الوقت- استعرضنا في الجزء الأول من هذا التقرير تاريخ وأماكن انتشار أهم القواعد العسكرية الغربية في كل من السعودية والبحرين، وطبيعة مهامها وظروف تواجدها، ونستعرض في الجزء الثاني من التقرير، انتشار القواعد العسكرية الغربية في كل من سلطنة عمان ودولة الإمارات والكويت وقطر.
سلطنة عمان
توفّر سلطنة عُمان قواعد عسكريّة وتسهيلات لواشنطن، فحسب تقرير لمركز أبحاث الكونغرس الأمريكي Congressional Research Service توجد في سلطنة عمان منذ ما قبل 11 سبتمبر خمس قواعد أمريكيّة تتبع مباشرة للقيادة الوسطى الأمريكيّة، كما توجد اتفاقات تعطي أمريكا حقّ استخدام 24 مرفقاً عسكرياً عُمانيّاً. ويبلغ عدد القوات الغربية في عمان 2000.
في عام 2001 موّلت عُمان 79 بالمئة من تكلفة الوجود العسكري الأمريكي على أرضها، وبعد 11 سبتمبر؛ تمّ تجديد الاتفاق الذي يُتيح لأمريكا حقّ استخدام المرافق والحقول الجويّة في السيب، وجزيرة المصيرة، وثُمريت، وهي ثلاث قواعد جويّة جاهزة للاستعمال.
وقد سبق استخدام قاعدة ثُمريت لإطلاق طائرات B-1 القاصفة، كما استخدِمت قاعدة السيب لإطلاق طائرات براديتور بلا طيار، خلال حرب أفغانستان.
أمّا القوّات الخاصة الأمريكيّة، ومنها القوات الخاصة السوداء، والتي تخوض "الحرب على الإرهاب"، فقد أصبحت عُمان منطلقاً رئيسياً لها.
وتستخدم البحريّة الأمريكيّة مرفأ مسقط للرّسو والتزوّد بالوقود، ويتم تشغيل طائرات التّجسّس من قاعدة المصيرة الجويّة، وتُعتبر جزر العنز، والمصيرة، وكسب، محطّات مراقبة أمريكيّة.
وقد وقعت سلطنة عمان اتفاقيّة تسمح لأمريكا باستخدام أراضيها ومرافقها العسكريّة للعمليّات الأمريكيّة في المنطقة منذ 12/4/1980م، مما أتاح استخدامها منطلقاً للعمليّات ضد العراق وأفغانستان.
وبالطبع، تتمتع سلطنة عُمان أساساً بعلاقاتٍ عسكريّة وأمنية متميّزة مع بريطانيا، والتي باشرت في السلطنة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2001 بأكبر تمرين عسكري خارج حدودها منذ حرب العراق عام 1990م. كما تقوم القوّات المُسلّحة البريطانيّة بإعارة عسكريين للقوّات المُسلّحة العُمانيّة.
الإمارات
وقعت الإمارات اتفاقية التعاون العسكري والدفاع المشترك مع أمريکا في العام 1994م، حيث تقضي الاتفاقية بإنشاء مكتب عسكري للاتصال وحصول القوات الأمريكية على تسهيلات، والعمل على إنشاء قواعد لوجستية بحرية في كل من ميناء زايد وجبل علي ودبي والفجيرة.
وفي عام 2009، تم افتتاح قاعدة عسكرية فرنسية دائمة في الخليج الفارسي في دولة الإمارات، تضمّ حوالي 800 من القوّات الفرنسيّة، وتحتوي على قاعدةٍ بحريّة، وقاعدة عسكريّة، بالإضافة إلى مركز للتّدريب.
بالإضافة إلى القاعدة الفرنسيّة، فإنّ الإمارات سمحت للقوّات المسلّحة الجويّة الفرنسيّة والأمريكية باستخدام المرافق العسكريّة في قاعدة الظفرة الجويّة.
وتتواجد في الإمارات قوات أجنبية من جنسيات مختلفة، منها أستراليا (313 عنصراً)، فرنسا (800)، كوريا الجنوبية (140) وأمريکا (140).
وفي عام 2011، قامت الإمارات بالتّعاقد مع شركة بلاك ووتر الأمريكيّة للخدمات الأمنيّة لاستقدام قوات مسلحة أجنبية من جنوب أفريقيا وكولومبيا، وتمّ استقدام حوالي 800 فرد بغرض القيام بعمليّات عسكريّة داخليّة وخارجيّة، وحماية المرافق الإستراتيجيّة في الدّولة، ولكن تم إثارة مخاوف بأنه قد يتم استعمالهم لمواجهة أيّ توتر مدني داخلي، وقد بلغت قيمة هذا العقد مع شركة بلاك ووتر حوالي 529 مليون دولار أمريكي.
كما تعاقدت الإمارات مؤخّراً مع عددٍ من الشّركات الأجنبيّة الأمنيّة، وإحدى هذه الشّركات هي شركة أمريكيّة تدعى ريفليكس ريسبونسيس من أجل تقديم خدماتٍ تشغيليّة وتخطيطيّة وتدريبيّة للجيش الإماراتي. بالإضافة إلى ذلك قامت شركة نقطة المعرفة التابعة لمجموعة الإمارات المتقدّمة للاستثمارات بالتّعاقد مع لوكهيد مارتين وهي شركة أمريكية للفضاء والدّفاع والأمن ونظم التكنولوجيا المتقدمة من أجل تقديم خدمات تدريبيّة أمنيّة للمواطنين الإماراتيين في قطاع الدّفاع.
الكويت
بعد اخراج القوات العراقية من الكويت في 1991 على يد "قوات التّحالف"، بقيادة أمريکا، توطّدت العلاقات الأمنيّة بين الكويت وأمريكا، وتم توقيع اتفاقية أمنيّة في 19 سبتمبر 1991 لمدّة عشر سنوات. هذه الاتفاقية سمحت بالتّعاون الأمريكي الكويتي في مجال التّدريب والتعامل مع الأزمات، وصفقات الأسلحة الأمريكيّة، واستخدام القوّات الأمريكيّة للمرافق العسكريّة الكويتيّة.
والجدير بالذكر، أنّ الكويت قامت بدفع مبالغ كبيرة لأمريکا لتغطية تكلفة معركتي "درع الصحراء" و"عاصفة الصحراء"، بالإضافة إلى عمليّات احتواء التّهديد العراقي في التّسعينات (حوالي 17 بليون دولار أمريكي).
وقامت الكويت أيضاً باستضافة معظم القوات الأمريكيّة خلال حرب العراق في 2003م، وسمحت الكويت لأمريکا باستخدام قواعدها الجويّة ومطارها الدّولي، كما أنّها ساعدت التّحالف ماليّاً بمبلغ قدره 266 مليون دولار أمريكي.
مع نهاية عام 2011م وبعد انسحاب القوّات الأمريكيّة من العراق؛ تم تقليص عدد القوّات الأمريكيّة في الكويت من حوالي 25 ألفا إلى حوالي 14 ألفا، أما الجنود البريطانيون فيبلغ عددهم 20 ألفاً.
أما أهم القواعد العسكرية الأجنبية في الكويت، فهي معسكر الدوحة ومعسكر "عريفان" ومعسكر التدريب فرجينيار حيث يوجد أكثر من 8000 جندي في المنطقة التي تقع على الحدود مع العراق.
تقع قاعدة معسكر الدوحة في شمال غرب مدينة الكويت، على بعد 60 كم من الحدود مع العراق. وهناك أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي متمركزون هناك، بما فيهم القيادة المركزية لقوات الجيش الأمريكي بالكويت، وقوة المهام المشتركة بالكويت، وتضم المعدات العسكرية المخزنة هناك أكثر من 300 دبابة من طراز M1A و 400 سيارة مقاتلة من طراز برادلي وحاملات أفراد مصفحة ومدافع هاوتزر ومنصات صواريخ.
قطر
في عام 1992م وقّعت قطر مع أمريكا اتفاقية أمنية لتقوية التّعاون ما بين الدّولتين في الشؤون العسكريّة، وقد استمرّ هذا التّعاون إلى اليوم. وفي عام 2002م، وقبيل الاحتلال العسكري الأمريكي وقوّات التّحالف للعراق، أعلنت إدارة الرّئيس الأمريكي بوش أن مقر القيادة المركزية الأمريكية سيتمّ نقله إلى قاعدة جويّة بالعاصمة الدّوحة، هذا ولا يزال عدد من قوات القيادة المركزية متواجدة في الدّوحة.
وتستضيف قطر أهم بنية تحتية عسكرية أمريكية في المنطقة، وكانت قد انتقلت القيادة الجوية للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية CENTCOM من السعودية إلى قطر ما بين عامي 2002 و2003، ومقرها قاعدة العديد الجوية التي تقع في منطقة (خور العديد) وهي تقع جنوب شرق العاصمة القطرية الدوحة، وأنفقت قطر ما يزيد على أربعمائة مليون دولار لتحديث العديد وغيرها من القواعد مقابل "الحماية" العسكرية الأمريكية للدولة الخليجية الصغيرة.
وبدأت قطر منذ 1995 تستضيف بعضاً من القوات الجوية المكلّفة بالإشراف على منطقة حظر الطيران في جنوب العراق، وتحولت خلال التسعينات إلى واحدة من أكبر مخازن الأسلحة والعتاد الأمريكي في المنطقة، وبنت على نفقتها مجمعاً يضم سبعة وعشرين مبنىً لتخزين الآليات والقوات الأمريكية استعداداً للعدوان على العراق.
وكان للقيادة المركزية الأمريكية في المنطقة الوسطى CENTCOM قبل أحداث 11 سبتمبر أربعة مرافق خاصة بها في قطر، بالإضافة إلى حقها باستخدام أربعة وعشرين مرفقاً تابعاً للقوات المسلحة القطرية، وكانت معدات فرقة مدرعة ثقيلة قد خزنت في موقعين منفصلين، الأول في السيلية، والثاني في مكانٍ ما على بعد 531 ميلاً جنوب غرب الدوحة.
ويعتبر معسكر سنوبي أهم منشأة عسكرية أمريكية في قطر ويضم اليوم: 1) مطار الدوحة الدولي، 2) معسكر السيلية، 3) قاعدة العديد الجوية، 4) نقطة تخزين ذخيرة في قاعدة فالكون-78، 5) محطة أم سعيد للدعم اللوجستي.
كما أن قاعدة العديد الجوية تعتبر من أهم القواعد العسكرية، وتقع إلى الجنوب الغربي من العاصمة الدوحة، ويوجد بالقاعدة ممر إقلاع بطول 4.5 كيلومتر يتيح إقلاع القاذفات الثقيلة، وتعتبر القاعدة أول قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج الفارسي كله، وتضم القاعدة ما يكفي لأكثر من 100 قاذفة ومقاتلة وطائرات الاستطلاع والأواكس، وموجود حاليا بالقاعدة سرب طائرات F-16، وسرب طائرات تزود بالوقود، وسرب طائرات استطلاع، بالإضافة إلى طائرات أخرى، ويقيم في القاعدة حاليا قرابة 4000 جندي أمريكي.
ومن القواعد العسكرية الأمريكية الهامة في قطر، قاعدة السيلية على بعد 30 كم من العاصمة القطرية الدوحة، وتقدر الكلفة المادية لتلك القاعدة بحوالي 110 ملايين دولار بأسعار عام 2000، وتستطيع القاعدة دعم لواءين مدرعين كاملين بمعداتهما، وكانت القاعدة قد بدأت استقبال القوات الأمريكية فيها بداية عام 1995.
وتم تطوير القاعدة لاستضافة قيادة الجيش الثالث الأمريكي والقيادة المركزية الأمريكية، وبتلك القاعدة مع قاعدة العديد وعدة مراكز أخرى، أصبحت القواعد الأمريكية في قطر أكبر قواعد أمريكية في العالم خارج حدود أمريکا.
وتضم القاعدة أسوارا محصنة بمواقع مدافع عيار 0.50، وبداخلها مباني القاعدة ومنشآتها التي تتسع لحوالي 11.000 جندي أمريكي متواجدين فيها، وتحتوي القاعدة على 150 دبابة M1 Abrams ، وكذلك 116 مدرعة M2 Bradley، بالإضافة إلى 112 ناقلة جند ومشاة مختلفة الطراز. وفي الإجمال تبلغ مساحة القاعدة 1.6 مليون قدم مربع، وبها طرق يصل طولها إلى أكثر من 10 كيلومترات، وتضم منشآت ومراكز القيادة وثكنات الجنود ومستلزمات المعيشة لهم.
