الوقت - يبدأ الرئيس الصيني " "شي جين بينج" اليوم الخميس، زيارة إلى واشنطن للقاء نظيره الأمريكي "دونالد ترامب". ويأتي هذا اللقاء في ظل توترات شديدة تشهدها العلاقات بين البلدين، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ بعد تسلم ترامب مهام عمله في 20 كانون الثاني/يناير 2017.
العلاقات الاقتصادية غير المتوازنة
تمكنت بكين خلال العقدين الأخيرين من تحقيق تقدم سريع وكبير في المجال الاقتصادي، وذلك من خلال تنشيط حركة الاستثمار في شقيه الداخلي والخارجي إلى درجة يتوقع معها المراقبون أن تهيمن الصين على الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب وتنهي صدارة أمريكا في هذا المجال.
وكان ترامب قد هدد خلال حملته الانتخابية وبعد دخوله البيت الأبيض باتخاذ إجراءات صارمة ضد الصين في حال رفضت الأخيرة الانسياق مع السياسة الأمريكية في المجال الاقتصادي، مشيراً في هذا الإطار إلى أن واشنطن سترفع من مستوى الضرائب المفروضة على البضائع الصينية الداخلة إلى أمريكا من أجل إرغامها على تعديل سياستها الاقتصادية تجاه بلاده. ومن شأن هذا الإجراء أن يقلل من صادرات الصين إلى أمريكا.
وتتهم أمريكا الصين بالسعي للمحافظة على عملتها "اليوان" دون قيمتها الحقيقية، والذي يؤدي إلى انخفاض أسعار المنتجات الصينية في السوق الأمريكي وارتفاع أسعار المنتجات الأمريكية في الصين، والذي يؤول بدوره إلى اختلال ميزان التجارة بين الدولتين. وتعتقد واشنطن أن سياسة الصين بخصوص "اليوان" تؤثر سلباً على قدرة أمريكا التنافسية.
تأثير الأزمة الكورية على العلاقات الصينية - الأمريكية
عشية زيارة الرئيس الصيني إلى أمريكا أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً باتجاه بحر اليابان لإيصال رسالة بأنها لن تقبل بأي اتفاق صيني - أمريكي يطالبها بوقف تجاربها الصاروخية والنووية أو يهددها باتخاذ إجراءات ضدها للحيلولة دون مواصلة هذه التجارب.
وكان الرئيس الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" قد أعلن الشهر الماضي بأن بلاده في المراحل النهائية من تجربة صاروخ باليستي عابر للقارات، في وقت هدد فيه ترامب باتخاذ إجراءات أحادية الجانب ضد "بيونغ يانغ" في حال لم تتعاون بكين مع واشنطن لكبح جماح كوريا الشمالية. وذكر مسؤولون أمريكيون بأن بلادهم ستشدد الحظر الاقتصادي على الشركات الصينية التي تتعامل مع كوريا الشمالية، واللجوء لاستخدام القوة العسكرية والحرب السايبرية ضد هذا البلد.
وكانت بكين قد وافقت في عهد الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" على فرض عقوبات اقتصادية على كوريا الشمالية لحثها على وقف تجاربها النووية والصاروخية، وذلك من أجل المحافظة على علاقات الصين الاقتصادية مع الغرب عموماً وأمريكا بشكل خاص .
وتسعى واشنطن إلى تعزيز تواجدها العسكري في جنوب وجنوب شرق آسيا بذريعة مواجهة التهديد الكوري الشمالي، وأجرت أمريكا مناورات بحرية مشتركة مع اليابان وكوريا الجنوبية في المحيط الهادئ الشهر الماضي، كما قامت بنشر منظومة صواريخ "ثاد" في كوريا الجنوبية، الأمر الذي اعتبرته الصين بأنه يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي وطالبت بإزالة هذه الصواريخ.
التنافس قرب بحر الصين الجنوبي
من الأمور الأخرى التي ساهمت في تأزم العلاقات بين بكين من جهة وواشنطن وسول طوكيو من جهة أخرى هو الخلاف بشأن عدد من الجزر في شرق وجنوب شرق آسيا، وبعض هذه الجزر تتمتع بمواقع استراتيجية وتضم العديد من المعادن الثمينة ومصادر الطاقة.
وتطالب بكين باحترام مبدأ "الصين الواحدة" وتصر على أن تايوان جزء لا يجزأ من أراضيها. وكان ترامب قد أثار قلق الصين حينما أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيسة تايوان، وهو أول اتصال هاتفي رسمي بين رئيسي أمريكا وتايوان منذ عام 1979. واعتبرت بكين ذلك بمثابة تخلي الحكومة الأمريكية عن سياسة الصين الواحدة. وتراجع ترامب بعد ذلك وسعى خلال اتصال هاتفي مع بكين في منتصف فبراير الماضي إلى التهدئة بين الجانبين.
هذه المعطيات وغيرها تجعل المراقب يكاد يجزم بأن الأزمات المتعددة بين بكين وواشنطن لا يمكن أن تحل خلال لقاء الرئيسين الصيني والأمريكي، لوجود تناقضات واضحة في مواقف الطرفين إزاء الكثير من القضايا سواء في المجال الاقتصادي أو الأمني أو بشأن النزاع في شبه الجزيرة الكورية.