الوقت- وصل رئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان" إلى إيران، في زيارة قصيرة لطهران وإجراء محادثات مع المسؤولين السياسيين.
هدف عمران خان الرئيس في زيارته الثانية لإيران هو التوسط بين طهران والرياض، ووفقاً للإعلان الذي صدر عن وزارة الخارجية الباكستانية، فإنه سيسافر أولاً إلى إيران وسيبقى فيها ليلةً واحدةً، ثم يزور الرياض للقاء القادة السعوديين نهاراً.
القضية المهمة في هذه الزيارة هي، هل يأتي قرار رئيس الوزراء الباكستاني بناءً على طلب الحكومة السعودية أم لا؟
وكان عمران خان قد أعلن في وقت سابق على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أنه يعتزم التوسط بين إيران والسعودية للحدّ من التوترات.
ويقال إن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" قد طلب منه المساعدة في تخفيف التوترات مع إيران خلال زيارته الأخيرة للسعودية قبل ذهابه إلى الأمم المتحدة.
ومع ذلك، فقد أصدرت وزارة الخارجية الباكستانية بياناً نفت فيه تقارير إعلامية تفيد بأن السعوديين وحتى محمد بن سلمان قد بعثوا برسالة إلى رئيس الوزراء الباكستاني لتسليمها إلى طهران.
لكن إيران قد أبدت استعدادها لقبول الوساطة والاستماع إلى مبادرات عمران خان وحتى التفاوض مباشرةً مع المسؤولين السعوديين.
جهود باكستان السابقة للوساطة
محاولة باكستان للتوسط في الخليج الفارسي ليست بجديدة، إذ كانت هناك أربع مبادرات كبيرة وصغيرة على الأقل منذ الثمانينات، فقد كانت جهود الوساطة الأولى لباكستان خلال الحرب العراقية الإيرانية، وفي وقت لاحق من عام 1997، استضافت "إسلام أباد" قمة القيادة الإيرانية السعودية على هامش قمة منظمة المؤتمر الإسلامي.
وفي الفترة 2003-2004، جرت محاولات للوساطة بين طهران والرياض بمبادرة من الرئيس الباکستاني السابق "برويز مشرف"، لكنها فشلت بسبب قرب مشرف من أمريكا وتماشيه مع خطط واشنطن في المنطقة.
وجاءت الوساطة الأخيرة لباكستان في عام 2016 بمبادرة من رئيس الوزراء آنذاك "نواز شريف" والقائد العام للجيش الجنرال "رحيل شريف" لإنهاء التوتر في علاقات البلدين بعد إعدام "الشيخ باقر النمر" الزعيم الشيعي السعودي البارز.
دوافع وتحديات الوساطة
بالنظر إلى مستوى الخلافات بين طهران والرياض حول مختلف القضايا والملفات الإقليمية والآراء المختلفة للجانبين حول نظام الأمن الإقليمي، هناك سؤال مثير للشكوك ألا وهو إلى أي مدى يمكن للمرء أن يأمل في نجاح وساطة عمران خان؟
في هذا الصدد، قد يكون من المبشر بالخير أن قادة البلدين قد أظهروا علامات استعدادهم للتفاوض وتخفيف التوترات في مواقفهم، الأمر الذي قد يكون بسبب عدم رغبة الجانبين في خوض الحرب التي ستكون مكلفةً لكلا البلدين.
لقد تم التعبير بوضوح عن استعداد إيران لتخفيف التوترات من خلال استعدادها الصريح للتفاوض مباشرةً، وكذلك الاقتراح المبتكر لاتفاق "هرمز" للسلام وإبرام معاهدة عدم الاعتداء، كما يمكن تتبع هذه الإشارات من قبل السعودية، بما في ذلك موقف ولي العهد الأخير مع شبكة "پي بي إس" الأمريكية، فضلاً عن تصريحات وزير الخارجية السابق عادل الجبير.
وبطبيعة الحال، فإن تفكك خطة الضغط القصوى التي وضعها ترامب ويأس ابن سلمان من انسحاب البيت الأبيض من الاستعداد للهجوم على إيران، وكذلك تفكك تحالف الحرب على اليمن مع انسحاب أبو ظبي من الحرب، كلها عناصر مؤثرة في تليين لهجة السعوديين بشأن الحوار وبالطبع الوساطة.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام طريق وساطة باكستان والتوصل إلى اتفاق، وأحد هذه العوامل هو انعدام الثقة العميق بين الجانبين وخوف السعوديين من زيادة نفوذ محور المقاومة، والاستسلام الكامل في لعبة القوة الإقليمية لمصلحة إيران.
من ناحية أخرى، فإن الحرب اليمنية واستمرارها يمثلان تحدياً مهماً في أي جهد للحدّ من التوترات بين الجانبين، فالسعودية التي فقدت القدرة على مواجهة اليمنيين، للحفاظ على صورتها داخلياً ودولياً تنسب إلى إيران ردود الفعل اليمنية المشروعة على القصف واستمرار الحصار عليهم.
لذلك، فإن حرب اليمن هي عنصر مهم في نجاح أو فشل الوساطة، وإذا كانت الرياض تسعى إلى السلام مع طهران، فيجب أن توافق على إنهاء الحرب اليمنية؛ لذلك، من المتوقع أن يركّز "عمران خان" في لقاءاته بطهران والرياض على إيجاد حل لحرب اليمن حصرياً.
كذلك، لا ينبغي تجاهل دور أمريكا وتأثيرها في السعودية، والتي يمكن أن تمنع أي نجاح في هذا المشروع، فقد نجحت أمريكا عبر سياسة "إيران فوبيا" في انتزاع الكثير من عائدات النفط في الدول الخليجية، من خلال بيع الأسلحة أو بحجة توفير الأمن لهم.
من الطبيعي أن تعتبر واشنطن وتل أبيب تقليص الخلافات بين الدول الخليجية وطهران إضراراً بمصالحهما، وذلك بالنظر إلى أن أساس وجهة نظر إيران في توفير أمن الخليج الفارسي هو انسحاب القوات الأجنبية وخاصةً أمريكا.
زيارة عمران خان إلى طهران تأتي في وقت تعرّضت فيه ناقلة نفط إيرانية يوم الجمعة على ساحل بحر العرب لهجوم يعتقد أنه صاروخي، وعلى الرغم من أنه لم يتم الإعلان عن منفّذ الهجوم، إلا أنه يمكن الافتراض بأن تزامن هذين الحدثين ليس بالصدفة، وأن هناك أطرافًا مثل الكيان الإسرائيلي لا تريد أن تنجح جهود الوساطة التي يقوم بها عمران خان.