الوقت- من السهل اليوم التحدث عن فشل مجتمع كيان الاحتلال الإسرائيلي بشكل عام، حيث يعاني هذا المجتمع من العديد من الشروخات في مجالات مختلفة، ومع ذلك، فإن الأحداث التي وقعت مؤخرًا، بما في ذلك إضراب الأطباء ومطالبة الجنود بالانسحاب من الخدمة، يمكن أن تشير إلى بعض القضايا الجوهرية التي يواجهها مجتمع كيان الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي، حيث يواجه الكيان تحديات عديدة، بما في ذلك تفكك المجتمع، الذي يتحدث عنه العديد من الخبراء والمراقبين، وتُعزا هذه المشكلة إلى عدة عوامل، وبدل من مواجهة تفكك المجتمع من قبل حكومة الاحتلال تسعى إلى تقويته، في ظل تبني سياسات وإجراءات تهدف إلى تعزيز الخلافات بين الجماعات الصهيونية المختلفة، وزيادة سوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي للجماعات الأشد فقرًا ناهيك عن عدم الاستقرار السياسي والأمني، وضعف الحوار بين الإسرائيليين الذين وصلوا إلى طريق مسدود اليوم.
مشكلات عميقة
يعاني كيان الاحتلال الإسرائيلي من مشكلات توصف بأنها "عميقة ومستشرية"، حيث يعد التنوع الثقافي والديني في مجتمع الاحتلال الإسرائيلي الذي جُمع من أرجاء العالم مصيبة غير محسوبة الحساب حاليا، لأن التنوع الثقافي والديني واللغوي الكبير، يؤدي إلى تشكل مجتمع احتلاليّ متنوع للغاية، ومتعدد الثقافات والأعراق، وبالتالي يمكن أن يكون هذا التنوع سببًا خطيرا لتفكك المجتمع في حالة عدم وجود تفاهم وتعاون بين الجماعات المختلفة أو مساعدة حكومة تل أبيب العسكرية، ناهيك عن الفقر وعدم المساواة، حيث تعاني بعض الجماعات في مجتمع الكيان الإسرائيلي من فقر وعدم مساواة اجتماعية، ما يؤدي إلى شعور بالتهميش والاستبعاد والغضب والانعزالية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تفكك المجتمعي وزيادة الانقسامات بين الجماعات المختلفة.
ومنع انعدام الاستقرار السياسي والأمني في الكيان يجعل تل أبيب تواجه أمرًا حاسمًا للحفاظ على التماسك في كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث إن عدم وجود الاستقرار السياسي والأمني، يساعد بقوة على تفكك المجتمع ويزيد الانقسامات بين الإسرائيليين، وبالنسبة لإضراب الأطباء، فإنه يعكس الضغوط الشديدة التي تفرضها الإصلاحات الطبية التي تسعى حكومة الكيان الإسرائيلية إلى تنفيذها في نظام الرعاية الصحية، وقد انضم العديد من الأطباء إلى الإضراب، ما تسبب في إغلاق العديد من المستشفيات وتعطيل الخدمات الطبية الأساسية، ويظهر هذا الإضراب أيضًا عدم الرضا الواسع بين المواطنين على الأوضاع الحالية في النظام الصحي.
أما بالنسبة لمطالبة الجنود بالانسحاب والفرار من الخدمة، فإنها تشير إلى عدم الرضا على الإصلاحات القضائية التي تزعم حكومة العدو أنها تسعى إلى تحسين نظام العدالة في كيان الاحتلال الإسرائيلي، ويعتبر هذا الاحتجاج على الإصلاحات القضائية خطوة نحو التفكك والانهيار، ويؤكد أيضًا عدم الرضا الواسع بين شباب الكيان الإسرائيلي على الأحوال الحالية في فلسطين السليبة، هذا إذا تغاضينا عن الإضرابات الاقتصادية التي تشير إلى عدم الرضا على الأوضاع الاقتصادية الحالية في الكيان، وقد يكون ذلك بسبب البطالة وارتفاع معدلات الفقر، وقد شهدت الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت سلطة العدو العديد من الإضرابات الاقتصادية في السنوات الأخيرة، وتعد هذه الإضرابات إشارة إلى الضغوط التي يواجهها مجتمع الكيان الإسرائيلي في الوقت الحالي.
تحديات جمّة ومعقدة
حاليّاً، تشير الأحداث اليومية إلى أن مجتمع الكيان الإسرائيلي يواجه التحديات والضغوط تلو الأخرى في الوقت الحالي، في وقت لم يعد ينفع إجراء إصلاحات وتغييرات لتلبية احتياجات المجتمع ومتطلبات العصر، وإنّ فشل مجتمع الكيان الإسرائيلي بشكل عام، يتم الاستدلال عليه من وجود بعض القضايا الخطيرة التي لا تقوم حكومة الكيان بالتركيز عليها ومعالجتها لتحسين الأوضاع في المستقبل الذي بات مجهولاً، ومن أهم المشاكل والتحديات التي يواجهها مجتمع الكيان في الوقت الحالي، هو انخفاض الإيمان بوجهة نظر الاحتلال الإسرائيلية فيما يخص "النزاع الفلسطيني وكيان الاحتلال الإسرائيلي"، الذي يعد واحدًا من أكبر التحديات التي يواجهها مجتمع الكيان، وقد أدى هذا النزاع إلى حدوث صراعات وأعمال عنف متكررة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، وفقدان الثقة بالحكومة، ما يؤثر على الأمن والاستقرار في هذا الكيان بشكل عام، ويضرب عمق مجتمع الكيان.
وفي ظل الحكومة الفاشية في تل أبيب، يعاني الإسرائيليون من التفاوت الاجتماعي، ويشهد مجتمع الكيان تفاوتًا كبيرًا في المستويات الاجتماعية والاقتصادية بين الأغنياء والفقراء، ويعاني العديد من الأشخاص في كيان الاحتلال الإسرائيلي من صعوبات اقتصادية واجتماعية، ولا تقوم الحكومة بإجراء إصلاحات اجتماعية واقتصادية لتحسين الأوضاع، إضافة إلى قضية الهجرة والتوطين، حيث يشهد مجتمع الكيان الإسرائيلي توطينًا مستمرًا للمهاجرين الجدد، ويواجه هؤلاء المهاجرون صعوبات في التكيف مع الحياة في كيان الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك صعوبات في العثور على فرص العمل والتعليم والإسكان، ولا يستطيع كيان الاحتلال الإسرائيلي وقف سيل الهجرة العكسية مع فشله في تحسين سياسات التوطين وتوفير المزيد من الدعم للمهاجرين المحتلين الجدد لتسهيل عملية التكيف في أرض محتلة.
أيضاً، فإن مجتمع الاحتلال الإسرائيلي يواجه مجموعة من التحديات والمشاكل، ومن المهم أن الحكومة تعمل على إيصال مجتمع كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى طريق مسدود، من خلال قيامها بأخطر التغييرات والإصلاحات التي تدعي تحسين الأوضاع وتوفير حياة أفضل للمهاجرين وتعزيز الاستقرار والازدهار في فلسطين المحتلة، إضافة إلى القضايا التي ذكرتها سابقًا، هناك بعض القضايا الأخرى التي تشكل تحديًا لمجتمع الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي.
ومن بين تلك المشاكل، الأمن السيبراني حيث يشهد العالم بشكل عام وكيان الاحتلال الإسرائيلي بشكل خاص تزايدًا في عدد الهجمات السيبرانية، وهي هجمات تتم عبر الإنترنت وتستهدف الأنظمة الحاسوبية والشبكات والمعلومات الحساسة، وتشكل الهجمات السيبرانية تهديدًا كبيرًا للأمن القومي والاقتصادي لكيان الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى ملف التعليم، حيث يعاني نظام التعليم في كيان الاحتلال الإسرائيلي من بعض المشاكل، بما في ذلك التفاوت في جودة التعليم بين المناطق الفقيرة والغنية، ونقص في الموارد والتمويل، مع مشكلات توفير موارد إضافية للتعليم وتحسين الجودة وتوفير فرص متساوية للتعليم لجميع الطلاب، ناهيك عن قضية البيئة يواجه مجتمع الكيان تحديات بيئية متزايدة، بما في ذلك التلوث والتغير المناخي وندرة المياه، وفشل حكومة العدو في ايجاد حلول مبتكرة للتحديات المختلفة التي يواجهها الصهاينة.
إضافة إلى القضايا التي ذكرت سابقًا، هناك بعض التحديات الأخرى التي تواجه مجتمع الكيان في الوقت الحالي، كتزايد العنف والجريمة، حيث يشهد مجتمع الكيان ارتفاعًا في معدلات الجريمة والعنف، بما في ذلك العنف الأسري والجرائم المنظمة والتحرش الجنسي، كما يشهد مجتمع الكيان تزايدًا في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون دخول فلسطين المحتلة عبر الحدود الجنوبية، ناهيك عن التحديات الديموغرافية التي تواجه المجتمع الإسرائيلي، وهي تحديات ديموغرافية متعددة بما في ذلك تزايد عدد المسنين وتراجع معدلات الولادة وتزايد عدد الأشخاص الذين يعيشون وحدهم.
في النهاية، تعد حكومة نتنياهو المتشددة وإدارتها للسياسة الداخلية والخارجية للكيان منذ فترة طويلة واحدة من العوامل التي تؤثر في تفكك المجتمع الإسرائيلي، فقد اتخذت الحكومة سياسات وإجراءات تهدف إلى تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى إهمال حقوق الجماعات الأقل حظًا في المجتمع، ومن بين السياسات التي تبنتها الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو هي تغييرات في القوانين واللوائح التي تؤثر على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمستوطنين، وعدم توفير الدعم اللازم للجماعات الأشد فقرًا والتي تعاني من صعوبات اجتماعية واقتصادية، وتتسبب هذه السياسات في تفاقم الانقسامات الاجتماعية في المجتمع الإسرائيلي وتفككه وزيادة الانقسامات أكثر فأكثر.