الوقت- إضافة إلى التأثير الاقتصادي على السوق وأسعار السلع، تسببت تقلبات الدولار في الأسابيع الأخيرة في العراق في بعض التوترات السياسية. وأعلنت اللجنة المالية في مجلس النواب، الخميس الماضي، أنها تعتزم تشكيل لجنة لمتابعة تأخر الحكومة في تقديم مشروع قانون الموازنة لعام 2023.
في الواقع، أدت تقلبات الدولار إلى عدم قدرة حكومة السوداني المشكلة حديثًا على تقديم مشروع قانون الموازنة للموافقة عليه في البرلمان في الوقت المحدد. يعتبر البعض هذا الإجراء نتيجة محاولة الحكومة إعادة استقرار العملة للبلاد قبل تعديل الموازنة، لأن تخفيض سعر الدينار ربما يكون قد عطل الخطط السابقة في مشروع قانون تحديد موازنة القطاعات الاقتصادية المختلفة.
تشمل إجراءات الحكومة في الأسابيع الأخيرة المؤشر الداخلي لمجموعة الإجراءات التي بدأها البنك المركزي العراقي بشأن زيادة مبالغ النقد الأجنبي الممنوحة للمسافرين، سواء على مستوى السياحة أو العلاج أو على مستوى التعليم بالسعر المعتمد.
أيضًا، نظرًا لأنه كان واضحًا للجميع تقريبًا أن السبب الرئيسي للأزمة هو خارجي ويعود إلى الضغط الأمريكي على بغداد بسبب تهريب الدولار العراقي من قبل جهات خارجية، لذا فقد سعت الحكومة أولاً إلى حل هذه القضية من خلال المفاوضات.
وفي هذا الصدد، تحدث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الجمعة الماضي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر الهاتف عن الأزمة الاقتصادية والجهود المبذولة لإيجاد صيغة لحل نهائي لحل الخلافات. وفي الوقت نفسه، أرسل السوداني وفدا رفيع المستوى من المسؤولين الاقتصاديين، من بينهم وزير المالية وعلي العلاق رئيس البنك المركزي، للتباحث مع المسؤولين الاقتصاديين الأمريكيين، و لا سيما ممثل البنك الفيدرالي في اسطنبول بتركيا.
عودة الاستقرار بعد لقاء اسطنبول
وبعد المحادثات بين المسؤولين العراقيين والأمريكيين، شهد سعر الدولار انخفاضا كبيرا في الأسواق المالية العراقية، حيث انخفض الـ 100 دولار إلى 164 ألف دينار بعد أن وصل إلى مستوى قياسي بلغ 177 ألف دينار.
يظهر الخبر المنشور أن من أهم الاتفاقيات المتعلقة بمرونة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إعطاء العراق مهلة لتنفيذ الإجراءات والشروط المالية لرجال الأعمال، وخاصة فيما يتعلق بتهريب العملات.
ونتيجة لهذا الاتفاق، توقعت اللجنة المالية في مجلس النواب، الأحد، إرسال موازنة هذا العام إلى البرلمان بحلول نهاية الأسبوع. مع انتهاء أزمة المضاربة بالدولار وتزيد من قيمة الدينار.
وقال عضو اللجنة جمال كوجر في تصريح لـ "المعلومة": "الحكومة عازمة على إرسال الميزانية في الأيام المقبلة ومن المنتظر أن تصل إلى مجلس النواب نهاية الأسبوع".
وأضاف: "أزمة الدولار لا يمكن أن تستمر ، لذا فإن الموافقة على الموازنة مؤشر إيجابي للدينار العراقي، لأنه التعامل بذلك النحو الدولار يكلف السوق نحو 200 تريليون دينار".
وأشار إلى أن ملامح موازنة العام الحالي تختلف اختلافا جوهريا عن الأعوام السابقة وتتضمن إجراءات تصحيحية في برنامج الحكومة.
استمرار القلق من عودة الأزمة
وحسب الخبراء، فإن الانخفاض الكبير في سعر الدولار قد يكون بداية عودة الأسعار إلى ما كانت عليه من قبل أو الدخول في مرحلة أكثر خطورة مما يمر به العراق حاليا.
في الحقيقة، يعتقد الكثيرون أن نجاح الحكومة في وقف هبوط قيمة الدينار أمام الدولار لا يعني أن الأزمة قد حُلّت بالكامل، لأن الولايات المتحدة معروفة بسياستها "الخبيثة" واستخدامها السياسي لأداة الدولار، ويمكنها استخدام هذه الأداة متى شاءت ضد الاقتصادي في العراق مرة أخرى.
وفي هذا الصدد حذرت عضو مجلس النواب سهيلة السلطاني بدورها من استمرار السيطرة الأمريكية على الاقتصاد العراقي من خلال السيطرة على السندات الدولارية وأكدت أن استمرار هذا الوضع سيقلص من سيادة الحكومة العراقية.
مشيرا إلى أن واشنطن تفرض هيمنتها بشكل غير طبيعي على العراق اليوم من خلال بنك الاحتياطي الفيدرالي، أشار السلطاني إلى أن أموال البلاد وما تجنيه من بيع النفط تذهب إلى الولايات المتحدة، والحكومة الأمريكية وفق أوامر معينة توفر الدولار لبغداد ".
وحذر السلطاني من استمرار السياسات الأمريكية وتهديد الاقتصاد العراقي من خلال الدولار وأكد: هذا الوضع سيكون قنبلة موقوتة وتهديدًا بتفجير المجتمع العراقي.
كما اتهم زعيم الائتلاف الوطني إياد علاوي، الأحد، الولايات المتحدة بابتزاز حكومة السوداني، ما يدل على أن قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هي للسيطرة على العراق. وأضاف: إن زيادة سعر الدولار وقرارات البنك الفيدرالي الأمريكي ليست مصادفة ويمكن أن تكون عوامل ضغط على الحكومة.
وقال علاوي في مقابلة تلفزيونية: "على العراق أن يتجه نحو بيع النفط للهند والصين ودول أخرى من أجل الحصول على الدولارات فورًا ودون الدخول في أزمة كما يحدث الآن".
ولفت إلى أن "وزير الخارجية سيتوجه إلى واشنطن لبحث أزمة الدولار وإخراج العراق من الفصل السابع مع الالتزام بسياسة نقدية واضحة".