الوقت- قالت منظمة سند لحقوق الإنسان أن القضاء السعودي يعاني بشدة من تدخلات من قبل السلطة الحاكمة كما أنه منحاز لمزاجيات أصحاب القرار في الأسرة الحاكمة ومفاصل الحكم. كما سلطت هذه المنظمة الحقوقية الضوء على التدخلات المستبدة التي يراد منها استخدام القضاء السعودي كأداة لقمع الأصوات الحرة من خلال الأحكام التعسفية التي تنتهك حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وفي هذا السياق أكد الناشط الحقوقي السعودي سعيد الغامدي أن النظام القضائي ينص في مادته الأولى على أن القضاة يجب أن يكونوا مستقلون ولا سلطان عليهم في قضائهم، لغير أحكام الشريعة والأنظمة المرئية، وليس لأحد التدخل في القضاء.
ومن جانبه، أشار المعارض السعودي عبد الله الغامدي إلى أن القضاء كله يعتمد عندنا في بلاد الحرمين على رغبة ولي الأمر وتدخلاته، وهو ما جعله غير مستقل ويستخدم وسيلة للقمع والاستبداد.
أما ماجد الأسمري أحد المشاركين في المساحة قال إن فساد القضاء والتدخلات التي يعاني منه غيّب العدالة ابتداء من الديوان الملكي مرورا بجميع الدوائر، بما فيها البلديات.
الصحافة الأمريكية تهاجم القضاء السعودي
هاجمت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية القضاء السعودي واعتبرته غير مستقبل يخضع لسيطرة مباشرة من قبل ولي العهد محمد بن سلمان. وأضافت الصحيفة في تقرير لها عن إعلان السعودية مؤخراً تخفيف إصدار أحكام بحق المعارضين ومعتقلي الرأي بهدف تلميع صورتها.
وفي هذا السياق قالت الصحيفة إن النظام القضائي في السعودية “لا يزال غير مستقل، وهو نظام متحيّز ويخضع للسلطات العليا” في المملكة.
محمد بن سلمان يحكم قبضته على كل مفاصل الدولة
عزز بن سلمان حكمه عبر أدوات قمعية لتشديد قبضته على السلطات في السعودية بما في ذلك سعيه لتدمير القضاء السعودي. والقضاء السعودي واحد من الملفات التي طالها ذراع بن سلمان، وأحكم سيطرته عليه حتى شابه الفساد والظلم، وتم ذلك عبر حصر القرارات بيد ولي العهد دون الرجوع إلى أحكام القانون في المملكة.
كما كان في أغلب الحالات يتم إصدار القرارات من الديوان الملكي دون استشارة القضاة وأهل الاختصاص. وإصدار التعليمات السياسية للقضاة من أجل الحكم وفق أهواء بن سلمان لتدمير القضاء واستقلاليته.
واعتماد المسح الأمني للحيلولة دون ترقية الأكفاء من القضاة وتحويل المحكمة الجزائية المتخصصة لأداة قمع وترهيب المواطنين والمعتقلين السياسيين. فضلاً عن تحويل النيابة العامة لأداة تحكم بيد أذرع بن سلمان. وجعل النائب العام عبارة عن أداة لتمرير قرارات الديوان الملكي.
يضاف إلى ذلك تعزيز ضعف ثقة المواطن في القضاء عبر إصدار أحكام سياسية وأخرى تخالف ادعاءات الإصلاح.
غضب المنظمات الحقوقية الدولية
أثارت أحكام قضاة سلطات آل سعود بحق النشطاء والناشطات المعتقلين في سجون المملكة غضباً حقوقياً دولياً. كما أن المحاكمات الأخيرة لعدد من الحقوقيين والحقوقيات في سجون آل سعود، دفعت رئيس منظمة ماجنيتسكي ” بيل براودر” للتحرك ضد هؤلاء القضاة. ويسعى رئيس المنظمة بيل براودر الذي عمل على تشريعات قانون الماجنيتسكي في أوروبا وأمريكا وكندا لمعاقبة قضاة آل سعود.
ملاحقة القضاة السعوديين دولياً
في حال إدراج أسماء هؤلاء القضاة ستجمد جميع أصولهم ومنعهم من دخول دول أوروبا وأمريكا وكندا. وقال براودر، تعقيباً على حكم الهذلول: حان الوقت لتطبيق عقوبات ماجنيتسكي على القضاة والمدعين العامين في المملكة.
يذكر أن بيل براودر هو شخصية أعمال ومستثمر واقتصادي وناشط حقوقي وسياسي أمريكي وبريطاني.
وقانون ماغنيتسكي هو مشروع قانون قدم من قبل الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس الأمريكي وصادقَ عليه الرئيس باراك أوباما في ديسمبر 2012.
يفضح غياب سيادة القانون الحكم القمعي السائد في السعودية في عهد الملك سلمان ونجله ولي العهد محمد في ظل التورط بانتهاك صريح لقانون الإجراءات الجزائية.
السلطات السعودية تنتهك القوانين الدولية
وقالت منظمة سند لحقوق الإنسان إن السلطات السعودية تنتهك الكثير من بنود القوانين المحلية والدولية في التعامل مع قضايا حرية التعبير وكذلك المعتقلين، لاسيما معتقلي الرأي. وبهذا السياق، انتهكت السلطات السعودية المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية السعودي الصادر عام 1435.
وتنص المادة الثانية في النظام، على أنه يُحْظَر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويّاً، ويُحْظَر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة. في المقابل، تتعامل السلطات مع معتقلي الرأي، بأسلوب بشع داخل المعتقلات، حيث التعذيب النفسي والجسدي والإهانة وسوء المعاملة، بجانب الحرمان الذي يزيد من مآسي المعتقلين.
كما أكدت المنظمة الحقوقية أن على السلطات أن تتخلى عن انتهاكاتها الجسيمة التي تمارسها بحق معتقلي الرأي، احتراماً لحقوق الإنسان والقوانين التي تحمي الشخص من الأذى النفسي أو الجسدي.
وتنتهك السلطات السعودية حقوق معتقلي الرأي في ظل غياب العدالة والقانون الذي من شأنه أن يحمي الإنسان من الانتهاكات ويصون حقوقه. ولعل معتقلي الرأي الفئة الأكثر تضررا من انتهاكات السجانين، حيث الحرمان يلاحقهم داخل الزنازين بشكل متعمد وممنهج من قبل السلطة.
أرقام قياسية في أعداد المعتقلين
في هذا السياق كشف توثيق حقوقي يعد الأول من نوعه عن اعتقال أكثر من 68 ألف شخص في سجون السعودية في ظل ظروف “غير آدمية” وخارج إطار القانون.
وقالت منظمةFreedom Initiative ” الحقوقية الدولية إن التقديرات الأخيرة تشير إلى أن عدد المعتقلين في السجون ومراكز الاعتقال في السعودية بلغ أكثر من 68 ألف معتقل.
كما أكدت المنظمة أن هذا العدد الكبير يقبع في ظروف غير إنسانية قاسية وتم وضع العديد منهم رهن الاحتجاز مع انتهاكات منهجية لحقوقهم بدون محاكمات أو محاكمات غير عادلة.
وفضحت هذه المنظمة السياسات السعودية المتمثلة في الاعتقال والمضايقات والإيقاع بالمواطنين الأمريكيين وأفراد أسرهم، مشيرا إلى وضع هؤلاء كجزء من حملات القمع العالمية، لا سيما ضد أولئك الذين يركزون على حقوق الإنسان.
وأبرزت أن التكتيكات القمعية للحكومة السعودية تتجاوز حدودها المحلية وبات لديها تجربة عالمية بحملات الاعتقال والترهيب والتشهير والسجن والتعذيب والتهديدات.
السعودية تخالف التوصيات الدولية
في هذه الأثناء كشف تقرير لمنظمات غير حكومية تخاذلًا فظيعًا لدى السلطات السعودية في معالجة التوصيات التي قبلت بها في مراجعتها الدورية العامة لعام 2018 بعد انقضاء نصف مدة المراجعة. وذكر التقرير الذي قدمته القسط ومركز الخليج لحقوق الإنسان ومؤسسة مارتن إينالز في يونيو 2021 ونشر اليوم أنّ قبول السلطات السعودية بالعديد من الـ 258 توصية التي تلقتها أثناء دورتها الثالثة في 2018 لم يتبعه أيّ تقدمٍ يذكر في العمل عليها، في حين تستمر الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان.
فرغم قبول السلطات بالتوصية “بضمان ممارسة حرية التعبير والإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين”، ما زالت تحتجز عشرات معتقلي الرأي وتفرض قيودًا قاسية على المفرج عنهم، بل واستمر القمع الدؤوب لحرية التعبير.
وبحسب التقرير واصلت السلطات السعودية اعتقالاتها الجماعية التعسفية المشرعنة بالرجوع إلى نظامي مكافحة الإرهاب والجرائم المعلوماتية، في تجاهلٍ صارخٍ لتوصية المراجعة الدورية العامة “بمراجعة كافة التشريعات” التقييدية و”ضمان الاستقلالية الضرورية للقضاء”.
ويتواصل التباين بين ما تقبله السلطات السعودية من توصيات وما تنفذه، مثل توصية أخذ “خطوات لمنع التعذيب، والمعاملة القاسية والمهينة في السجون ومراكز الاحتجاز” التي لم يزحزح قبولها بها احتفاظَ التعذيب بمكانته في سجلها الحقوقي الرديء.
ولم يغير من ندرة التحقيقات في مزاعم التعذيب، أو قبول المحاكم بالاعترافات المنتزعة بالتعذيب بنحوٍ روتيني، ومن بين 23 توصية معنية بعقوبة الإعدام لم تتبنى السلطات السعودية إلا واحدةً منها، ما يدل على موقفٍ ثابتٍ حول هذه القضية، وحتى الإصلاحات التي أعلنتها السلطات فيما يتعلق بعقوبة الإعدام تضمنت ثغراتٍ معتبرة، وعدد الإعدامات التي نفذت حتى الآن في هذا العام تتجاوز ضعف مجمل الإعدامات لعام 2020.
اصلاحات وهمية لا يمكن أن تنطلي على أحد
وفي جواب السلطات السعودية الرسمي للمراجعة الدرية في 2018، قبلت السلطات بعدد من التوصيات المعنية بتغيير أو إلغاء نظام ولاية الرجل على المرأة، ولكن ما نفذته لا يتجاوز كونه إصلاحات شكلية وطفيفة – منها السماح للنساء بقيادة السيارة والحصول على جوازات سفر – وظلت أوجه أخرى لنظام الولاية، وهو الإطار القانوني الذي يعامل النساء كقُصَّر طول الحياة، دونما تغيير، حيث تقيّد حريّاتهن الأساسية في الشؤون التعليمية والوظيفية والصحية والزوجية وتلك المعنية بالمواطَنة.
أما الإصلاحات المعلن استهدافها حماية النساء من التعنيف فهي تفتقر لآليات التطبيق اللائقة، ما يترك النساء عالقاتٍ في علاقاتٍ يشوبها التعنيف، في حين ما زال “العقوق” تجاه ولي الأمر يصنف كجريمة.
وعلق المدير التنفيذي لمنظمة القسط نبهان الحنشي: “عندما قبلت سلطات السعودية بهذه التوصيات في 2018 فهذا يعني الالتزام بتطبيقها تطبيقًا كاملًا قبل مراجعتها الدورية العامة في 2023، ولكن هذا التقرير النصفي يبين إخفاقًا فظيعًا في التقدم حى الآن، ما يبين نأي السلطات عن التحسين الحقيقي للوضع الحقوقي في البلاد، ومن الحري بالمجتمع الدولي أنْ يتنبه لذلك لضمان قيام السلطات السعودية بالتزاماتها”.
يبدو أن محمد بن سلمان يريد أن يكون هو الحاكم وهو قاضي القضاة الآمر الناهي في هذا البلد وأن لا حكماً يعلو على حكمه ولا يمكن لرأي قاضي أن يغير من حكم ابن سلمان النهائي والغير قابل للطعن.