الوقت- في السنوات الاخيرة تزايد الظلم ضد المسليمن في الهند بشكل كبير حيث إن الدعوات للتطهير العرقي وقتل المسلمين لم تعد أمراً غريباً في الهند، في نفس الوقت الحكومة في الهند لم تقم باتخاذ أي إجراء ضد هذه الأجندة المتطرفة، بل إن تلك الدعوات العنصرية تلقى دعماً وتأييداً من قبل قادة سياسيين ومسؤولين عن الأمن، فاليوم بات المتطرفون الهندوس يهيمنون فعلياً على السياسة في البلاد، حيث وصل الخطاب العنيف إلى مرحلة جديدة خطيرة، من دعوات للاستعداد لـ"قتل مليوني مسلم"، إلى محاولة عزل المسلمين بقرار حظر ارتداء الحجاب في مدارس جنوبي البلاد، وغيرها من الاعتداءات المتكررة.وما يزيد قلق مسلمي الهند على مصيرهم، أن هذا التوجّه العنصري ضدهم بات مكرساً داخل السلطة، بل نهجاً من المتوقع أن يسير عليه من يخلف مودي في السلطة، وفي هذا السياق قالت الغارديان موخراً إن : "المتطرفين الهندوس يروجون لنظرية “استبدال” وأكذوبة “القنبلة السكانية” في حربهم ضد المسلمين".
معاناة المسلمين في الهند تتواصل
في سياق التبرير للقيام بالجرائم ضد المسلمين في الهند، برز خطاب بعض الهندوس المتطرفين التحذيري من المسلمين في الهند، وبأنهم يسعون لتحويل البلاد إلى دولة مسلمة،نشرت صحيفة “الغارديان “مقالا للصحفي تشارو سودان ناقش فيه خداع المتطرفين الهندوس واستخدامهم “أسطورة” “القنبلة السكانية” التي تدعي أن المسلمين الهنود سيزيد عددهم بسبب معدلات الخصوبة حتى يصبحوا الغالبية ويقضوا على الهندوسية. وقال إن هذه هي النسخة الهندوسية من “نظرية الاستبدال العظيم” التي تلجأ إليها جماعات اليمين المتطرف في أوروبا لمحاربة المسلمين في أوروبا وأمريكا والتضييق عليهم.وقال الكاتب إن الكاهن ياتي نارسينغاناند وجه سابقا تحذيرا صارخا لمليار هندوسي في الهند: أنجبوا المزيد من الأطفال أو كونوا مستعدين للعيش في دولة إسلامية.
من طرفٍ آخر أعلن الكاهن الهندوسي المتطرف في اجتماع ديني الشهر الماضي، وكان قد خرج بكفالة بعد اعتقاله في وقت سابق من هذا العام بتهم خطاب الكراهية: “بهذه الطريقة التي تتزايد بها أعدادهم (المسلمون)، سيكون هناك رئيس وزراء مسلم في عام 2029.. بمجرد حدوث ذلك، سيضطر 50% من الهندوس للتحول الديني، وسيقتل 40%” منهم.إلا أن بيانات ناتجة عن مسح حكومي في شهر أيار/مايو كشفت عن كذبه الصارخ. وجاء فيها أن 14% فقط من البلاد يتبعون الإسلام.هذه هي النسخة الهندوسية من “نظرية الاستبدال العظيم” التي تلجأ إليها جماعات اليمين المتطرف في أوروبا لمحاربة المسلمين في أوروبا وأمريكا والتضييق عليهم.
"نظرية الاستبدال العظيم" يستخدمها العنصريون الهندوس لتبرير جرائمهم
يستخدم العنصريون الهندوس تضخيم "نظرية الاستبدال العظيم" من أجل اللعب على وتر الخوف المتعلق باحتمالية وجود أغلبية مسلمة في الهند في دولة 80% من سكانها هندوس.فالأسطورة الوحيدة التي يتم الاستشهاد بها بشكل متكرر: معدل الخصوبة أعلى بشكل ملحوظ بين المسلمين مقارنة بالمجتمعات الأخرى في الهند.ويقول الكاتب إنه الآن، ومع القتل الجماعي الأخير الذي وقع في بوفالو، نيويورك، انطلق تدقيق جديد لـ “نظرية الاستبدال العظيم” لليمين المتطرف الأمريكي، فاخترقت البيانات الجديدة نسخة الهند الخاصة من النظرية، حيث يزعم أن الهندوس ضحايا للنمو الديموغرافي الإسلامي الدراماتيكي.
ولكن في الحقيقة ومن جهةٍ أخرى يظهر أحدث مسح وطني لصحة الأسرة في الهند نتائج مخالفة لما يدعيه المتطرفون الهندوس ، أن معدل الخصوبة لدى المسلمين انخفض أكثر بين جميع المجتمعات بين 2015-2016 و2019-2020، ويبلغ الآن 2.36، أي ما يقرب من نصف الرقم – 4.4 – منذ ثلاثة عقود. في حين أن هذا لا يزال الأعلى بين جميع الأديان في الهند إلا أن الفجوة بينه وبين معدل الخصوبة الهندوسي – 1.94 – آخذ في التقلص. وأكدت الإحصاءات الأخيرة النتائج التي توصل إليها مركز بيو للأبحاث في أيلول/ سبتمبر الماضي، بناء على بيانات قديمة. ويقول رئيس مفوضية الانتخابات الهندية السابق شهاب الدين قريشي، الذي يتحدى كتابه “الأسطورة السكانية” الذي نشر عام 2021 هذه الفكرة: “إن الأمر واضح كضوء الشمس: فكرة أن المسلمين سيصبحون أكبر مجتمع في الهند هي خدعة كاملة”.
الكراهية ضد المسلمين ليست ظاهرة حديثة بل إنها اتخذت أشكالا مختلفة
تزايدت الاعتداءات على المسلمين في الهند، واتخذت أشكالا مختلفة خلال السنوات الماضية، في ظل ردّ فعل ضعيف من الحكومة الهندوسية، حيث تصاعد العنف ضد المسلمين منذ عام 2014 في ظل الحكومة القومية الهندوسية، ومؤشر ذلك أن أكثر من 90% من ضحايا جرائم الكراهية في الهند خلال 10 سنوات الماضية كانوا من المسلمين ،وإن العنف الذي يتعرض له المسلمون في الهند، ولاسيما بعد إقرار البرلمان قانون الجنسية المثير للجدل، يدمر صورة التنوع التي اشتهرت بها الهند، من شأنه أن يجُر الهند نحو مشاكل كبيرة.
من جهةٍ اخرى فإن استهداف المسلمين لا يقتصر على الاعتداءات الجسدية، بل يتخذ أشكالا أخرى، مثل حرق منازل وممتلكات كثير من المسلمين خلال أعمال العنف الأخيرة، إشاعة الاخبار الكاذبة التي تهدف إلى تشويه سمعة الأقلية المسلمة، وباتت الاعتداءات على المسلمين من قبل الجماعات الهندوسية القومية شائعة في الهند دون أن تلقى سوى القليل من الإدانة من الحكومة الهندية، وتعامل الإعلام مع الأخبار التي تتعلق بالأقلية المسلمة ونشر الأخبار المزيفة وإثارة الكراهية، وتعيش الهند حملة منظمة ومستمرة من قبل السياسيين القوميين لنشر التطرف بين الهندوس لجعلهم يعتقدون أنه يجب تهميش المسلمين إذا أراد الهندوس التقدم”، وأن القومية الدينية فكرة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى العنف الطائفي ، وأن “السلطة السياسية الحاكمة التي تدعي ممارسة ديمقراطية برلمانية هي التي تتحمل المسؤولية ، فإلى متى يمكن أن تتجاهل ذلك؟”
في الختام إن القمع والاضطهاد غير المسبوق بحق المسلمين في الهند قد أصبح عرضاً مستمراً ومتواصلاً على مدى السنوات الماضية، ولا يلوح في الأفق أن هناك تغييراً ما قد يحدث، ولا أحد يمكنه التنبؤ بما قد تؤول إليه الأمور في نهاية المطاف، بعد أن وصل التحريض على القتل إلى درجة كبيرة. وفي هذا السياق وفي الوقت الذي وصل فيه التحريض على المسلمين لأعلى درجاته وسط صمت عربي وإسلامي مخزٍ من قبل بعض الحكومات العربية والإسلامية.