الوقت - تشير العديد من التقارير الصحفية إلى أن الكثير من أمراء آل سعود وأعضاء الأسرة الحاكمة قد غادروا البلاد خلال السنوات القليلة الماضية وتحديداً بعد تسلم الملك الحالي "سلمان بن عبد العزيز" مقاليد الأمور في مطلع عام 2015.
كما تشير هذه التقارير إلى أن العديد من الأمراء السعوديين لا يتمكنون من مغادرة البلاد بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرض عليهم من قبل السلطات لمنعهم من السفر.
وتؤكد هذه التقارير أيضاً بأن الخلافات مستفحلة في أوساط العائلة المالكة في السعودية بسبب التنافس على المناصب وتصاعد حدّة الانتقادات التي يوجهها الكثير من الأمراء للسياسات الفعلية التي تنتهجها السلطات السعودية على الصعيدين الداخلي والإقليمي.
كما يعتقد معظم المراقبين بأن العديد من الأمراء السعوديين باتوا يخشون على أنفسهم من التصفيات الجسدية التي قد تطالهم في أي لحظة نتيجة هذه الخلافات.
وبغض النظر عن مدى صحة هذه التقارير إلاّ أنه من المتيقن أن الخلافات التي تشهدها الأسرة الحاكمة في السعودية لا يمكن تجاهلها، خصوصاً مع القرائن والشواهد الكثيرة التي تدلل على وجود هذه الخلافات.
وبالعودة إلى تاريخ هذه الأسرة نجد سلسلة من النزاعات التي حصلت بين أفرادها طيلة العقود الماضية، فعلى سبيل المثال الصراع الذي حصل بين الملك "سعود بن عبد العزيز" وولي عهده "فيصل بن عبد العزيز" والذي انتهى بوصول الأخير إلى السلطة عبر "إنقلاب أبيض" في عام 1964.
وفي آذار/مارس عام 1975 تم اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز على يد ابن أخيه "فيصل بن مساعد بن عبد العزيز"، وحصل الاغتيال خلال استقبال وزير النفط الكويتي "عبد المطلب الكاظمي" في الديوان الملكي. وقد حُكم على فيصل بن مساعد بالإعدام وتم تنفيذ الحكم في حزيران/يونيو من نفس العام.
وتسببت هذه النزاعات بتداعيات كثيرة بينها هروب الأمير "طلال بن عبد العزيز" وأخيه "تركي الثاني" إلى مصر وتشكيل حلقة من الأمراء الليبراليين الداعين إلى الإصلاح السياسي وإنشاء حكم دستوري برلماني في البلاد، وفصل الأسرة الحاكمة عن الحكم، والمساواة بين الرجال والنساء.
وبعد وصول الملك "فهد بن عبد العزيز" إلى السلطة عام 1982 واختياره لأخيه غير الشقيق "عبد الله بن عبد العزيز" ولياً للعهد حدثت نزاعات داخل الأسرة المالكة بسبب اعتراض أخوة فهد على هذا الاختيار. وتكرر هذا النزاع في عام 2005 عندما اختار الملك عبد الله بن عبد العزيز ولي عهده "سلطان بن عبد العزيز" الذي كانت أمه من العشيرة السديرية، لأن هذا الاختيار كان يتعارض أيضاً مع الأسلوب الوراثي الذي دأبت عليه الأسرة المالكة في إدارة شؤون البلاد.
وحاول السديريون السيطرة على مفاصل الحكم، فبالرغم من احتلال العديد منهم لمناصب هامة، إلاّ أنهم لم يكتفوا بذلك؛ فعلى سبيل المثال حاول الملك فهد عندما كان وزيراً للداخلية الإطاحة بشقيقه الملك عبد الله عندما كان الأخير رئيساً للحرس الوطني، وذلك بدعم من شقيقه سلطان وزير الدفاع والملك سلمان عندما كان حاكماً للرياض، لكن الملك فيصل وولي عهده "خالد بن عبد العزيز" تفطنوا إلى خطورة مثل هذه الخطوة، فإسقاط عبد الله من الحرس الوطني يعني ببساطة سيطرة الجناح السديري على مفاصل الحكم وربما ينتهي بعزلهم وحصر الحكم في الجناح السديري.
وتفاقم الاختلاف داخل الأسرة المالكة بعد تولي الملك الحالي "سلمان بن عبد العزيز" مقاليد الأمور في البلاد مطلع عام 2015، خصوصاً بعد إقصائه لأخيه غير الشقيق "مقرن بن عبد العزيز" من ولاية العهد، وإسناد هذا المنصب لابن شقيقه "محمد بن نايف"، وتعيين ابنه "محمد بن سلمان" ولياً لولي العهد.
واستفحل الصراع بعد هيمنة "محمد بن سلمان" على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية في البلاد باعتباره وزيراً للدفاع والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. وتركزت الانتقادات داخل الأسرة الحاكمة على أداء "محمد بن سلمان" خصوصاً بعد فشل السعودية في تحقيق أهدافها من خلال العدوان على اليمن وكذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد جراء تراجع أسعار النفط وتزايد العجز في الميزانية الذي تجاوز الـ 80 مليار دولار.
ويعتقد المراقبون بأن الخلافات التي تشهدها الأسرة الحاكمة في السعودية أخذت تتفاقم بشكل ملحوظ بعد محاولات محمد بن سلمان المدعوم من قبل والده للتفرد بالقرارات المصيرية على الصعيدين الداخلي والخارجي، ما ينذر بوقوع مزيد من الصراعات على السلطة بين أفراد هذه الأسرة، الأمر الذي من شأنه أن يعجل بانهيار نظام آل سعود في نهاية المطاف.