الوقت_ لعرقلة مساعدة الشعب السوريّ، الذي تحمل الكثير من الخيبات والألم، أقرّ الكونغرس الأمريكي مؤخراً، قانوناً جديداً بمثابة "صخرة أمام مساعدة سوريا"، ويختص بجهود بعض الدول لإعادة ترميم وتطبيع العلاقة مع سوريا، في قرار أمريكيّ ليس بغريب من الدولة التي حاربت دمشق لسنوات طويلة وأرادت إضعاف وتمزيق سوريا لإرضاء بني صهيون، وعقب سنوات من الدمار والحصار ما زالت تسرق الثروات السورية وتتوجه بها إلى الأراضي العراقية عبر المعابر غير الشرعية لسوريا التي تعيش أيام الزلزال عقب حصار خانق ووضع اقتصاديّ يصفه الناس بـ "المأساويّ"، وذلك في سياق اللعنة الأمريكيّة التي انصبت على هذا الشعب منذ سنوات طويلة ودمرت بلاده ونهبت خيراته وأقدمت على قتل كل ما هو جميل فيه بالتعاون مع بعض الجهات الحكوميّة والإرهابية التي هي في الأساس صناعة أمريكيّة.
بدل أن تصدر واشنطن قانوناً جديداً لدعم السوريين –كل السوريين- بكل انواع المساعدات، أصدرت قانوناً جديداً لمنع وعرقلة التطبيع مع سوريا، كي لا تظهر الإدارة الأمريكية كالخاسر في هذه الحرب التي لم تترك أخضر في البلاد، وتأتي تلك الأنباء في ظل الوجود غير الشرعيّ للقوات الأمريكيّة في المنطقة الشرقيّة السوريّة والذي يركّز على "الفوائد الاقتصاديّة والتقسيم" بمزاعم دعم من تُطلق على نفسها "قوات سوريا الديمقراطية" التي يهيمن عليها بعض القياديين الأكراد الحالمين بدولة قوميّة ضمن سوريا.
وفي ظل حديث وسائل الإعلام الأمريكية عن أن القرار حاز شبه إجماع كامل، وقد أقرّ مجلس النواب الأمريكي مشروع القانون السوري الذي عملت عليه المعارضة السورية في الكونغرس، تتهم الولايات المتحدة أساساً بغضها الطرف عن الوضع الإنسانيّ المقيت للشعب السوريّ ونهب ثرواته، والحفاظ على سياسة قذرة نتيجة معارضة سياسة الرئيس بشار الأسد، وقد عملت الولايات المتحدة على عرقلة مسار المساعدات الإنسانية الدولية المنقذة للحياة والتي تهدف إلى مساعدة ضحايا الزلزال حتى أجبرت على تعليق قانون قيصر شكليّاً، لكنّها لو قتلت كل أبناء هذا البلد بلمحة بصر لما تحرك للأمريكيين ساكن.
ووفقاً للمعلومات، فإنّ القانون يضمّ عدّة بنود مهمة، من أبرزها أن المساعدات التي ترسل إلى الأراضي السورية يجب أن تكون ضمن آلية معينة حتى لا يتم الاستيلاء عليها من قبل الحكومة على حد زعمهم، مشدّدين على أنّ عقوبات قانون “قيصر” الإجراميّ يجب أن تطبق، كما أن التطبيع مع الدولة السورية أمر مرفوض من قبل أعضاء الكونغرس الأمريكي أي البيت الأبيض، وهذا طبيعيّ جداً من الدولة الإرهابية التي تعامت عن أرواح الأبرياء وبلائهم وقتلت ودمرت سوريا وشعبها وما زالت تسرق بوضح النهار قمحهم ونفطهم، وتدعم مشاريع التقسيم والإرهاب والتجويع، رغم الأوضاع المعيشيّة والاقتصاديّة الصعبة التي يعيشها السوريون والتي لا يمكن وصفها بكلمات بعد الزلزال المدمر، في وقت تفرض فيه واشنطن –صاحبة هراء حقوق الإنسان والديمقراطية- أشدّ العقوبات والحصار على السوريين والذي يذيقهم الويلات، فيما ينجو من ذلك المناطق التي يديرها عملاء واشنطن أي المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة السوريّة وبالأخص مناطق ما تُسمى "الإدارة الذاتية"، حيث تؤكّد دمشق كل مدّة أنّ ثرواتها تُسرق أمام الجميع وغالباً ما تتجه نحو الأراضي العراقيّة برفقة مدرعات عسكريّة تابعة لجيش الاحتلال الأمريكيّ.
وعلى ما يبدو فإنّ زيارة عدة فود عربية ولقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، في محاولات لإصلاح العلاقات من "قلب العروبة النابض" قد صفع الأمريكيين وسياستهم الفوضويّة في العالم، وخاصة بعد انقطاع دام لسنوات، وبالتالي فإنّ تهافت الوفود العربية إلى سوريا للقاء الأسد، وتعبيرهم عن تضامنهم مع ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، أغضب البيت الأبيض الذي أصدر "برلمانه" قانوناً لا يحترم سيادة الدول ولا القانون الإنسانيّ تحت كذبة أنّ ذلك تمّ برغبة المعارضين السوريين، بعد أن تحمل السوريون الكثير من المآسي في واحدة من أشد الحروب الدمويّة التي مرت في تاريخ البلاد والتي أطفأت شمعتها الحادية عشر.
كيف لا؟ ، والولايات المتحدة وبسبب تاريخها الدمويّ والقذر في تدمير الدول وحصار الشعوب واغتيال السلام، وباعتراف مسؤوليها هي التي أسست ونظمت وسلحت تنظيم “داعش” الإرهابيّ وقامت بزرعه في المنطقة لتدمير سوريا وغيرها، وسهلت ويسرت لجميع الإرهابيين والمجرمين والمنحرفين فكريّاً وأخلاقيّاً الانضمام لهذا التنظيم، وساعدتهم بقوة في التغلغل داخل الأراضي العراقيّة والسوريّة، بهدف إثارة الفوضى وتفتيت الجيوش النظاميّة واستنزافها، وبعد فشل التنظيم الإرهابيّ رغم عملياته الاجراميّة الكثيرة وتمدده لسنوات على الارض وسيطرته على العديد من المدن، قامت واشنطن بتنفيذ السيناريو الذي وضعته أجهزة مخابراتها، ونشرت قواعدها وقواتها المُحتلة بشكل غير شرعيّ تحت عنوان “محاربة داعش”، لتحقق مؤامراتها في تدمير الدول التي تعتبر معادية لها وللكيان الصهيونيّ المجرم فتنهب خيراتها وتحاصر شعبها وتحاول القضاء على دورها، واستخدمت كل قوانينها "الإرهابيّة" لقتل ما تبقى من حياة في بعض الدول.
من ناحية أخرى، يريد البيت الأبيض حرمان الشعب السوريّ من ثرواته ورزقه ومنع أيّ أحد من مساعدته ودعمه، في ظل مواصلة حصار جائر يفرضه الأمريكيّ وحلفاؤه وأدواته في المنطقة ضد هذا البلد، بعد أن تبنّت الإدارة سياسة الاحتلال شمال شرق سوريا، لتحقيق مشاريعها الهدامة في المنطقة، فيما تعتبر دمشق أنّ الحملات المسعورة والمتكررة الخاصة بالوضع الإنسانيّ في البلاد تمثل أبشع أشكال النفاق، ويتجاهل أصحابها أنهم السبب الأساس في معاناة السوريين جراء دعمهم للإرهاب.
في النهاية، كذب الأمريكيون ولو صدقوا، وإنّ الغدر الأمريكيّ في شعوب المنطقة ليس جديداً والعراق أكبر الشهود، في ظل قيامهم بتجويع وزيادة مأساة الشعب السوري الذي يعيش أسوأ الظروف في تاريخه، وإنّ الأهداف الأمريكيّة من هذا القانون واضحة للجميع، فعقلية الأمريكيّ لم تتغير يوماً، والرغبة الأمريكيّة بإسقاط الأنظمة المخالفة لها وتدمير البلدان وحصار الشعوب التي لا تخنع لإملاءاتها علنيّة، أم نسينا أنّ وواشنطن عملت كل ما بوسعها لإسقاط سوريا المقاومة من خلال دعم التنظيمات الإرهابيّة بشكل لا محدود بالتعاون مع دول معروفة، لكنها اصطدمت بأكثر من 11 عاماً من الانتصارات التي حققها الجيش السوريّ وداعموه من الحلفاء وبالأخص محور المقاومة، لهذا لم يتبقَ لديها سوى "إرهاب الكونغرس" وقوانينه الدمويّة المخادعة التي لم تتبنَ يوماً قراراً لمحسابة الآلة العسكريّة للعصابات الصهيونيّة الفاشيّة في فلسطين.