الوقت_ نجحت الاتصالات السياسيّة والمجتمعيّة في السودان بتشكيل جبهة ضد التطبيع مع الكيان الصهيونيّ الغاصب، حيث أعلنت أحزاب سياسيّة ومنظمات أهليّة وتكتلات إعلاميّة وشبابيّة وعلماء، السبت المنصرم، تدشين ائتلاف "القوى الشعبية السودانية لمقاومة التطبيع مع الكيان الإسرائيليّ"، وأوضح ممثل الائتلاف، دفع الله السر أنّه لا مصلحة للسودان في التطبيع مع المحتل الذي جاء لسرقة مواردنا، ودعا خلال مؤتمر صحفيّ بالعاصمة السودانيّة الخرطوم، كل القوى السياسية والتكتلات في البلاد إلى التوقيع على ميثاق رفض التطبيع، كما أعلن عن إطلاق حملة شعبيّة لجمع مليون توقيع رفضا للتطبيع بين الخرطوم وتل أبيب، , وفق وكالة الأناضول.
نقلت مواقع إخباريّة أنّ 28 حزباً وتكتلاً ومنظمة وقعت على ميثاق ما بات يعرف في البلاد بـ "القوى الشعبيّة لمقاومة التطبيع مع الكيان الإسرائيليّ" من أبرزها حزب المؤتمر الشعبيّ، حركة الإصلاح الآن، حزب منبر السلام العادل، تجمع الشباب المستقلين، هيئة علماء السودان، الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة، جماعة "الإخوان المسلمين"، تجمع "أكاديمون ضد التطبيع"، رابطة "إعلاميون ضد التطبيع".
وتؤكّد الجبهة المعاديّة للتطبيع أنّ القضيّة لها أبعاد سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، فيما تصر الحكومة السودانيّة على تصورها بأنّها قضيّة قمح ووقود تأخذ منه القليل مقابل بيع القيم السودانيّة، مكررين الدعوة لكل القوى السياسيّة الحرة في السودان أن ترفض الدخول في حظيرة التطبيع الأمريكيّة، لأنه سينصب على السودانيين دكتاتور لا يعترف بالحرية والديمقراطيّة، بحسب تعبير القيادي بحزب المؤتمر الشعبيّ طارق بابكر، الذي أشار إلى أنّ السودانيين يقفون مع فلسطين بكامل أراضيها وعاصمتها مدينة القدس، ولا يعترفون بتقسيمها شرقيّة وغربيّة.
وفي الوقت الذي يصف فيه ميثاق جبهة "القوى الشعبيّة لمناهضة التطبيع مع الكيان الإسرائيليّ" التطبيع بأنّه محض صفقة مذلة معزولة تمت في الظلام، وتم استدراج السودان لها رغم أنفه، ينص على أنّ القضية الفلسطينيّة عادلة لشعب احتلت أرضه وانتهكت مقدساته، وأنّ حقوق الشعب الفلسطينيّ ظلت محل إجماع الشعوب الحرة والشرائع الإنسانيّة كافة، إضافة إلى أنّ أن التطبيع مع الكيان الصهيونيّ يحقق نصراً معنوياً وسياسياً لكيان محتل ظالم، وخذلاناً قاسياً لشعب مظلوم.
ومن الجدير بالذكر أنّ وزارة الخارجيّة السودانيّة أعلنت الموافقة على تطبيع العلاقات مع الكيان الغاشم في 23 تشرين الأول الفائت، وأصبح السودان البلد العربيّ الخامس الذي يوافق على تطبيع علاقاته مع تل أبيب، بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين، وفي ذات اليوم أبلغ الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، الكونغرس نيته رفع اسم السودان من القائمة الأمريكيّة للدول الراعيّة للإرهاب، والتي أدرج فيها منذ العام 1993، بسبب استضافته وقتها رئيس تنظيم القاعدة الإرهابيّ أسامة بن لادن.
و في ليلة الإعلان المشؤوم عن إعلان اتفاق العار بين تل أبيب والخرطوم، خرج عشرات السودانيين في تظاهرات غاضبة وسط إحدى الشوارع الرئيسة في الخرطوم، احتجاجاً على الخيانة التي ارتكبتها حكومتهم، بتطبيع علاقاتها مع العدو الصهيونيّ، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، مقاطع مصورة بثها ناشطون، وجّه المتظاهرون فيها شعارات منددة بينها "اسمع اسمع يا برهان، لا تطبيع مع الكيان" ، كما رددوا: "لا تفاوض ولا سلام، ولا صلح مع الكيان" ، و "لا بنستسلم ولا بنلين.. نحن واقفين مع فلسطين".
خلاصة القول، غدرت الحكومة السودانيّة بشعبها عقب تصريحاتها المتكررة، بأنّها لا تملك أيّ تفويض لاتخاذ القرار بشأن التطبيع مع العدو الصهيونيّ، بما يتعدى مهام استكمال عمليّة الانتقال وتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد، وصولاً للقيام بانتخابات حرة، ورضخت لضغوط الإدارة الأمريكيّة التي خسرت الانتخابات، وارتكبت خطيئة يجمع الشعب السودانيّ على رفضها، ما خلق حالة من الغضب في الأوساط السودانيّة، باعتبار أنّ حكومتهم (باعترافها) غير مخولة لتتخذ مثل هذا الإجراء مع كيان مغتصب وعنصريّ وطائفيّ.
ولذلك، يرفض الشعب السودانيّ بأكمله مسألة التطبيع مع العدو الغاصب ناهيك عن تأثير جبهة "القوى الشعبيّة لمناهضة التطبيع مع الكيان الإسرائيليّ"، ما يضع الحكومة السودانيّة في دائرة اللهب، بعد أن عارضت النسق الفكريّ والعقائديّ لشعبها الذي يمكن أن يقلب حكومته رأساً على عقب بعد سيرها على نهج الخيانة الإماراتيّة – البحرينيّة، الراضخ لضغوط واشنطن وكيانها الإجراميّ.