الوقت- لم تستطع واشنطن أن ترسم صورتها كما تريد، فهي كانت تطمح لأن تظهر بلباس المدافع عن حقوق الإنسان، والداعم للقوانين الدولية، كما كانت تحاول إظهار نفسها على أنها حمامة السلام وقائدة الحرب على الإرهاب، إلا أنها لم تنجح في ترسيخ هذه الصورة، فقد كُشفت حقيقة سياستها في مواطن عديدة، وكان أخرها تقرير نشره موقع أمريكي باسم "أمريكان ثنكر" كاشفًا زيف ادعاءات واشنطن برغبتها في إحلال السلام والأمن العالميين.
أصدر الموقع "أمريكان ثنكر" تقريرًا كشف الارتباط بين تنظيم داعش الإرهابي وأمريكا، حيث طالب التقرير الذي حوى مجموعة من الاقتراحات والتوصيات للرئيس الأمريكي المقبل باستخدام تنظيم داعش الإرهابي لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، معتبرًا أن واشنطن لا ترغب في القضاء على داعش في هذه الفترة لأسبابٍ عديدة، وأنه على الحكومة الأمريكية الجديدة التوجه إلى محاربة إيران "العدو الأكثر خطر"، حسب الموقع.
وجاء في التقرير أنه يجب أن تكون الأولوية الأولى للحكومة الأمريكية المقبلة في عام 2017 هي منع إيران من تصنيح الأسلحة النووية، معتبرًا أنه في حال حصول إيران على السلاح النووي فسيصبح من الصعب جدًا على أمريكا الوقوف في وجهها، وأشار التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي المقبل قادر على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران وخاصة أن الكونغرس ومجلس الشيوخ لا يؤيدان هذا الاتفاق.
واعتبر التقرير أن النيل من الحكومة الإيرانية بات صعبًا أكثر من قبل، ويجب على أمريكا نشر الهواتف المتصلة بالأقمار الصناعية في إيران، وذلك حتى يتسنى لواشنطن نشر الأفكار التي تريدها بين الشعب الإيراني، ويوجد بعض الوسائل الأخرى التي تسهل هذه العملية كإدخال الحواسيب والمخدمات ووسائل تكنولوجية أخرى إلى إيران، ورأى كاتب التقرير أن أي حرب ستجري في المنطقة مع إيران ستؤدي إلى زوال الكيان الإسرائيلي.
هذا وطالب التقرير المرشحين للرئاسة الأمريكية اختيار أقوى وأفضل الخبراء في الشرق الأوسط والاستفادة منهم، بالإضافة إلى طرح استراتيجيات فريدة في المنطقة ليتم العمل وفقها، معتبرًا أنه يجب على المستشارين الجدد دراسة السياسة الأمريكية تجاه إيران وتنظيم داعش، وكيفية الاستفادة من تنظيم داعش الإرهابي ضد إيران، وإذا لم تنجح واشنطن في تحقيق هذا الهدف أو فشلت داعش في مواجهة إيران، فإن الخيار الوحيد المتبقي أمام واشنطن هو الخيار العسكري.
التقرير هذا يؤكد الارتباط بين واشنطن وتنظيم داعش الإرهابي، ويشير إلى أن أمريكا تستفيد من هذا التنيظم لتنفيذ سياساتها في المنطقة، فبعد حرب العراق والخسائر الكبيرة التي تكبدتها القوات الأمريكية هناك لجأت واشنطن إلى استراتيجية الحرب بالنيابة، وهذا ما كشفه تقرير "أمريكان ثنكر" من خلال دعوته الى الاستفادة من داعش، كما أن إشارة التقرير إلى أن واشنطن لا ترغب في القضاء على داعش في الوقت الراهن يشير إلى أن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في سورية ليس جديًا ويهدف إلى إظهار واشنطن على أنها السباقة في مكافحة الإرهاب.
كما ويكشف التقرير الأمريكي السياسة العدائية الأمريكية تجاه إيران، فماذا تعني دعوة الرئيس الأمريكي المقبل إلى إلغاء الاتفاق النووي الإيراني!؟، هذا وتوعد عدد من المرشحين الديمقراطيين بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وقال السيناتور "ماركو روبيو": "على أولئك المسارعين لإبرام صفقات مع إيران، أن يعلموا أنه في بداية ولايتي سأعيد فرض العقوبات التي يريد أوباما تعليقها"، وكل هذا يظهر عدم التزام أمريكا بالقوانين والمقررات الدولية، كما يكشف سياسة المكر التي تعتمدها واشنطن.
وتشير المعاني والدلالات التي يحملها تقرير"أمريكان ثنكر" إلى أن واشنطن لا تتبع لأي قانون دولي، فالدعوة إلى العمل للتأثير على الشارع الإيراني من خلال أجهزة الاتصال الحديثة يعتبر انتهاكا لسيادات الدول وتدخلا مباشرًا في الشعوب للتحكم بها وتجيشها، وهذه السياسة مخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية التي تدعي أمريكا بأنها المدافع الأول عنها.
باتت السياسة الأمريكية واضحة للشعوب العربية والإسلامية، ولم يعد بإمكان أمريكا تجميلها أو تغطيتها بشعارات براقة كما كانت تفعل في السابق، ولهذا فإن العداء للسياسات الأمريكية في المنطقة يتصاعد بشكل دائم، ولم يعد بمقدور واشنطن التغرير بأحد، وإذا كانت أمريكا ترغب في علاقة جدية مع شعوب ودول المنطقة فعليها التفكير بطرح سياسة جدية وصادقة للسير عليها، وهذا أمر مستبعد من واشنطن.