الوقت- اعلنت مصادر اعلامية تركية ان امريكا ترسل الكثير من شاحنات الاسلحة والذخائر الى الاكراد السوريين (وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سوريا الديمقراطية). وحسب تقرير وكالة اناتولي، فان المئات من شاحنات الاسلحة وصلت الى الاكراد عبر معبر سيملكا الحدودي في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، بعد اسبوع من اصدار الرئيس الامريكي دونالد ترامب قرار بتسليح الاكراد في سوريا.
في الواقع يقول الامريكيون ان الهدف من التسليح هو تحرير مدينة الرقة من "تنظيم داعش الارهابي"، ولكن يبدو ان الهدف الاساسي لواشنطن تقوية نفوذها على الارض السورية، للحصول على مزيد من الصلاحيات، تدعم موقفها في المباحثات السياسية. ففي الوقت الراهن تسعى واشنطن الى دعم الاكراد وقطع سبل التواصل بين بغداد ودمشق.
ومن الاهداف الاخرى لتقوية نفوذ الاكراد في شمال سوريا بحسب ادعاءات المسؤولين الامريكيين، مزاعم امريكا بأنها تسعى الى الوقوف في وجه المشروع الايراني "الهلال الشيعي" والحيلولة دون تنفيذه. فالاعلام والسياسيون الغربيون يدّعون ان طهران تسعى الى ايجاد معبر بري يصل بين شرقي ايران وسواحل البحر المتوسط غرب سوريا، قسم من هذا المعبر يمر من شمال شرق سوريا الذي تسعى امريكا الى توسيع نفوذها فيه عن طريق دعمها للاكراد.
ولكن الأميركيون في المرحلة الراهنة يواجهون تحديات كبيرة لتحقيق اهدافهم في سوريا، ولعل أهم هذه التحديات العداء طويل الامد بين الأكراد وتركيا. فمن وجهة نظر المسؤوليين الاتراك فان "وحدات حماية الشعب الكردي" تُعتَبَرُ الجبهة السورية لـ "حزب العمال الكردستاني (بي كي كي)"، وبناء على ذلك فان الاتراك لا يوافقون على الدعم الامريكي لهم.
خلال الاسابيع الاخيرة الماضية سعت تركيا الى اقناع المسؤولين الامريكيين بانهاء الدعم الامريكي للاكراد والاستعاضة عنهم بـ "الجيش السوري الحر"، الذي تدعمه تركيا، لتحرير مدينة الرقة، ولكن المساعي التركية باءت بالفشل.
وبالاضافة الى هذا الفشل، شهدت تركيا اعتراضات على سياسة اردوغان خاصة بعد تهجم حراسه الشخصيين على المعارضين. وهذه المسائل جاءت مخالفة لمصالح واهواء المسؤولين الاتراك، مما عزز التوتر بين انقرة وواشنطن.
يدعي الامريكيون ان الاكراد اكثر القوى ثقةً وتأثيراً على الارض في سوريا، اما المجموعات المسلحة التي ترعاها تركيا فهي غير منسجمة وعلى صلة بالتنظيمات الارهابية وخاصة جبهة النصرة، حيث تشير المعلومات الى انه لم يتبقى شيء من "الجيش السوري الحر"، وهذا الامر دفع الامريكيين الى التوجه نحو الاكراد.
استمرار الدعم الامريكي للقوات الكردية في شمال شرق سوريا تحول الى كابوس بالنسبة لتركيا، الامر الذي زاد من حدة التوتر بين انقرة وحلفائها في الناتو. ففي الايام القليلة الماضية نُشرت تقارير حول اختلاف في وجهات النظر الغربية بشأن "قاعدة انجرليك الجوية" في تركيا، هذه القاعدة الجوية لها دور هام في عمليات قوات التحالف الدولي بقيادة امريكا في شمال سوريا، واستمرار التوتر بين انقرة وحلفائها في الناتو سوف يضع العمليات الجوية للتحالف الامريكي امام تحد خطير، خاصة بعد تهديد انقرة بانها سوف تستهدف القوات الكردية في شمال سوريا، وفي حال نفذت انقرة تهديدها سوف يشكل ذلك تحدياً كبيراً لعمليات الامريكيين من اجل تحرير الرقة، لان الاكراد السوريين ردوا على التهديدات التركية بانهم سوف يعلقون مشاركتهم في عمليات تحرير الرقة في حال استهدفت تركيا المواقع الكردية في سوريا، وبالتالي سوف تخسر امريكا حليفها المؤثر على الاراضي السورية.
التحديات الامريكية ليست مرتبطة بتركيا وحدها، فالسؤال الذي يطرح نفسه حالياً في مراكز اتخاذ القرار في السياسة الخارجية الامريكية، انه بعد تحرير الرقة من الذي سوف يتولى مهام ضبط الرقة وادارتها؟ فأكثر سكان الرقة هم من العرب ويقولون أنه ليس من صالحهم ان يحكمهم الاكراد.
ويرى بعض المحللون السياسيون ان هذه التحديات اضافة الى عدم وجود استراتيجية مستقبلية حول سوريا في مراكز اتخاذ القرار في السياسة الخارجية الامريكية، سوف يضع الاكراد والدعم الامريكي لهم في مأزق يصعب على الاكراد فيه ان يخرجو امريكا من ورطتها الحالية في المنطقة.