الوقت- لطالما كانت الأحداث الأخيرة في مدينة ومخيم جنين مرنة ومتسقة للمزاج الصهيوني، لكن في هذه الأيام، تعد جنين أهم المخاوف العسكرية والأمنية للكيان الصهيوني على الرغم من التهديدات التقليدية لهذا الكيان.
مسلسل الصدمات العسكرية في جنين
بدأت أحداث جنين قبل شهر تقريبًا مع انفجار العديد من العبوات الناسفة على جانب الطريق على القوافل العسكرية للجيش الصهيوني، والتي لم تكن قد حدثت من قبل. وقد تعطلت المركبات المدرعة المتقدمة للجيش الصهيوني، المسمات النمر والفهد، خلال هذه الانفجارات، وهو الحدث الذي أدى في النهاية إلى تغيير التكتيكات العسكرية للجيش الصهيوني في الغارات المستقبلية على الجنين.
بعد أيام قليلة فقط من الحادث، تم إطلاق العديد من الصواريخ من غرب الجنين من قبل مجموعات المقاومة على المستوطنات الصهيونية. لقد صدم الحادث الصهاينة، حيث قارن العديد من المحللين العسكريين هذه الاحداث بأحداث العقدين الماضيين في غزة، قائلين إن جنين ستصبح مشكلة أمنية مثل غزة في السنوات القادمة، إن لم يكن معالجتها، فإن جنين ستصبح مشكلة أمنية في السنوات القادمة. وبصرف النظر عن الفرق المهم بين جنين وغزة، فإن مقاتلي المقاومة في المنطقة هم بمسافة صفر مع المحتلين وسيتسببون بأضرار أكثر حدة للكيان الصهيوني.
محللون صهاينة: تجربة غزة تتكرر
في هذا الصدد، أعلنت صحيفة "إسرائيل هو" العبرية أن الصواريخ التي تم إطلاقها الآن من الجنين هي أولية وبسيطة، لكن مجموعات المقاومة تفكر في تكرار تجربة غزة في الضفة الغربية.
وفقًا للصحيفة العبرية، تحاول مجموعات المقاومة إطلاق صاروخ في شمال الساحل الغربي على مدار الشهرين الماضيين، وفي كل مرة يبدو أن الإطلاق ونوع المواد المستخدمة في الصواريخ قد تحسنت، حيث كانت هذه الصواريخ بسيطة للغاية وعادية، لكنها تحسنت وسافروا أكثر.
قال أحد ضباط وقادة الجيش الصهيوني السابقون إن هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الفلسطينيون إطلاق الصواريخ، وقد بذلت جهودا لبناء وترقية الصواريخ والقذائف في الضفة الغربية، ولذلك قام الجيش بمداهمة ورش عمل الصواريخ في شمال الضفة الغربية، لذلك لم يفاجأ بما يحدث وأكد أن ما يقوم به الفلسطينيون هو خط أحمر.
ذكرت المصادر العبرية كذلك أنه في ضوء مخاوف واهتمامات المستوطنين، يحقق الجيش حاليًا في تركيب أنظمة التحذير حول المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية مثل قطاع غزة.
ما هي التغييرات التي حدثت في جنين؟
لدى الخبير الفلسطيني أحمد أبو زهري نظرة أعمق على أحداث جنين، حيث يعتقد أن ظروف الضفة الغربية تمت ترقيتها لتنفيذ عمليات فريدة من نوعها ضد المحتلين الصهاينة وستكون مختلفة مع ما سبقها في الماضي.
في الوضع الحالي، واجهت خدمات الجيش والأمن في الكيان الصهيوني تحديات وتهديدات معقدة جعلت جنين أحد أخطر الميادين لكيان الاحتلال. وأدت التدابير المتخذة مؤخرًا في جنين إلى تطورات أساسية يمكن تلخيصها في القضايا التالية:
1- في الوضع الحالي، يجب أن يتصرف الجيش الصهيوني في بيئة صعبة وخطيرة بسبب قوتها وقدرتها على المواجهة المباشرة.
2- زاد فشل عمليات الجيش الصهيوني في جنين بشكل كبير بسبب قدرة المقاومة الفلسطينية.
3- لقد أدى الجيش الصهيوني إلى تأخير العديد من عملياته، وحتى قادة الجيش أُجبروا على تغيير خططهم العملياتية.
4- أجبر خطر اختطاف القوات الصهيونية من قبل كمائن للمقاومة في جنين القادة العسكريين على قصف جنين بشدة وإرسال المعدات العسكرية إلى المنطقة لمنع هذا الخطر، الذي أضاف ثقلاً على الصعوبات العملياتية للجيش الصهيوني. وفي الوقت نفسه، زادت الانتقادات لحجم العنف الصهيوني.
لماذا هجمات الصواريخ من جنين خطير؟
خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية، شهدنا تطورات كبيرة في تطوير القدرة العسكرية في الضفة الغربية، وخاصة في جنين. تمكنت المقاومة من بناء جميع أنواع القنابل على جانب الطريق وإنتاج صواريخ تستهدف المستوطنات الصهيونية المجاورة. صحيح أن هذه الصواريخ كانت قيد التنفيذ وغير فعالة، ولكن كان لها آثار أمنية وسياسية خطيرة للغاية. نظرًا لأن السلطات الصهيونية لم تراها أبدًا على أنها قضية بسيطة وتافهة، فإنها تخشى ما هو أكثر خطورة بكثير من قدرات المقاومة الخفية من أي وقت مضى! حيث يشعر الصهاينة في هذه الأيام بقلق أكثر من عواقب هذه الظاهرة ومستقبل الضفة الغربية والمزيد من قوة المقاومة.
يتابع الكيان الصهيوني في الأسابيع الأخيرة ما يحدث في الجنين مع خوف شديد وقلق، وأسباب ذلك بالنسبة للصهاينة هو ما يلي:
1. الخوف من تكرار تجربة غزة وأن صواريخ جنين قد تصبح صواريخ أكثر خطورة.
2. الخوف القوي من أن تصبح بعض المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية هدفًا مباشرًا لهذه الصواريخ.
3. الشعور بالقلق من أن المقاومة يمكن أن تنشئ معادلات جديدة والوصول إلى أي هدف في المناطق المحتلة؛ وهي قضية ستكلف المحتلين الكثير من المال وتحرمهم الأمن العام للكيان الصهيوني.
4. الخوف والقلق من أن هجمات الصواريخ على الضفة الغربية قد زادت من قوة ووجود المقاومة في المنطقة، وبالتالي تزيد من شعبية مجموعات المقاومة بين الشعب الفلسطيني، خاصة وأن الصواريخ من الضفة الغربية قريبة من المستوطنات. وستشكل خطرًا أكبر بكثير من غزة على عمق الأراضي المحتلة الصهيونية.
إن التحول في الضفة الغربية لديه رسائل مهمة في تحقيق مقاومة القدرات العسكرية للكيان، بما في ذلك إنتاج الصواريخ، حيث أن المقاومة تمكنت من السيطرة في غزة ولديها استراتيجية لتعزيز قدراتها بأسلحة مختلفة في أعقاب جرائم الاحتلال ضد الضفة الغربية.
لكن القضية المهمة هي أن المقاومة من خلال هذه الصواريخ قد أعطت العديد من الرسائل إلى الكيان الصهيوني، وأبرزها أن الجهود المبذولة لتدمير المقاومة لم تفشل فحسب، بل إن المقاومة تسعى لامتلاك أسلحة جديدة. وهذا خلق ظروفاً أكثر صعوبة وأكثر تعقيدًا بالنسبة للجيش والمستوطنين الصهيونية. لذلك، في الوضع الجديد، لن تكون الضفة الغربية مكانًا آمنًا للمحتلين وسيتبع كابوس غزة وصواريخ المقاومة للاحتلال أينما كانوا.
ما جعل قادة الكيان المزيف هذه الأيام ليس مشكلة بسيطة وساحقة يمكن أن تكون مضغوطة مع عملية عسكرية حتى على نطاق واسع.
في هذه الأيام أحرزت عملية تسليح الضفة الغربية، وخاصة في الجزء الشمالي، تقدمًا لدرجة أنها وضعت الصهاينة تفكر في السيطرة على الموقف. سيطرت أحداث هذه الأيام في جنين، التي بدأت في تعزيز قدرة العبوات على جانب الطرق والصواريخ من جنين إلى المستوطنات الصهيونية، على عقول الصهيونية في غزة من قبل عقدين؛ حيث كانت المقاومة الفلسطينية في غزة تحاول في البداية استهداف الصهاينة باستخدام أبسط الأنواع من الأسلحة العسكرية والصواريخ، ولكن في الوضع الحالي، بعد خمس سنوات، أصبح من الممكن تنشأ معادلة عسكرية مع الجيش للكيان الصهيوني المسلح وتمنع المحتلين من فكرة الهجوم ليس فقط على غزة ولكن أيضًا على القدس المحتلة والمناطق الفلسطينية الأخرى.
يجري حديث بين قادة صهيونيين عن احتمالية تحويل جنين إلى غزة اخرى، وربما يرون الأيام التي ستقاوم فيها جنين وأجزاء أخرى من الضفة الغربية لإجبار الصهاينة على الانسحاب من الضفة، كما رحلوا عن قطاع غزة عام 2005.
