الوقت- وضع التقارب بين مصر وقطر خلال الفترة الأخيرة، ووقف بث قناة الجزيرة مباشر مصر، الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في مأزق كبير، رغم حصوله على الجنسية القطرية، وعلاقته الجيدة بالأسرة الحاكمة في الدوحة، لكن التطورات الأخيرة بما اشتملته من وضعه على قوائم الإنتربول الدولي للمطلوبين، وكذلك مبادرة الملك السعودي للتصالح بين القاهرة والدوحة، جعلته يعيش حالة اكتئاب خوفاً على مصيره جراء تلك المصالحة.
كان الشيخ يوسف القرضاوي من الرموز الإسلامية التي كانت تُحسب على تيار الاعتدال حتى قبل سنوات قليلة فقط من كتابة هذه السطور، وكان يُعتبر عند كثير من المتابعين من المجددين في الفقه الإسلامي الحديث وخاصة كتابه ذائع الصيت "الحلال والحرام في الإسلام"، الذي تسبب في شن هجوم عنيف عليه من قبل كثير من علماء الدين سواء المحسوبين على التيارات السلفية أو الأشعرية.
فبعد عاصفة ما يسمى "بالربيع العربي" جعل الإعلام العربي وخاصة قناة "الجزيرة" القرضاوي وكأنّه الناطق الرسمي والأب الروحي للمظاهرات التي كانت تعم تونس ومصر، وكانت خطب القرضاوي تدعو الجماهير المصرية إلى مواصلة التظاهر حتى تنحي مبارك وإسقاط النظام، ولذلك لم يكن مستغربًا أن يكون القرضاوي أول إمام يؤم المصلين في أول جمعة في ميدان التحرير بعد سقوط مبارك، وكان الدور الأخطر الذي لعبه الرجل في "الربيع العربي" هو في الموضوع الليبي، فبعد انطلاق المظاهرات في هذا البلد التي تحولت مع الأيام إلى صراع دموي مسلح مع نظام القذافي، بادر القرضاوي إلى إصدار فتوى بإهدار دم العقيد الراحل وقتله حيث قال فيها وبالحرف الواحد "وأنا هنا أفتي من يستطيع من الجيش الليبي أن يطلق رصاصة على القذافي أن يقتله ويريح النّاس من شره.
لکن سرعان ماتبدل الموقف, فأصبح الشيخ في واقع لا يحسد عليه خاصة" بعد الإعلان الذي نشرته الشرطة الدولية (الإنتربول)، على موقعها على الإنترنت، بإدراج العلامة الشيخ يوسف القرضاوي على قوائمها، ومنحه تصنيف “اللون الأحمر”، وأنه مطلوب للتوقيف والبحث عنه أو احتجازه بشكل مؤقت، تمهيدًا لتسليمه لبلده -مصر- استنادًا إلى مذكرة توقيف؟ بالاضافة الى تأزم علاقته مع کل من الامارات والسعودية بالاضافة الى مصر .
لکن ماهي الاسباب التي أدت الى توتر العلاقات بينه وبين راعيه ؟
أولا" الأزمة التي تسبب فيها القرضاوي بين حكام قطر وجيرانهم في دولة الإمارات العربية، حيث انتقد الشيخ شرطة الإمارات لأنها طردت اللاجئين السوريين الفارين من بشار الأسد.
ثانيا" هو أن الدوحة ترفض تعيين نجله أسامة سفيرا لها في القاهرة رغم أنه حاصل علي الجنسية القطرية ويشغل منصب نائب الممثل الدائم لقطر في جامعة الدول العربية، ويقيم بالقاهرة، ولا يعرف القرضاوي نفسه سر رفض قطر تعيين ولده.
ثالثا" أكثر ما يوغر صدر الشيخ ضد الحكومة القطرية التي كان ينتظر من سلطاتها أن تحفظ وتميت قضية الأحوال الشخصية التي حركتها ضده مطلقته الجزائرية الحسناء أسماء بن قادة في قطر والتي طلقها الرجل ولم يعطها حقوقها .
اخيرا" المصالحة التي حصلت مؤخرا" بين قطر من جهة وبين مصر والامارات برعاية سعودية من جهة اخرى .هذه الاسباب کانت کافية لتجريد القرضاوي من الإمتيازات التي کان يتمتع بها بعد سنين من الأخذ والرد حول تصريحاته التي اوجد جدلا" ونقدا" کبيرا" في الاوساط السينة. کل ذلك الجدل طال ايضا" المنظمات التکفيرية الذي اشتعل حربا" بالفتاوى بينهم خاصة" مع تنظيم "داعش ، وذلك بعد أن نزع الشيخ القرضاوي غطاء الشرعية عن أبو بكرالبغدادي خليفة داعش .فقد اعتبر القرضاوي في بيان له أن اعلان الخلافة جاء "بلا أي معايير شرعية ولا واقعية، وضررها أكثر من نفعها"، مضيفا: "كلنا نحلم بالخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، ونتمنى من أعماق قلوبنا أن تقام اليوم قبل الغد، ولكن الإسلام علمنا، ومدرسة الحياة علمتنا: أن المشروعات الكبرى لابد لها من تفكير طويل، وإعداد ثقيل.
تلك الفتاوى أثارت تنظيم "داعش" ,حيث وصف التنظيم الإخوان وحماس بالمرتدين، واستهزأ بالقرضاوي وفتواه التي انتقد فيها، الخلافة الإسلامية التي أقامتها داعش بالعراق وتنصيب أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين.
وبناء" على ما تقدم فان الشيخ القرضاوي بسبب افکاره التي ازعجت الجميع في الأونة الأخيرة وبعد إنتهاء دوره کمفتي للسلاطين , اصبح يتيم الحضن مبعدا" وملاحقا" دوليا".الاهم من ذلك فقد تم تقديمه کبش فداء من أجل ان تبقى العائلات الحاکمة قابعة على كرامات الشعوب ومن اجل ان يبقى علماء الامة منبرا" للتفرقة يشعلون الأمة بفتاويهم الفتانة ويشعلون حربا" طائفية لا تبقي ولا تذر.
