: المهرة، حضرموت، شبوة، سقطرى، ويسمى إقليم حضرموت وعاصمته المكلا، والإقليم الثاني يضم: الجوف، مأرب، البيضاء، ويسمى إقليم سبأ وعاصمته مأرب، اما الإقليم الثالث فيضم: عدن، ابين، لحج، الضالع، ويسمى إقليم عدن وعاصمته عدن، والإقليم الرابع يضم: تعز، اب، ويسمى الجند وعاصمته تعز، والإقليم الخامس يضم: صعدة، صنعاء، عمران ذمار ويسمى إقليم آزال وعاصمته صنعاء، والإقليم السادس يضم: الحديدة، ريمة، المحويت، حجة ويسمى إقليم تهامة وعاصمته الحديدة
الدور المشبوه في التقسيم :
لا يخفى على أحد أن اليمن يتعرض وما يزال لضغوط شديدة منذ ما يقرب من 4 سنوات للوصول إلي تقسيمه، ومن الواضح أن اليمن لم يكن يعجب دول كبرى وهو في وحدته ومساحته الجغرافية المترامية الاطراف . فالسعودية بدأت المساعدة كشريك أساسي مع اسرائيل وأمريكا في مشروع تقسيم البلاد العربية ، كما كان مخططا له منذ عام 2003 وفقا لحسابات سايكس بيكو الجديدة، وهو ما بدأ بالفعل تنفيذه، كما أن الدول العربية المعرضة للتقسيم هي بالأضافة الى اليمن العراق وسوريا ومصر والسودان التي مرت بهذه التجربة سابقا وليبيا التي لم يبقى شيء فيها لم يقسم.
والذي يجري في اليمن الان هو وجود مخطط تقف وراءه وترعاه وتشرف عليه كل من السعودية والولايات المتحدة الاميركية وينفذه الرئيس هادي والاخوان المسلمين و الجناح العسكري للتجمع اليمني للاصلاح وهو تقوية القاعدة في اليمن ككل لاستخدامها كورقة لاضعاف انصار الله، وارهاب الشعب والحركات الثورية وهو مخطط كامل لتدمير البلاد.بالاضافة الی الرغبة السعودیة علی وجه التحدید لضم اجزاء من الیمن للملکة کما حصل مع جازان وعسیر.
ومما يؤكد هذا الكلام تسليم محافظة مأرب الغنية بالنفط للقاعدة كما تم تسليم محافظة الموصل العراقية لـ تنظيم ( داعش ). وبحسب شهود فقد تم قبل حوالي الاسبوعين تسليم معدات واسلحة لتنظيم القاعدة من احد الكتائب العسكرية برعاية الرئيس هادي وكانت المملكة السعودية قد دفعت 500 مليون دولار للرئيس هادي ليمول القاعدة في مأرب لكي يضعف الحركة الثورية لانصار الله. فالرئيس الیمنی يدعي عكس ما يخفيه فلو كان جادا في محاربة القاعدة لدفع الجيش الذي يتسلم المليارات وهو بلا عمل للنزول لقتالهم في مدينة البيضاء بدلا من ان تلاحقهم اللجان الشعبية.
اذا فمشروع التقسيم والفدرالیة ليس صدفة بل هدفه تخريب مشروع الانتقال التاريخي وبناء الدولة اليمنية الحديثة. ومشكلة اليمن اليوم إقامة دولة حقيقية بمؤسسات مدنية جديدة تنقذ اليمنيين من أربعين عاما من التخلف الإداري، لبلد كثيف السكان وقليل الموارد.
في النهاية لا نقول ان ليس للفدرالية مزايا ولكن نؤكد أن الفدرالية ليست عصا سحرية لتحسين الأوضاع إلى الأفضل بقدر ماهية توزيع السلطة والثروة، واستفادة كل إقليم بثرواته وإبراز كفاءته ومن حقنا أن نتسأل من أين جاءت فكرة الفدرالية في اليمن من الداخل أم الخارج خاصة في ضوء ورود تقارير على إن أقل من نصف اليمنيين سمعوا عن الفيدرالية او يعرفون عيوبها ومزاياها؟ وإذا كان للتقسيم الفدرالي أجندة أجنبية هل يمكن أن يكون موقع اليمن الاستراتيجي مغرياً للقوى الأجنبية لتقوم بتقسيمه للسيطرة على أجزاء منه ؟ أم أن الخارج يعمل سياسياً واقتصاديا وبوسائل مختلفة للوصول إلى أهدافه ولنا بما جرى في السودان في المدى القريب و ضياع إقليم السودان الجنوبي مثال واضح.