الوقت- وحدها على المسرح، لكنها ملأته، لم تترك منفذ فراغ تعبر منه الصورة لغير المرأة التي تجسّدها بوضوح وصراحة ورغبة أسيل عياش، التي حضرت بثقة والتزام على خشبة district 7 طاوية 15 عاماً من "طرف خيط" لتغزل منه مجدداً إمرأة مختلفة.
قبل 15 عاماً كانت الممثلة أسيل عياش، تقدم عملها المسرحي "طرف خيط"، وفي لحظة ما، جاءها المخاض ونقلت سريعاً إلى المستشفى لتلد إبنتها، ومنذ ذلك الحين أخذتها الأمومة أولاً، مع مجموعة من التطورات الشخصية والوطنية في آنٍ معاً فبقيت بعيدة عن المهنة التي تحب. ولأنها كذلك عاودها الحنين الآن وبإلحاح فإختارت أن تقدم عرضاً واحداً يقول لمن عرفها وواكب ما حصل: "لقد عدت"، وهذه مجرد إشارة، وإعلان أولي يتبعه في أيلول/سبتمبر المقبل مساحة عروض رحبة وجادة للمسرحية، تحمل كل باقات الود والأنوثة من أم تعتز بهذا الدور وبما أنجبت.
هذا ما أعلنته أسيل الفنانة الأم، فخورة بهذا التحول في حياتها. وقالت إنها تخلط إيجاباً كونها باتت أماً في الواقع.
بين الشخصية التي تجسدها على الخشبة وتبدل ملابسها تباعاً قريباً من نفر المتابعين المتربصين بما ستقوله وتفعله مع هذا التبدل الحضاري في كينونتها، والذي تصفه بأنه على الأقل جعلها أنثى أخرى بكل المواصفات والملامح في الهيئة كما في القناعات الموروثة والراسخة عن الأمومة التي دهمتها في أعز مكان تحبه وتريده، ولا تمل من الوقوف على شرفته للبوح ما في أعماقها من أفكار ومشاعر.
أمامنا جسدت أسيل الدور في الصورة المزدوجة فقبضت علينا متلبسين برصدها صادقة وصريحة، سمّت الأمور كلها بمسمياتها في الفصل الواحد من: "طرف خيط"، الذي بدأ كما انتهى مجبولاً بأحاسيس ليست بعيدة عن المفاتحة عبر مقاربة نموذجية بين المرأة الأم، والممثلة الأم، لنشهد إعترافاً مباشراً بعد صمت 15 عاماً بأنّ نصراً حقيقياً تحقق للمرأة (أسيل) التي ظلت تحياه وترفع رايته طوال هذه المدة غير القصيرة، وعندما نهض فيها الحنين للمسرح أمسكت بـ "طرف خيط" سعادتها وفخرها في الحياة: إبنتها، وقصدت المسرح.
هذه المفاتحة كان لها الصدى المؤثر في عموم المتابعين داخل الصالة الأليفة. وجاء التصفيق مترافقاً مع دمعة فرح مزجت بين حبين لم تتردد بطلتنا في إعلانهما عنواناً لها: الإبنة والمسرح. وبينما حضرت أسيل أداءً وكتابةً وإخراجاً، واكبها محمد أسعد في الإدارة التقنية وتصميم الإضاءة، ومصطفى السوس في تصميم الأزياء، والفنانة مايا زبيب في الارشاد. أما دورنا نحن فكان في المباركة والدعم مع التصفيق الحار.