الوقت - خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدول الخليج العربية، وقّعت المملكة العربية السعودية اتفاقية مع الولايات المتحدة وصفها البيت الأبيض بأنها "أكبر صفقة بيع معدات دفاعية في التاريخ"، وهي صفقة بقيمة 142 مليار دولار تشمل صواريخ ومركبات مدرعة وطائرات.
يُقسّم البرنامج إلى خمس مجالات رئيسية: القوات الجوية والفضائية، والدفاع الصاروخي، والأمن البحري والساحلي، والقوات البرية وحرس الحدود، وأنظمة المعلومات والاتصالات.
يشارك في البرنامج أكثر من اثنتي عشرة شركة دفاعية أمريكية، بما في ذلك لوكهيد مارتن، وRTX، وبوينغ، ونورثروب غرومان، وبالانتير.
أكد الجانبان أن هذه الصفقة ستعزز بشكل كبير القوات المسلحة السعودية وشركات الدفاع الأمريكية.
وفي هذا الصدد، أعلن البيت الأبيض أن العقد يشمل أيضًا "تدريبًا ودعمًا مكثفين لتعزيز قدرات القوات المسلحة السعودية، بما في ذلك تطوير الأكاديميات العسكرية والخدمات الطبية العسكرية في البلاد"، وتُعدّ هذه الصفقة جزءًا من حزمة أكبر بقيمة 600 مليار دولار.
من الدفاع الصاروخي إلى تعزيز القوة البحرية في صفقة الأسلحة
وفي مجال الدفاع الجوي والصاروخي، تشمل الاتفاقية توسيع وتحديث نظام باتريوت PAC-3 MSE، الذي تمتلك السعودية منه حاليًا 34 قاذفة من طراز M903 ويمكن تعزيز هذه الأنظمة برادارات المصفوفة الطورية النشطة(AESA)، وبرمجيات متطورة للتحكم في النيران، وواجهات للتكامل مع أنظمة دفاعية أخرى متعددة الطبقات.
وتشمل الصفقة شراء 1000 صاروخ من طراز AIM-120C-8 Amraam (صواريخ متوسطة المدى متطورة)، بقيمة إجمالية تبلغ 3.5 مليارات دولار، هذه الصواريخ، التي تُعدّ صواريخ "خارج مدى الرؤية"، تُشبه صاروخ PL-15 الصيني الذي يُقال إن الجيش الباكستاني استخدمه لإسقاط طائرة رافال هندية مقاتلة في حرب حديثة، يبلغ مدى هذه الصواريخ 160 كيلومترًا، ورأسها الحربي 20 كيلوغرامًا، وسرعة طيرانها تعادل أربعة أضعاف سرعة الصوت، وهي قادرة على العمل في جميع الظروف الجوية، ليلًا ونهارًا.
يُعدّ شراء طائرات MQ-9B من دون طيار من شركة جنرال أتوميكس أحد بنود صفقة الأسلحة بين البلدين، تستطيع هذه الطائرة التحليق بشكل مستقل لأكثر من 30 ساعة، ما يُتيح للمملكة العربية السعودية ليس فقط قدرات استطلاع ممتازة، بل أيضًا القدرة على ضرب الأعداء عند الضرورة.
تستطيع طائرة MQ-9B المُطوّرة حمل ثمانية صواريخ هيلفاير دقيقة أو قنبلتين من طراز Paveway-II وزن كل منهما 230 كيلوغرامًا، ومهاجمة الأهداف الانتهازية، على ارتفاع 12,000 متر، تستطيع الطائرة المسيرة تتبع تحركات الشحن في الخليج الفارسي أو أي هجمات محتملة بطائرات مسيرة، ومع ذلك، فإن نسخة ريبر من الطائرة المسيرة، التي تبلغ قيمتها 33 مليون دولار، معرضة لخطر أنظمة الدفاع، وقد فُقد حوالي 15 منها في اليمن منذ عام 2023.
يمكن إطلاق صواريخ APKWS الموجهة بالليزر، والمدرجة أيضًا في قائمة مشتريات المملكة العربية السعودية، من طائرات الهليكوبتر أو الطائرات المقاتلة، يصل مداها إلى 11 كيلومترًا وتتحرك بسرعة 1000 متر في الثانية، يبلغ وزن هذا السلاح 15 كيلوغرامًا، برأس حربي يُسبب أضرارًا جانبية ضئيلة، 22,000 دولار للصاروخ الواحد، وقد طلبت المملكة العربية السعودية 2000 صاروخ من هذه الصواريخ مع أنظمتها الداعمة.
تتضمن الاتفاقية أيضًا تدابير دعم شاملة للقوات المسلحة السعودية، بما في ذلك التدريب المتقدم للأفراد، وتطوير الأكاديميات العسكرية، والصيانة طويلة الأمد لأنظمة الإطلاق، وتعزيز الخدمات الصحية العسكرية. يُنسَّق هذا العنصر المتعلق ببناء القدرات بهدف زيادة الاعتماد على الذات في العمليات وتوسيع المشاركة الصناعية المحلية من خلال الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) المملوكة للدولة.
في القطاع البحري، ستعزز البحرية السعودية قدراتها في مراقبة السواحل وحماية البنية التحتية للطاقة من خلال شراء أجهزة استشعار وأنظمة سطحية من دون طيار وتقنيات مراقبة متطورة، على الرغم من عدم تأكيد أي منصة محددة، إلا أن هناك بعض الأدلة على أن قدرات الدوريات البحرية السعودية ستتوسع مع إمكانية تجهيز أنظمة مثل صواريخ هاربون بلوك 2 الأمريكية.
بالنسبة للقوات البرية، تتناول الاتفاقية تحديث الوحدات المدرعة وحماية الحدود والدفاع عن البنية التحتية الاستراتيجية، ويشمل ذلك المركبات المدرعة ورادارات المراقبة الأرضية وأنظمة الصواريخ المضادة للدبابات وحلول الدفاع قصيرة المدى ضد التهديدات الناشئة مثل الطائرات المسيرة المسلحة والتسلل غير النظامي.
يُعد شراء مركبة سترايكر المدرعة جزءًا من الاتفاقية. لطالما كانت هذه المركبة ذات العجلات الثماني، عالية المناورة، والمُجرَّبة في المعارك، العمود الفقري للوحدات القتالية للجيش الأمريكي على مدى ثلاثة عقود، تبلغ سعة المركبة 18 طنًا، ويمكنها حمل تسعة جنود، وهي مُسلحة برشاش ثقيل عيار 50 أو بمدفع عيار 105 ملم.
ومن المقرر إجراء تطوير كبير في مجال أنظمة المعلومات والاتصالات، وستستفيد شبكات القيادة التكتيكية والاستراتيجية في المملكة العربية السعودية من التقنيات الجديدة في مجالات دمج البيانات، والحرب الإلكترونية، والاتصالات الآمنة، والاستخبارات الآنية، ومن المتوقع أن تلعب شركات مثل بالانتير دورًا في هذا التحول الرقمي، ما يُمكّن القوات السعودية من العمل بقدرات حرب هجينة تُضاهي الجيوش الغربية.
إعلان ترامب عن صفقة أسلحة ضخمة مع المملكة العربية السعودية ليس بالأمر الجديد، في الواقع، تُعدّ الصفقة البالغة 142 مليار دولار متابعةً لصفقة وُقّعت خلال فترة ترامب الأولى عام 2017، عندما وقّع حزمة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار مع الرياض.
في عام 2017، زعم البيت الأبيض أن الصفقة ستشمل معدات وخدمات دفاعية بقيمة 110 مليارات دولار. والآن، وبعد ثماني سنوات، تُوفّر الدروس المستفادة من صفقة ترامب مع المملكة العربية السعودية فهمًا أفضل للصفقة الحالية.
بغض النظر عمّا هو مكتوب على الورق، تُظهر الأرقام أن عمليات نقل الأسلحة الأمريكية الفعلية إلى المملكة العربية السعودية منذ عام 2017 كانت أقل بكثير من الوعود، تبلغ الأرقام الرسمية للمبيعات العسكرية الخارجية بين عامي 2017 و2025 ما مجموعه 34.6 مليار دولار، وهو رقم كبير ولكنه أقل بكثير من الرقم الذي أعلنه ترامب، لذلك، وبالنظر إلى تجربة الصفقات السابقة، من المرجح أن يكون حجم الحزمة المعلن عنها مؤخرًا أقل بكثير من قيمتها البالغة 142 مليار دولار.
بالنظر إلى تجربة أول صفقة لترامب مع السعودية، ينبغي النظر إلى الصفقة الجديدة البالغة 142 مليار دولار على أنها طموح طويل الأجل أكثر منها التزامًا ماليًا ملموسًا ونهائيًا، ومع ذلك، فإن عشرات المليارات من الدولارات التي حُوّلت إلى السعودية في مبيعات الأسلحة منذ ولاية ترامب الأولى تُمثل شراكة أمنية مهمة، وجعلت السعودية من أكبر مشتري المعدات والخدمات الدفاعية الأمريكية في العالم.
مشتريات الأسلحة لم تجعل السعودية آمنة
بغض النظر عن الأبعاد المالية لهذه الصفقات، يبقى السؤال الجوهري: هل حسّنت هذه الصفقة الضخمة من الأسلحة بالفعل من الفعالية العسكرية للمملكة العربية السعودية؟ على الرغم من كونها من أكبر المنفقين العسكريين في العالم، إلا أن الأدلة والتقييمات، وخاصة خلال الحرب التي استمرت لسنوات في اليمن، تُظهر أن هذه الاستثمارات العسكرية الضخمة لم تُحقق النتائج المرجوة.
في حين سعت المملكة العربية السعودية إلى ضمان أمنها بالاعتماد على الدعم الغربي والأسلحة المتطورة، تمكن اليمنيون، رغم ظروف الحصار والعقوبات القاسية، من الحفاظ على حدودهم آمنة بالاعتماد على القدرات المحلية وإنتاج الأسلحة محليًا، تُظهر هذه المقارنة بوضوح الفجوة بين إنفاق المملكة العربية السعودية على الأسلحة والإنتاجية العسكرية، وهي فجوة لا تزال تُثير قلق المسؤولين السعوديين بشأن التهديدات الخارجية.
ومع ذلك، يُظهر استعراض الأداء العسكري السعودي، وخاصةً في حرب اليمن، أن الإنفاق العسكري الهائل لم يُؤدِّ بالضرورة إلى تحسن حقيقي في القدرة القتالية والأمن القومي، فخسارة الطائرات الأمريكية المُسيّرة باهظة الثمن، والفشل في احتواء التهديدات العابرة للحدود، والفشل في تحقيق الأهداف العملياتية، كلها تشهد على أن الأمن يعتمد على الكفاءة الاستراتيجية، وتدريب القوات، وتوطين التكنولوجيا، والتماسك الهيكلي أكثر من اعتماده على مشتريات الأسلحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المبالغ الضخمة التي تنفقها المملكة العربية السعودية على الدفاع، بما في ذلك المشتريات الأجنبية، فرضت عبئًا ثقيلًا على ميزانية مُرهقة أصلًا.
في عام 2025، زادت المملكة العربية السعودية ميزانية دفاعها إلى 78 مليار دولار، ارتفاعًا من 75.8 مليار دولار في عام 2024، ويُعادل هذا المبلغ 21% من إجمالي الإنفاق الحكومي و7.1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، تُرسّخ هذه الزيادة في الميزانية مكانة المملكة العربية السعودية كخامس أكبر مُنفق على الدفاع في العالم، وأكبر مُنفق عسكري في العالم العربي.
يعتقد بعض المحللين أن هذا الإنفاق العسكري المُفرط قد يُعرّض أولويات استراتيجية أخرى للمملكة العربية السعودية للخطر، بما في ذلك رؤية محمد بن سلمان 2030، ستُفاقم هذه المشتريات الضخمة من الأسلحة عجز الميزانية، حيث سيبلغ 142 مليار دولار، أي ما يُعادل 176% من إجمالي ميزانية الدفاع السعودية في عام 2024، ما يُشير إلى أنه حتى في أفضل الظروف، سيتعين توزيع هذه التكاليف على سنوات عديدة.
بشكل عام، وعلى الرغم من إنفاق عشرات المليارات من الدولارات لشراء أحدث الأسلحة العسكرية من الولايات المتحدة، لا تزال المملكة العربية السعودية عُرضة للتهديدات الخارجية، ما يُثبت أن الأمن الحقيقي لا يأتي من المعدات وحدها، بل يتطلب استراتيجية دفاعية مستقلة، وبناء القدرات المحلية، وتقليل الاعتماد على القوى الأجنبية.