الوقت- تغيرت المعطيات اليوم بعد عشر سنواتٍ من الإنتصار الكبير الذي حققه حزب الله في العدوان الإسرائيلي الذي استهدف لبنان عام 2006. فالظروف السياسية تبدَّلت، وكذلك القدرات الأمنية والعسكرية للطرفين. في حين أن الحرب لم تتوقف، حيث بقي الصراع قائماً ضمن معادلاتٍ جديدة، سنقوم بالحديث عنها، الى جانب تقييم الوضع الحالي للطرفين، لا سيما في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة اليوم. خصوصاً أن كافة المعطيات الحالية، تُشير الى أن المعركة المُقبلة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، ستتضمَّن قواعد ومعادلاتٍ جديدة، بعد أن بدأت تل أبيب تنظر لحزب الله على أنه كيانٌ شبيهٌ بالجيوش، يُشكل خطراً عليها. فماذا في أهم العمليات التي جرت بين الطرفين بعد حرب تموز 2006؟ وكيف يمكن قراءة التغيُّر في معادلات الصراع؟
تقريرٌ يسرد أهم العمليات الأمنية والعسكرية التي حصلت بين الطرفين بعد حرب تموز 2006
منذ عدوان تموز 2006 حتى اليوم، بقيت الحرب بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، قائمة لكنها أخذت مساراً جديداً يمكن وصفه بالعمليات العسكرية ذات الطابع الأمني. وهو ما نسرده بالتالي.
أولاً: عمليات الإحتلال الإسرائيلي:
- في 12 شباط 2008، استطاعت أجهزة استخبارات الكيان الإسرائيلي، استهداف القائد الجهادي الكبير عماد مغنية، في منطقة كفرسوسة في دمشق. العملية كانت الأولى والأكثر قساوة ضد حزب الله.
- في 3 كانون الأول من العام 2013، تم استهداف القيادي في حزب الله الشهيد حسان اللقيس، ضمن عمليةٍ نفذها الموساد، وكانت نوعية حيث شكلت ضربة أمنية تُسجَّل لصالح الكيان الإسرائيلي.
- في 19 كانون أول من العام 2015، إستهدف الطيران الإسرائيلي، سمير القنطار أثناء تواجده في ريف دمشق، مما أدى لإستشهاده.
- في 18 كانون الثاني من العام 2015، استهدفت الطائرات الإسرائيلية موكباً لحزب الله في بلدة القنيطرة السورية، أدى لإستشهاد ستة من كوادر الحزب.
- في 13 أيار من العام الحالي، تم إستهداف القيادي الجهادي السيد مصطفى بدر الدين في مركزٍ للحزب قرب مطار دمشق الدولي. أعلن حزب الله حينها أن المجموعات المسلحة قامت بتنفيذ العملية.
ثانياً: عمليات حزب الله:
كان رد المقاومة على كافة العمليات، رداً مدروساً، يُثبت دخول الصراع في مرحلةٍ جديدة، تتعاطى مع المخاطر والفرص من منطلق الحسابات العسكرية والأمنية الدقيقة. فيما جاءت أبرز عمليات حزب الله:
- في 7 تشرين الأول من العام 2014 و28 كانون الثاني من العام 2015، نفذ حزب الله عمليات استهدفت دوريات إسرائيلية في مزارع شبعا.
- في أول أسبوعٍ من شهر نيسان 2014، حصل اغتيال الضابط الرفيع في منطقة الخليل في الضفة الغربية، وهو "باروخ مزراحي" والمسؤول عن وحدة 8200 الأمنية في الجيش الإسرائيلي والتي تعمل في مجال تشفير وفكّ شيفرة الإتصالات، وشغل منصب رئيس قاعدة التجسس الإلكتروني في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا. لم يُعلن حزب الله مسؤوليته عن العملية، لكن الكيان الإسرائيلي أكد تورُّط الحزب، في العملية التي اعتبرها جاءت رداً على إغتيال القيادي حسان اللقيس.
واقع الطرفين: رفع مستوى القدرات كافة في ظل تغيُّرٍ في الأدوار
لا شك أن الصراع الحالي بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، يتضمن عدداً من الأمور التي تؤخذ بعين الإعتبار اليوم، وتؤثر على أي حرب مقبلة. نُشير لها بالتالي:
أولاً: بعد حرب تموز 2006، اختلفت نظرة القيادة العسكرية لحزب الله، خصوصاً بعد اعتراف لجنة "فينو غراد" بالهزيمة الإسرائيلية. وهو ما جعل تل أبيب تنتقل من الحرب العسكرية الهادفة لسحق الحزب، الى مرحلة الحرب العسكرية ذات الطابع الأمني، والتي تهدف الى ضرب مفاصل الحزب لإضعافه أو تقليل قدراته. الأمر الذي حصل عبر إستهداف قياداته البارزين.
ثانياً: تبدَّلت معادلات الرعب والتوازن بين الطرفين. حيث يمكن وصف ما يجري اليوم، بتبادل تأمين الهدوء العسكري، دون الإنزلاق لأي حرب حالية. حيث يسعى الكيان الإسرائيلي حالياً، لتثبيت معدلات تتعلق بالجولان السوري. فيما يسعى حزب الله لتثبت معادلات تتعلق بإقناع الطرف الإسرائيلي بأن الحرب مع لبنان لم تعد نزهة، وكذلك إستهداف قياداته، وهو ما حصل بالفعل.
ثالثاً: تُعتبر الحرب الأمنية بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، أخطر ما يجري بين الطرفين. فيما شكَّل قبض حزب الله على العديد من العملاء داخل صفوفه، إحدى الضربات التي أوجعت الكيان الإسرائيلي، وكان آخرها العميل محمد شوربة والذي تم الكشف عنه نهاية العام 2014. في وقتٍ تداول الإعلام الغربي تفكيك أجهزة الإستخبارات الغربية وبالتعاون مع الموساد شبكاتٍ أمنية للحزب، تعمل على ضرب المصالح الإسرائيلية خارج الكيان الإسرائيلي.
رابعاً: باتت الأدوات السياسية إحدى أساليب الحرب. فلا شك أن التحالفات التي تقوم تل أبيب بنسجها مع بعض العرب، تهدف لمحاصرة حزب الله. كما أن قيام الحزب بالتمدُّد السياسي ولعب أدوار فاعلة على الصعيد الإقليمي، يصب في خانة تحصيل ما يمكن تسميته، بالأوراق السياسية التي تخدم الصراع العربي الإسرائيلي.
خامساً: بالتزامن مع كل ذلك، يبدو واضحاً ارتفاع وتيرة التمكُّن العسكري للطرفين. فعلى صعيد حزب الله، تُشير التقارير الإسرائيلية إمتلاك الحزب لما يزيد عن 250 ألف صاروخ. حيث توجد صواريخ تُقلق القيادة العسكرية الإسرائيلية، يمكن أن تصل الى مطار بن غوريون، والمفاعلات النووية، الى جانب منشآت الغاز داخل البحر. وهي صواريخ "سكود دي" البري، و"فاتح 110" البحري، و"زلزال 2" المُدمِّر. الى جانب الطائرات دون طيار، والتي باتت سلاحاً فعَّالاً لدى حزب الله، لهدفي التجسس والقصف الجوي. أما من الناحية الإسرائيلية، فقد أبرزت المناورة العسكرية التي أدارها وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد أفيغدور ليبرمان، في شهر حزيران 2016، أن تل أبيب تحاول التحضير لأي حرب مقبلة مع حزب الله. فيما إنتهت المناورة بإعلان الكيان عن منظومة سلاح "يوم القيامة" والذي يتضمَّن صواريخ "الصقر المدمر" والتي تصل الى 300 كلم، وتتميز بالدقة والتدمير، ويمكن إطلاقها من فوق الأرض أو البارجة البحرية العسكرية.
تتميز الحرب الحالية بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، بقدرة طرفي الصراع على المناورة ولعب الأدوار ذاتها. فحزب الله بات مُخضرماً في فهم التكتيات العسكرية والأمنية ونسج المعادلات. فيما بات العدو الإسرائيلي في موقع المُترقِّب للتطور الكبير في قدرات محور المقاومة والذي تقوده إيران، حيث بات يُهدِّد خطراً وجودياً على تل أبيب.لنقول أن الصراع الحالي بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، يحكمه تغيُّرٌ في المعادلات، سيُؤثر حتماً على أي حربٍ مُقبلة.