الوقت- في دراسة حديثة قام بها جمع من المتخصصين الاجانب في كل من بريطانيا وأستراليا توصلوا فيه الى أن أسماك البليني صغيرة الحجم والتي تعيش في الأعشاب المرجانية تستطيع انتاج نوع من السم يمكن الاستفادة منه لتطوير نوع جديد ومميز من مسكنات الألم التي لم تكن متوفرة من قبل أو معروفة من قبل.
ومن المعروف علمياُ أن هذه الأسماك تهرب من تجمعات المخلوقات البحرية لتعيش في القعر وفي الشعاب المرجانية بسبب سهولة افتراسها وكثرة الحيوانات المائية التي تتغذا عليها وهي تكثر في مناطق عديدة حول العالم إلا انها معروفة بكثرتها قبالة جزيرة راروتونجا وهي واحدة من جزر كوك، ولكن هذا النوع من الاسماك "مياكانثوس" -أي التي يمكن استخلاص المسكن من سمها- قوية نسبتاً لباقي ابناء جنسها باعتبارها سامة ويصعب على باقي الحيوانات ابتلاعها رغم صغر حجمها وطريقة سباحتها التي تظهر خوفاً ما.
اذ أنه بمقدور هذه السمكة من نوع بليني أن تغرز نابيها في أي مهاجم وتسرب السم في جسمه وتقتله دون أن يشعر بأي ألم بسبب المادة المسكنة التي يحتويها هذا السم وهذا يجعلها مخلوقاً صغير الحجم وكبير الفعل وتتجنبه المخلوقات البحرية.
وفي الاطار نفسه شرح احد المُعدين الاساسين لهذه الدراسة التي رُوّج لها بعد نشرها في المجلة الأمريكية كيورنت ببيولوجي الأستاذ في جامعة كوينزلاند الاسترالية "براين فراي" قائلاً: "هذه أكثر الأسماك إثارة للاهتمام في تاريخ الدراسات التي اجريتها ولها سم هو الأكثر اثارة للعجب من بين كل السموم المعروفة".
وتابع قائلاً: "أن الببتيدات الموجودة في هذا السم تعمل كالهيرويين او المورفين من خلال القضاء على الألم"، مشيراً الى ان "هذا السم فريد لناحية تركيبته الكيميائية".
اذ أن التركيبة الكيميائية لهذا السم تشمل محتويات ثلاث هي الببتيدات العصبية التي تتواجد أيضاً في حلزون البحر، بالإضافة إلى انزايم يوجد مثله في سم العقرب كذلك هناك مكونات شبيهة بالأفيون وهو نوع من المخدر الطبيعي.
وفي اطار الاختبارات التي أجريت على الفئران في المختبرات تبين أن هناك أمر مفاجئ وهو عدم شعور هذه الفئران بالألم، الأمر الذي يختلف عن باقي اللساعات التي قد تتسبب بها حيوانات أو حشرات مالأقاعي والعقارب أو حتى مخلوقات بحرية كأسماك الشفنينيات التي تسبب ألما شديداً جداً، وهنا أيضاً كان لافتاً أن اثر لساعات هذه الأسماك تسبب شبه شلل أو ما يشبه الدوار اذ أصبحت الفئران بطيئة جداً ولم تعد قادرة على تحديد الجهات، وهنا أشار الباحثون إلى أن الببتيدات العصبية والجزء الأفيوني هما العاملان اللذان قد سببا هبوطاً مفاجئاً في ضغط الدم. وهذا طبعاً يشرح مسألة اصابة الأسماك أو الحيوانات التي تتعرض للسع ببطء الحركة أو فقدان السيطرة والقدرة على التحكم في حركات اعضائها.
وبالاستفادة من هذا السم تستطيع هذه الأسماك التغلب على أقرانها من المخلوقات البحرية التي تفوقها حجماً كأسماك اللقز والهامور وغيرها، كما انها تساعدها على تجنب الكثير من المنافسين من المخلوقات البحرية التي تزاحمها في مساكتها المرجانية خوفاً من هذا السم الذي بات يعتبر نهضة أو اكتشاف في عالم التخدير والتسكين الذي لم يكن معروفاً من قبل وعليه وبحسب "فراي" يدفعنا هذا الأمر إلى العمل على حفظ هذا النوع من الأسماك من تهديدات الصيد الغير مسؤول أو الانقراض لما في ذلك من خسارة كبيرة للعلم الحديث والعلوم الطبية البيولوجية.
والجدير بالذكر أن سمكة البليني الذهبية يُطلق عليها أيضاً اسم سمكة القيثارة لأن ذيلها يشبه هذه الآلة الموسيقية، ولكن اسم الذهبية هو الأكثر شيوعاً بين الناس والصيادين وذلك نتيجة لمظهرها باعتبار لونها أصفر فاقع ومبهر.كما تتميز هذه السمكة بأنها تسبح في أعماق البحار والمحيطات، وتتغذى على الأعشاب البحرية والروبيان وغيرها الكثير من القشريات التي تسكن قعر البحار.