الوقت- لقد كانت حكومة الإمارات متورطة في العدوان ضد اليمن من خلال مشاركتها في تحالف العدوان العربي الأمريكي منذ البداية ولقد أرسلت أكبر القوات والمعدات العسكرية إلى اليمن بعد السعوديين. ولقد اختتم القادة الإماراتيون، الذين اعتقدوا في البداية أن الإنفاق العسكري الهائل الذي أنفقوه على حرب اليمن سيحقق أهدافه الاستراتيجية في هذا البلد الفقير، ومنذ بداية العدوان على اليمن، كانت استراتيجية الإمارات في اليمن مختلفة عن الاستراتيجية السعودية. حيث كان الهدف الرئيسي للإمارات هو توسيع نفوذها في المناطق الساحلية وجنوب اليمن لتستخدمه في تعزيز وجودها على الخطوط البحرية في خليج عدن ومضيق باب المندب وأجزاء من القرن الأفريقي وحاولت الإمارات بشكل أساسي التأثير على مجرى الأحداث في جنوب اليمن من أجل إضعاف حكومة "عبد ربه منصور هادي" المستقيلة ومنعها من مواجهة أهداف الإمارات في المنطقة.
وفي هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن أبو ظبي قامت خلال السنوات الماضية ببناء قواعد عسكرية لها بمساعدة تل أبيب في بعض الجزر اليمنية الواقعة في البحر الاحمر وخليج عدن وذلك من اجل السيطرة على الملاحة البحرية. إن مغامرة دولة الإمارات في بناء قاعدة عسكرية للصهاينة في جزيرة سقطرى خلال الفترة الماضية ليست فقط لتغيير ميزان القوى وتقليص النفوذ السعودي في المناطق الجنوبية من اليمن، بل إن هذه الخطوة الخطيرة ستوفر فرصة للكيان الصهيوني للتحرك في هذه المنطقة بشكل حر وسلس. ومن خلال التمركز في هذه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 3769 كيلومترًا مربعًا، سيكتسب الجيش الصهيوني أيضا ميزة عسكرية خاصة في المحيط الهندي، فضلاً عن فرصة مراقبة التطورات في خليج عمان وضواحيها، بما في ذلك الخليج الفارسي. وقبل شهر، أظهرت تقارير اخبارية، أن مئات من السياح الإسرائيليين توافدوا على سقطرى مستخدمين تأشيرات إماراتية. وجاء ذلك بعد شهور من توقيع اتفاقية التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات في سبتمبر/أيلول من العام الماضي.
وعلى نفس هذا المنوال، كشفت العديد من المصادر الاخبارية أن الإمارات العربية المتحدة بدأت قبل عدة أيام في بناء منشأة عسكرية على جزيرة عبد الكوري الاستراتيجية في اليمن، الواقعة بين خليج عدن والقرن الأفريقي. وقالت المصادر إن الإمارات تواصل نشاطها العسكري المعادي وانتهاكها للسيادة اليمنية في أرخبيل سقطرى بالمحيط الهندي، دون أي رادع أو موقف من حكومة الفنادق اليمنية، والسعودية، التي تقود تحالفاً لدعمها، كما تزعم. وأضافت تلك المصادر أن أبوظبي شرعت في بناء منشأة عسكرية في جزيرة "عبد الكوري"، ثاني أكبر جزر أرخبيل سقطرى. وأشارت إلى أن الإمارات تحاول إغراء السكان المحليين فيها، بما يمهد لنقل مليشيات مسلحة من خارج الجزيرة والأرخبيل بشكل عام. وأكدت المصادر أن هذه "النشاط الإماراتي يقابله موقف مخز من القيادة اليمنية الشرعية أمام هذه الانتهاك الصارخ لسيادة الدولة، وتحت مرأى ومسمع من شريكتها، السعودية". من جانبه، أفاد الصحفي اليمني المقيم في سقطرى، "عبدالله بدأهن"، بأن الإمارات أرسلت فريقا من الخبراء الأجانب بمعية شركة مقاولات محلية تابعة لها، وقيادات عسكرية موالية لها، من سقطرى إلى جزيرة "عبد الكوري"، ثاني أكبر جزر أرخبيل سقطرى. تعمل الإمارات في جزيرة "عبد الكوري" منذ حوالي شهرين، على بناء عدد من المنشآت، من بينها إنشاء مدرج صغير للطائرات المروحية والعمودية، بالإضافة إلى ميناء بحري ومنشآت أخرى، في ظل حالة الحرب والضعف التي بعيشها اليمن. وتابع: "لا تزال الأعمال الإنشائية تجري وسط تحركات سرية وتكتم شديد".
ونقل الصحفي "بدأهن" عن مصادر محلية، قولها "إن مروحيات إماراتية في تردد مستمر على جزيرة "عبد الكوري"، حيث تقوم بنقل الفريق من وإلى سقطرى القابعة تحت سيطرة مليشياتها منذ ما يقارب العامين". وحول أهمية جزيرة "عبد الكوري"، يؤكد الصحفي أنها تحتل مكانة استراتيجية هامة، حيث تطل على خطوط الملاحة الدولية بالقرب من باب المندب والقرن الأفريقي، فيما تقع على بعد حوالي 120 كلم عن سقطرى الأم، وهي ثاني أكبر جزر الأرخبيل، وتبلغ مساحتها حوالي 133 كم. ويبلغ عدد سكانها حوالي 1000 ألف نسمة، يعتمدون على اصطياد الأسماك بالدرجة الأولى في حياتهم، بينما لا يحظون بأي حقوق من الدولة على امتداد الأنظمة المتعاقبة على اليمن، حسبما ذكره بدأهن. وأعرب عن خيبة أمله في عدم قيام الدولة بأي مشاريع تنموية في تلك الجزيرة، حيث تغيب الخدمات من تعليم كاف، وكهرباء ومياه، وشبكة اتصالات ومواصلات، بالإضافة إلى عدم وجود مطار أو ميناء فيها، موضحا أن هناك وحدة عسكرية بقوام كتيبة تتبع اللواء الأول مشاة بحري في سقطرى، متواجدة في جزيرة عبد الكوري.
ومنذ سيطرة المليشيات الانفصالية المدعومة من الإمارات على جزيرة سقطرى في يونيو 2020، بدعم سعودي، التي تمتلك قاعدة عسكرية في مدينة حديبو، عاصمة الأرخبيل، يغيب أي حضور رسمي يمني هناك. وسقطرى عبارة عن أرخبيل من 6 جزر على المحيط الهندي، وفي الختام يمكن القول إنه أصبح لا يخفى على أحد أن الهدف الأساسي للإمارات في جزيرة سقطرى وجزيرة ميون هو موقعهما الاستراتيجي الذي يتلاءم تماماً مع تصورها لنفسها كإمبراطورية بحرية، تسيطر على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي. فمن يهيمن على سقطرى وميون لاسيما ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية بالجزيرة يمكنه أن يسيطر على الملاحة قرب مجموعة أهم المضائق المائية في العالم، فهاتين الجزيرتين ليستا بعيدتين عن مضيق هرمز وقريبة لمضيق باب المندب ومنه إلى قناة السويس. وتاريخياً دفعت الأهمية الاستراتيجية لأرخبيل سقطرى وميون الطامعين الأجانب إلى محاولة احتلالها والسيطرة عليهما. كما يمكن القول إن الهدف لم يكن يوما فرض السلام في اليمن ولا التصدي لتوسع قوات "أنصار الله" كما تزعم الإمارات على الدوام بقدر ما هو خدمة أسيادها من الصهاينة وتمهيد الطريق لهم حتى يتحولوا إلى قوة بحرية كبرى تهدد الأمن القومي العربي وتقلب القوى لمصلحتها وهو ما دأبت الإمارات على الاشتغال عليه بكل عزم يقيم الدليل على خيانتها الواضحة وانخراطها العلني في الحرب على العرب والمسلمين.