الوقت- الرئيس الأمريكي باراك أوباما وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاثنين الماضي، تطرق إلي موضوع المحادثات النووية مع إيران، وقال كلاماً بعيداً عن الواقع وعنواناً خاطئاً يقدم للمخاطب. حيث تحدث عن الأمر وكأن واشنطن قد سلكت طريق المفاوضات كلها بحسن نية، وإيران هي التي يجب أن تخضع للمساءلة.
في البداية أشار أوباما إلي موضوع العقوبات، وقال: إن العقوبات ستستمر لضمان عدم امتلاك إيران للسلاح النووي. ثم تحدث الرئيس الأمريكي في تناقض دلالي واضح، عن بناء الثقة بين إيران والولايات المتحدة، معتبراً أن استعادة الثقة بين البلدين ستستغرق وقتاً طويلاً.
السؤال الذي ينبغي أن يسأل عنه السيد أوباما بجد هو: ألا تعتقد يا سيد أوباما أن هناك تناقضاً كبيراً بين قضية استمرار العقوبات واستعادة الثقة؟ فكيف يتم الحديث عن بناء الثقة في حين تحدثتم قبل دقائق عن استمرار العقوبات؟ أليس أن الثقة تبني بين فاعلين دوليين عندما يتخلي الطرفان عن الأعمال العدائية تجاه بعضهما البعض خلال فترة زمنية محددة على الأقل؟ فكيف أن التهديدات توجه بشكل دائم إلي مصالح الشعب الإيراني الهامة؟
مما لا شك فيه أن العقوبات تستهدف مصالح الشعب الإيراني، فما الذي يجب أن يثق به الشعب؟ هل يصدق الحديث عن استمرار العقوبات، أو يواصل القيام بخطوات أحادية الجانب من أجل بناء الثقة؟ بالتأكيد يتذكر السيد أوباما جيداً أن الثورة الإسلامية قد وقعت في إيران الإسلامية قبل 36 عاماً، والشعب الإيراني سوف لن يسمح للنخبة الحاكمة أن تقدم أي تنازلات من جانب واحد.
والمسألة الأخرى هي اعتراف الرئيس الأميركي بالتزام بلادنا بالتعهدات التي جرت حتي الآن. فمن المؤكد أن جمهورية إيران الإسلامية تلتزم بأي اتفاق توقع عليه، وحسب الدين الإسلامي فإن الوفاء بالعهد هو علامة الإيمان، ولكن هل التزمت أميركا بتعهداتها السابقة أيضاً؟ ألم تفرض حتي الآن عقوبات جديدة علي إيران في ست مرات؟ فما هو التعهد الذي تلتزم به الولايات المتحدة الأمريكية؟ ثم ألقي باراك أوباما بمسؤولية الاتفاق أو عدمه على إيران، معتبراً أن شرط الوصول إلي الاتفاق هو وجود إرادة سياسية لدي إيران.
هنا ينبغي أن نشير إلى نموذج تاريخي من بين عشرات النماذج القائمة في هذا الخصوص، ففي البيان المشترك الصادر عن اجتماع ايران وتركيا والبرازيل في ال22 من مايو لعام 2010، ألم تصل الأطراف المتحاورة إلي آلية معينة للاتفاق بينها؟ فلماذا رفضها باراك أوباما شخصياً، ثم اعتمد مجلس الأمن القرار الرابع ضد إيران بعد فترة من ذلك؟ كما أن جمهورية إيران الإسلامية ومن أجل بناء الثقة وإظهار الإرادة السياسية، علقت لمدة عامين حقها في تخصيب اليورانيوم، ولكن ماذا كان الرد؟
لا بد من القول دون لحظة من الشك إن الجهة التي لا تملك الإرادة السياسية هي امريكا وليس جمهورية إيران الإسلامية. لقد رسم المسؤولون الإيرانيون مراراً الحدود الحمراء للطرف المقابل، وهي حقوق الشعب الإيراني الطبيعية والحقة، والتي تستند إلي «معاهدة حظر الانتشار النووي».
والمسألة الهامة التالية التي تجدر الإشارة إليها هي كلام أوباما الذي تحدث فيه عن وجود خلافات بين أمريكا والكيان الإسرائيلي، وقال لدينا خلافات مع الكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بالمحادثات النووية مع إيران. والسؤال الرئيسي هو: هل الكيان الإسرائيلي عضو في مجموعة خمسة زائد واحد حتي يتدخل في مسار المحادثات؟ فلماذا يجب أن يكون الكيان الإسرائيلي مهماً في محادثات تكون جمهورية إيران الإسلامية طرفاً فيها ؟
أساساً إن إيران لا يمكن أن تقبل إطلاقاً بأن كياناً لن تعترف به، يتدخل في مسار المفاوضات. والآن أنتم لديكم خلافات مع هذا الكيان، فهذا أمر يخصكم أنتم.
وأخيراً يجب تذكير السيد أوباما بقضية رئيسية، ألا وهي إن مجموعة خسمة زائد واحد تتكون من 6 أعضاء، وأمريكا أيضاً هي عضو من هذه الأعضاء، وبالتالي فإن أي تفسير من المفاوضات والاتفاق يجب أن يكون بمشاركة الدول الست، وليس مجرد بلد واحد هي أمريكا. فهناك روسيا أيضاً في هذه المجموعة، والتي اعتبرت مراراً أن العقوبات الجديدة هي انتهاك للاتفاقيات. لكن امريكا تعتبر نفسها منفصلة عن هذه البلدان وصاحبة القرار في هذه المجموعة، وهذا أولاً يشكل إهانة لهذه البلدان، وثانياً تكلفة تفرضها أمريكا ولكن علي حساب الدول الأعضاء الأخرى في المجموعة.