الوقت- أثار الكشف الجديد عن وجود مئات العيوب في مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب العديد من التساؤلات والمخاوف حول مصيره ومصير دول المنطقة في حل انفجاره، واعاد تسليط الضوء مجدداً على خطورة البرنامج النووي الاسرائيلي.
اذ كشفت دراسة أجراها علماء من المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا، وجود 1537 خللاً في أسس الألمنيوم قلب المفاعل، رُصدت بواسطة التّصوير بالموجات فوق الصّوتيّة( أولتراساوند) مما يشكل خطر على المنطقة ككل.
ويرى خبراء دوليون في مجال الأسلحة النووية أن لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية التي تعد اكثر سرية من جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد) والتي تشرف على عمل مفاعل ديمونا، لا تلتزم بشروط السلامة المطلوبة في المفاعل وهو ما يشكل خطرا حقيقيا، مشيرين الى أن أي مفاعل نووي في العالم لديه عمر معين، وبالتالي فان مفاعل ديمونة وبالنظر الى عدد سنوات نشاطه (أكثر من 40 عاماً على مباشرته العمل) فيجب ايقافه الان وهناك تخوفات على سلامة القاطنين في المناطق المجاورة .
الاعتراف بخطر مفاعل ديمونا، ايضا جاء أيضا على لسان مسؤولين اسرائيليين ومن بينهم مؤسس برنامج اسرائيل النووي البروفسور في جامعة تل ابيب عوزي ايفين، الذي كشف عن قلقه إزاء سلامة الموقع، مؤكدا ضرورة إغلاق المفاعل لأسباب أمنية، قائلاً: هذا المفاعل يُعد واحدًا من أقدم المفاعلات العاملة في العالم، ولم يستبعد البرفسور الاسرائيلي حدوث تسرب إشعاعات نووية منه، مشيرًا إلى أنّ مفاعل ديمونا هو على ما يبدو الأقدم من نوعه في العالم، وأنّ مفاعلات نووية في عمره أغلقت منذ سنين وفقا لمواصفات أمنية دولية.
خطر على دول الجوار
كذلك تؤكد الدراسات أن المفاعل الاسرائيلي والغبار الذري المنبعث منه والذي يتجه نحو الأردن اصبح يمثل خطراً بيئيا وبيولوجيا، كما من المتوقع في حال انفجاره بسبب أي عطل فني ان يصل الضرر الناتج عنه لدائرة نصف قطرها قد يصل إلى قبرص وبنفس هذه المسافة في دائرة حوله.
بالاضافة الى ذلك فان دراسة أجرتها جامعة تل أبيب، أكدت أنه دفن مخلفات نووية تعود إلى ما قبل عشرين سنة في صحراء فلسطين سبب في وصول تسريبات ديمونا لمناطق عربية واسعة، وصلت للمياه الجوفية على حدود ليبيا ومنطقة تبوك السعودية، و للكرك والطفيلة ومادبا بالأردن، مشيرة الى أن نسبة التسريب النووي من مفاعل ديمونا في تزايد، وخاصة بعد تسربه للمياه الجوفية.
لماذا ترفض "اسرائيل" تجديد أو استبدال مفاعل ديمونا؟
تخشى اسرائيل في حال تجديد مفاعل ديمونا أو اقامة مركز ابحاث للوقوف على المشاكل التي يعانيها هذا المفاعل، من أن تجبر على الاعتراف بشكل رسمي لأول مرة بامتلاكها أسحلة نووية حيث يقدّر معهد العلوم والأمن الدوليّ ومقره الولايات المتحدة في عام 2015 أنّ إسرائيل تملك 115 رأسًا نوويًا، مع العلم أن كيان الاحتلال الاسرائيلي لم يوقع على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي، وبالتالي فان الكشف عن عيوب في مفاعل ديمونا، يعني اعتراف واضح بوجوده وفتح باب التساؤلات حول سلامته وحول مصيره ومعضلة حول السرية التي تحيط بها تل أبيب ترسانة أسلحتها النووية.
كذلك فان هناك عوامل سياسية داخلية تمنع كيان الاحتلال الاسرائيلي من اغلاق المفاعل النووي، وهي خشية الاحزاب الحاكمة في تل أبيب من فقدان آلاف المستوطنين لوظائفهم مما سيشكل ضربة للحكومة السياسية في اي انتخابات مقبلة، بالاضافة الى عجز كيان الاحتلال في الوقت الراهن عن بناء مفاعل جديد من الناحية العلمية (المفاعل السابق صنعته فرنسا ومولته دول أوروبية) وعدم قدرته شراء مفاعل جديد قبل التوقيع على اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية.
المفاعل تحول لقنبلة موقوته داخل كيان الاحتلال
وبمعزل عن الخطر الداخلي الذي يهدد المفاعل النووي الاسرائيلي، فان هناك خطر أشد وأقوى مصدره الخارج وتحديداً صورايخ حزب الله، حال شنّ الكيان الاسرائيلي حرب على لبنان، وهذا ما أكدته صحيفة هآرتس العبرية التي أكدت أن حزب الله أصبح يمتلك أكثر من 100 الف صاروخ قادرين على الوصول الى أغلب المناطق الاسرائيلية، ومنها مفاعل ديمونا، مشيرة الى أن الخطر الذي يمثله حزب الله تحول على مر السنين من مجرد صواريخ كاتيوشا أقصى مدى لها هو بلدات الشمال الإسرائيلي، إلى ترسانة ضخمة من 100 ألف صاروخ قادرة على أن تطال العمق الإسرائيلي، فأصبح الشعب الإسرائيلي بأسره في مرمى نيران الحزب.
تهديدات حزب الله لكيان الاحتلال أكدها أيضا الأمين العام لحزب الله، الذي حذر من ضرب مفاعل ديمونا النووي في حال تطلب الأمر، مؤكداً أنه ليس لدى الحزب أي خطوط حمراء في الدفاع عن لبنان مقابل إسرائيل، و الحزب سوف يضرب أي هدف داخل فلسطين المحتلة يمكن أن يهدد إسرائيل، بما في ذلك خزانات الأمونيا في حيفا ومفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب.
اذا وفي ضوء الاخطار التي تهدد المنطقة من المفاعل النووي الاسرائيلي، يتسأل مراقبون هل سيكون هناك بصيص امل ان تتحفنا وكالة الطاقة الذرية الدولية بتعليقها علی الموضوع، ام انها ستتستر تحت غطاء ان الكيان المحتل لم يوقع على اتفاقية معها، وهذا ما نتوقعه من الوكالة و الدول الغربية التي عودتنا على الإزدواجيّة في التعاطي مع دول المنطقة، فمن أجل برنامج نووي سلمي قامت الدنيا ولم تقعد (نقصد هنا برنامج ايران النووي) أما من أجل خطر نووي واضح يهدد حياة ملايين البشر (البرنامج النووي الاسرائيلي) فيصم المجتمع الدولي أذناه وكأن شيء لم يكن.