الوقت- قامت السفارة الأمريكية في السعودية مؤخراً بنشر فيديو على حسابها الخاص في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ولقد جذب هذا الفيديو اهتمام الكثير من المحللين والسياسيين داخل السعودية وخارجها ولقد شجعت السفارة الأمريكية في هذا الفيديو الذي انتشر يوم الأربعاء الماضي، المواطنين السعوديين على الخروج والمشاركة في مظاهرات واحتجاجات ضد الحكومة السعودية والعائلة الحاكمة في هذا البلد الغني بالنفط وذلك من أجل إرغام حكومة آل سعود على القيام بـ"تغييرات سياسية واجتماعية مثبتة وإيجابية" ولقد دعت السفارة الأمريكية في هذا الفيديو المجتمع السعودي إلى دعم "المظاهرات السلمية"، وتعّلم كيفية الانخراط في هذا التحركات الشعبية لمطالبة الحكومة السعودية وإرغامها على إحداث تغييرات بناءة وفعّالة.
وفي جزء من هذا الفيديو، ذكر المتحدث باسم السفارة الأمريكية أن "المتظاهرين يمكنهم أن ينجحوا، حتى وإن واجهت احتجاجاتهم أنماطاً من القمع والاستبداد من قبل قوات الأمن السعودية"، وأشار أيضاً إلى أن الأبحاث العلمية السابقة أثبتت بأن الاحتجاجات السلمية التي جرت خلال الفترة من 1900 إلى 2006، كان لها تأثير وفائدة تعادل ضعفي الاحتجاجات غير السلمية والعنيفة التي حدثت خلال تلك الفترة وأرفقت السفارة في تغريدتها رابطاً لهذا الفيلم الذي يحثّ على الاحتجاج السلمي، وذكر الفيلم أحداثاً تاريخية تمكّنت خلالها الشعوب من تحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي عن طريق الاحتجاجات السلمية.
الغضب السعودي
وفي سياق متصل، كتبت صحيفة "القدس العربي" حول هذا الفيديو الذي نشرته السفارة الأمريكية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، حيث قالت: "لقد قامت السفارة الأمريكية في الرياض بنشر هذا الفيديو في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين أمريكا والسعودية أزمة حقيقة بسبب قضية مقتل الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي" في سفارة بلاده في اسطنبول قبل عدة أسابيع على أيدي قوات تابعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان" ولفتت هذه الصحيفة إلى أن مجلس الشيوخ الأمريكي وافق الأسبوع الماضي على قرارين منفصلين ضد السعودية، أحدهما يتعلّق بولي العهد محمد بن سلمان الذي تم توجيه أصابع الاتهام له في قضية مقتل الصحفي "خاشقجي" وألقى اللوم عليه، والقرار الآخر يتعلّق بإنهاء الدعم العسكري الأمريكي لتحالف العدوان السعودي الإماراتي الذي يشنّ حرباً وحشية على الشعب اليمني المظلوم، وأشارت تلك الصحيفة إلى أن الرياض أدانت بشدة هذين القرارين، ووصفتهما بأنهما تدخل واضح في شؤونها الداخلية.
وفي سياق متصل قالت هذه الصحيفة أيضاً: "لقد أدى انتشار مثل هذا الفيديو على الصفحة الرسمية التابعة للسفارة الأمريكية في الرياض، إلى حدوث موجة غضب عارمة عند المغردين السعوديين الذين يملكون حسابات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر"، يذكر أن المغردين السعوديين أدانوا بشدة هذا العمل الذي قامت به السفارة الأمريكية، حيث كتبوا: "إن نشر مثل هذا الفيديو يُعدّ أمراً خطيراً، وسوف يكون له نتائج عكسية، وذكر المغردون بأنهم قد طالبوا بحذف هذا الفيديو لأنه سوف يتسبب في حدوث فوضى عارمة ومظاهرات"، وقال مستخدمون آخرون إن هذا الإجراء عمل "استفزازي" ووصفوه بأنه يحثّ المجتمع السعودي إلى القيام بـ"اضطرابات" في البلاد.
وحول هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، في تعليقه على تغريدة السفارة الأمريكية: "تغريدة خطيرة وغير مبررة وذات تأثير عكسي ونطالب بسحبها ففيها تحريض على التظاهر والغوغاء"، وأضاف: "الأنظمة المستمدة من الشريعة الإسلامية تمنع التجمهر والتجمعات التي تعوق الحياة العامة وتعرقل مصالح المجتمع.. التغريدة يجب أن توجه للداخل الأمريكي ولأصحاب السترات الصفراء في أوروبا".
ومن جهته، اعتبر محمد بن عبدالعزيز، الذي يعرف نفسه بأن "مستشار إعلامي"، تغريدة السفارة تدخلاً في شؤون بلاده، وقال: "إن التغريدة تدخل سافر في الشأن السعودي، علماً أن وزارة الداخلية السعودية أكدت على منع المظاهرات والمسيرات والدعوة لها لتعارضها مع الشريعة الإسلامية، كما أن قوات الأمن مخولة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع محاولات الإخلال بالأمن وزعزعة الاستقرار".
وهنا تجدر الاشارة بأنه حتى الآن لم يصدر عن السفارة الأمريكية أي ردة فعل حول هذا الجدل والغضب الذي انتشر بشكل كبير بين المغردين السعوديين ولم تصدر أيضاً أي ردة فعل رسمية من قبل الحكومة السعودية على هذا الفيديو ولكن السنوات الأخيرة أثبتت بأن النظام السعودي المستبد لن يسمح بحدوث مثل هذه الاحتجاجات الشعبية ولن يتهاون مع أولئك الذين يخرجون ويشاركون في الاحتجاجات والمظاهرات.
وفي السياق نفسه، كتبت صحيفة "رأي اليوم" حول هذا الموضوع، حيث قالت: "إن تاريخ انتشار هذا الفيديو على موقع التواصل الاجتماعي تويتر من قبل سفارة أمريكا في الرياض وقنصلياتها في جدة وظهران الجنوب، باللغتين الإنجليزية والعربية، لا يمكن أن يكون من قبيل الصدفة، بل إنه فعل متعمّد يعكس سياسة أمريكية جديدة لتحفيز الشعب السعودي على تنظيم مظاهرات حاشدة من أجل ممارسة الضغط على القادة السعوديين لإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية وإطلاق سراح المئات من النشطاء السياسيين القابعين خلف القضبان".