موقع الوقت التحليلي الإخباري | Alwaght Website

إخترنا لكم

أخبار

الأكثر قراءة

اليوم الأسبوع الشهر

ملفات

النظام الأمني للخليج الفارسي

النظام الأمني للخليج الفارسي

undefined
مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية

مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية

undefined
العدوان السعودي على اليمن

العدوان السعودي على اليمن

undefined
صفقة القرن

صفقة القرن

undefined
الخلافات التركية - الأمريكية

الخلافات التركية - الأمريكية

undefined
یوم القدس العالمی

یوم القدس العالمی

ادعو جمیع مسلمی العالم الی اعتبار اخر جمعة من شهر رمضان المبارک التی هی من ایام القدر ویمکن ان تکون حاسمة فی تعیین مصیر الشعب الفلسطینی یوماً للقدس، وان یعلنوا من خلال مراسم الاتحاد العالمی للمسلمین دفاعهم عن الحقوق القانونیة للشعب الفلسطینی المسلم
العلویون

العلویون

الطائفة العلویة، هی من الطوائف الإسلامیة التی قلَّ الحدیث عنها. وقد لاقت هذه الطائفة وعلی مرِّ التاریخ، الکثیر من الإضطهاد والحرمان، وهو ما لم تُلاقه طائفة أخری أبداً. حتی أدی هذا الإضطهاد إلی فصلهم عن المرجعیات الإسلامیة الأخری. ولذلک نحاول فی هذا المقال تسلیط الضوء علی نشأة الطائفة وکیفیة تأسیسها، الی جانب الإضاءة علی بعض أصولها الفکریة.
المسيحيون في سوريا

المسيحيون في سوريا

undefined
الدروز

الدروز

الدروز أو الموحدون الدروز، إحدی الطوائف الإسلامیة التی تأسست فی مصر عام 1021 وانتقلت إلی بلاد الشام (سوریا-لبنان-فلسطین المحتلة) فی مرحلة لاحقة.
New node

New node

بالخريطة...آخر التطورات الميدانية في سوريا واليمن والعراق
alwaght.net
مقالات

الدولة “الإسبارطية”: حل نتنياهو لعزلة غير مسبوقة... لماذا تُعدّ دعوى “الاكتفاء الذاتي” الصهيونية ضرباً من الهراء المحض؟

الخميس 2 ربيع الثاني 1447
الدولة “الإسبارطية”: حل نتنياهو لعزلة غير مسبوقة... لماذا تُعدّ دعوى “الاكتفاء الذاتي” الصهيونية ضرباً من الهراء المحض؟

الوقت – لقد عدّل الاتحاد الأوروبي وحلفاء الكيان الصهيوني المقربون، الذين كانوا بالأمس الداني أنصاراً له لا يعتريهم الشك ولا يساورهم الريب، مواقفهم تعديلاً جذرياً، وعلى الرغم من أن نفاق الدول الغربية وعلاقاتها الجوهرية والهوياتية مع الصهيونية لا يزال يُبقي إجراءاتها ومواقفها في حدود الكلام المنمق والاستعراض المزيف، إلا أن تحطم “الرواية” الصهيونية في قضية احتلال فلسطين والظلم المستشري بحق أصحاب الأرض الأصليين - والتي كانت على مدى عقود متطاولة مفتاح غسل أدمغة عامة الغربيين لصالح المافيا المتحكمة في تل أبيب - يُعدّ بكل المقاييس تحولاً تاريخياً بالغ الأهمية والخطورة.

لقد بلغ تصاعد العزلة السياسية والدبلوماسية والثقافية وحتى الاقتصادية للكيان الصهيوني حداً اضطر معه السفاح والمجرم بالفطرة، بنيامين نتنياهو، إلى الإقرار بها مرغماً.

طرح رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، ذو السجل الأسود والوجه الكالح، مؤخراً مفهوماً أسماه “سوبر إسبارطا”، بعبارة أخرى، يتحدث نتنياهو، رداً على العزلة المتعاظمة للكيان الذي يترأسه، عن “الاكتفاء الذاتي” وتحويل هذا الكيان إلى دولة عسكرية عدوانية “معتمدة على ذاتها” (على غرار دولة إسبارطة في اليونان القديمة).

وضع “عبد الجواد عمر”، الكاتب وأستاذ جامعة بيرزيت في فلسطين، في مقالة نشرها موقع Mondoweiss، عبثية ادعاءات نتنياهو والطبيعة “الطفيلية” للكيان الصهيوني تحت مجهر النقد الدقيق والتمحيص العميق.

تشير تصريحات بنيامين نتنياهو الأخيرة بأن على "إسرائيل" أن تشرع في صناعة أسلحتها المحلية وأن تتحول إلى “سوبر إسبارطا” {دولة-مدينة في اليونان القديمة ذاعت شهرتها بنزعتها العدوانية وبراعة مواطنيها الحربية} مكتفية ذاتياً، إلى أن هذه المستعمرة الصغيرة قد تكون راغبةً في تقبل عزلتها - كل ذلك تحت شعار محو فلسطين من الوجود.

للتاريخ في المستعمرة الصهيونية الصغيرة طريقة في العودة إلى نفسه، وتقديم المعضلات القديمة في ثياب جديدة زاهية، تصريحات رئيس وزراء "إسرائيل" بنيامين نتنياهو الأخيرة - التي تحذر من العزلة المتنامية لـ "إسرائيل" والحاجة إلى تطوير نوع من “سوبر إسبارطا” ذات اقتصاد ذاتي - لها صدى يتردد عبر عقود متطاولة، إن سماع حديثه عن صناعة أسلحة مكتفية ذاتياً، متحررة من قبضة السياسة الخارجية، هو سماع لصدى المقاتلة النفاثة “لافي” التي تؤرّق مضاجع "إسرائيل" حالياً.

في ثمانينيات القرن الماضي، جسّد “مشروع لافي” محاولة "إسرائيل" لتحقيق الاستقلال في السماء {من خلال صنع مقاتلة نفاثة محلية}، عملت واشنطن كداعم ومشكّك في آن واحد، وبالطبع ضمنت بناءها، في حين شككت في منطقها وجدواها، تساءل المسؤولون الأمريكيون عن سبب سعي "إسرائيل" لبناء مقاتلتها المتطورة، في حين أن طائرات F-16 الأمريكية الصنع أرخص ثمناً وأكثر توفراً ومختبرة في ساحات الحرب؟ تحولت قصة “لافي” إلى مفارقة صارخة: مال الحليف غذّى حلم "إسرائيل"، بينما شحذت المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية سكيناً غُرست في جسد ذلك الحليف {في إشارة إلى منافسة مشروع لافي لاستبدال طائرات F-16 الأمريكية}.

هذا التناقض لم يتلاش ولم يندثر، اليوم، بينما تتجه أوروبا نحو فرض قيود وعقوبات على الأسلحة، يُشعر تحذير نتنياهو بشأن هشاشة سلاسل التوريد الخارجية كنتيجة مباشرة لذلك الانزعاج القديم نفسه: تبعية "إسرائيل" تشكّل خطراً محدقاً، في الواقع، تبعيتها تمثّل ثغرةً استراتيجيةً قاتلةً، حربها الأخيرة مع إيران صقلت هذه الحقيقة وجلتها بشدة: أي كشفت أن "إسرائيل" لا تزال مستعمرةً تابعةً، وأن قدرتها على شن الحملات العسكرية والحفاظ عليها، تعتمد اعتماداً شبه كلي على التدفق المستمر للأسلحة والذخيرة والأموال من الغرب، اضطرت "إسرائيل" إلى إنهاء حملتها العسكرية ضد إيران، ربما قبل الأوان، بعد توصيات ترامب الملحة، وفي نهاية المطاف، ماذا ستكون "إسرائيل" من دون سيطرتها على الأجواء؟

إن القوة الجوية ليست مجرد أداة دفاعية، بل هي محور الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية ومرتكزها الأساس، ومن دونها، ستضطر الدولة إلى مواجهة ما طالما فرّت منه - عقاب بلا رادع على أفعالها في غزة والضفة الغربية وعلى مدى عقود متطاولة من الاحتلال البغيض، فقدان مفتاح السيطرة الجوية، هو فقدان حجاب الإفلات من العقاب الذي لطالما تستّرت خلفه.

آنذاك، كما هو الحال الآن، كانت أشدّ المجادلات ليست مع العالم فحسب، بل داخل أروقة "إسرائيل" نفسها، خلال مشروع “لافي”، أشاد مؤيدوه به كقفزة تاريخية في الثقة بالنفس؛ وأدانه منتقدوه كحماقة مالية تبتلع موارد المدارس والمستشفيات والبنية التحتية بلا طائل، آفاق “سوبر إسبارطا” اليوم تسبّب انقساماً مماثلاً، يحتج قادة الأعمال والنقابات بحرارة على أن "إسرائيل" لا تستطيع - ولا ينبغي لها - عزل نفسها، ويحذرون من هاوية سياسية واقتصادية واجتماعية سحيقة.

في الماضي الغابر، كان النقاش يدور حول تكلفة بناء مقاتلة نفاثة، أما الآن، فالتكلفة هي العزلة المتعاظمة، لكن السؤال يبقى واحداً لم يتغير: كم يمكن لمستعمرة صغيرة متورطة ترتكب جرائم حرب يومية أن تراهن على سيادة مشتراة من خلال الاكتفاء الذاتي المزعوم؟ عندما أودعت "إسرائيل" مشروع “لافي” في أرشيف النسيان عام 1987، لم تترك وراءها النماذج الأولية الفاشلة فحسب، بل استخلصت درساً أخلاقياً بليغاً أيضاً - للاكتفاء الذاتي ثمن باهظ، وأحياناً يكون هذا الثمن فادحاً لا يُطاق، ومع ذلك، ساعدت المعرفة المكتسبة من هذه المحاولة في تعزيز قوة "إسرائيل" في مجال الطائرات من دون طيار والأنظمة الإلكترونية الطيرانية وصادرات الدفاع المتقدمة.

في الواقع، لم يتلاش حلم السيادة الاستعمارية، بل تحوّل وتبدل، وتجلى في تقنيات أقل شهرةً لكنها أكثر تأثيراً وتحويلاً، تستند تصريحات نتنياهو على هذا الإرث المتوارث، وهو يشير إلى صناعة الدفاع المتنامية كدليل قاطع على أن "إسرائيل" تستطيع، إذا تعرضت للضغط، بناء طائراتها وأسلحتها بنفسها.

ومع ذلك، لا يرى منتقدوه سوى المخاطر المحدقة - أن هوس الاكتفاء الذاتي سيُسقط "إسرائيل" دبلوماسياً ويدمرها اقتصادياً، ويستبدل وعد أثينا المشرق بتقشف إسبارطا الاقتصادي القاتم.

لم يكتمل مشروع “لافي” أبداً، لكنه لا يزال يحوم كالسراب اللامع فوق سماء السياسة الإسرائيلية، قد تكون “سوبر إسبارطا” التي يتشدّق بها نتنياهو مجرد ثرثرة جوفاء، لكنها قد تكون نقطة تحول محورية في النقاشات الداخلية المتطاولة لهذه المستعمرة الدخيلة، السؤال يحوم الآن فوق "إسرائيل": هل حلم الوقوف منفرداً، دون مكالمات هاتفية متتابعة من القادة الأمريكيين والأوروبيين، يستحق تكلفة العزلة التي هي رفيقته المحتومة؟

المفارقة الصهيونية الكبرى

رغم كل خطابات نتنياهو المنمقة وبلاغته المصطنعة، هذا الأستاذ البارع في المراوغة والكذب والتضليل، تبقى حقيقة ناصعة لا تزحزحها الأوهام: "إسرائيل" تدفع ثمناً باهظاً لحملتها الرامية إلى إبادة الفلسطينيين، هذا الثمن لا يُحسب فقط بالدماء المراقة وتزايد الإدانة الدولية، بل أيضاً في تناقض أعمق يعرّف الکيان الإسرائيلي نفسه ويكشف جوهره.

من جهة، يبدو التحالف اليميني الإسرائيلي متصلباً وغير مبالٍ، معتقداً أن “العالم يحتقرنا منذ ألفي عام والكراهية لن تختفي أبداً”، لكن تحت هذا التحدي السافر، يكمن قلق خفي لا يمكن لأي شعار رنان أن يبدّده: ما قيمة "إسرائيل" إذا كان ادعاؤها بأنها ملاذ وجنة قد قوضته بنيتها الإمبريالية المتغطرسة؟ ملاذ بُني على الاحتلال والتحالف مع القوى العظمى، يتغذى على استمرار الإسلاموفوبيا، ويتاجر باستغلال علامة “معاداة السامية”، ويثبت أمنه من خلال الإخضاع المستمر للآخرين - يحتاج بنفسه إلى توظيف مستمر لقاعدة مالية وصناعية، ليس في تل أبيب، بل في لندن وواشنطن وباريس وبرلين - ليس في جوهره “ملاذاً” حقيقياً بل سجناً ذهبياً لساكنيه.

ينمو اقتصاد "إسرائيل" وينتعش برأس المال الأجنبي المتدفق، تستند ترسانتها على الدعم الأمريكي السخي، ومكانتها الدبلوماسية تعتمد على حسن نية القوى التي تشتمها وتغازلها بالتناوب حسب مقتضيات المصلحة، حتى الحفاظ على سكانها المهاجرين يتطلب راحة نظام اجتماعي مصمم بعناية للحفاظ على جاذبية الحياة في "إسرائيل": رعاية صحية مدعومة، ونقل عام فعال، ووهم وجود حياة نابضة بالحيوية وخالية من الهموم على شواطئ تل أبيب المحتلة، حتى إنتاجها الثقافي غالباً ما يعتمد على الاستيلاء الهادئ، {على سبيل المثال} “المطاعم الإسرائيلية” التي تعتمد على وصفات انتُزعت من المطابخ الفلسطينية، قبل إعادة تغليفها كعلامة تجارية وطنية وتقديمها للسوق الخارجية بوجه مزيف، مجتمع يدعمه التدفق العالمي لرأس المال والتكنولوجيا والشرعية الثقافية، معرض لخطر الانهيار والتداعي إذا انقطعت عنه هذه الشرايين الحيوية.

لكن الإسرائيليين أصبحوا منذ زمن بعيد خبراء في فن “أكل الكعكة والاحتفاظ بها في آن واحد”، بمعنى أنهم يتغازلون مع القوة الإمبريالية التي تدعمهم وترعاهم، لكنهم يتمردون على الشروط التي تفرضها تلك القوة عليهم.

هذا التناقض الصارخ مسجل بحروف من نار في سجل تاريخ الصهيونية الأسود، في أربعينيات القرن الماضي، وجهت الهاغاناه وفروعها أسلحتها ليس فقط إلى القرى العربية الآمنة بل أيضاً إلى سلطات الانتداب البريطاني، وتخريب السكك الحديدية، ومهاجمة المنشآت، واغتيال وقتل الضباط البريطانيين ومسؤولي الأمم المتحدة، على الرغم من أن الأسلحة والدبلوماسية البريطانية مهّدت الطريق للأمن الصهيوني وسهلت سبله، لاحقاً، جاء دور الاحتكاك مع فرنسا، التي كانت يوماً ما أقرب مورد عسكري لـ "إسرائيل"، وذلك عندما فرضت باريس حظراً على الأسلحة ضد "إسرائيل" بعد عام 1967، حتى الولايات المتحدة، حليفتها التي لا تنفصم عراها، ليست في مأمن من لسان "إسرائيل" السليط، إذ يتمرد القادة الإسرائيليون على الضغوط الأمريكية القليلة، في الوقت الذي يصرفون فيه الشيكات الأمريكية بنهم وشراهة.

يمكننا تفسير رأي نتنياهو في ضوء هذا التناقض الجلي بين الاستقلال والاندماج، قائد نيوليبرالي سعى أكثر من أي شخص آخر لإعادة هيكلة اقتصاد "إسرائيل" لمصلحة نخبة معينة، يلجأ الآن إلى خطاب “المحاصرة” و"الاكتفاء الذاتي"، ويتمرد على الهياكل نفسها التي تحافظ على وجوده وتصون بقاءه. مفهوم “سوبر إسبارطا” الذي يتشدّق به نتنياهو، هو علامة مرضية أكثر من كونه رؤيةً مستقبليةً، صرخة ناشئة من فراغ روحي لا يمكن ملؤه، يمكن أن يكون هذا التفسير عكسياً أيضاً - في الواقع، هذه هي طريقة "إسرائيل" لإظهار مستقبلها المتمرد الذي يبدو مستعداً لقبوله، فقط لكي تتمكن من حل “المعضلة الفلسطينية” بطريقتها الدموية الخاصة.

المنطق المظلم للمستقبل القادم

منذ عام 1948 على الأقل، وخاصةً بعد عام 1967، بنت "إسرائيل" - بدعم سخي من راعيها العالمي - هندسةً متكاملةً في المنطقة توفر إمكانية وجود خالٍ نسبياً من المتاعب والحفاظ على نظام هيمنتها بأقل العواقب والتبعات، هذه الدولة التي يحميها التفوق العسكري، وتحفظها التغطية الدبلوماسية، وتمولها رؤوس الأموال الأجنبية المتدفقة، كانت قادرةً حتى الآن على إبعاد مواطنيها عن تكاليف الاحتلال البغيض، وحتى أثناء تصعيد وتعميق هيمنتها، غرست في نفوس مواطنيها إحساساً زائفاً بـ"الطبيعية"، تنظر "إسرائيل" إلى العملية برمتها كمختبر للأفكار والتقنيات والأيديولوجيات وكل جديد - ليس بالمعنى الإيجابي للكلمة - بينما تستخدم {تسيء استخدام} الفلسطينيين كحقول تجارب بشرية.

لكن واقع الاحتلال من دون تكلفة اعتمد على استمرار الوضع الراهن المستقر الذي كان يجب أن يتعايش مع التآكل البطيء للوجود الفلسطيني، بدلاً من الإبادة الكبرى والسريعة له، بعد الـ 7 من أكتوبر 2023، عرّض التسارع المحموم لآلات القتل الصهيونية كل تلك الهندسة المعقدة التي كانت عاملاً رئيسياً في الحفاظ على هيمنة "إسرائيل" للخطر الداهم، السؤال الذي يؤرق المستعمرة الصغيرة الآن: ماذا تريد أن تفعل باسم إبادة الفلسطينيين؟ أن تقطع علاقاتها مع الأردن وتدفع مصر نحو استسلام أعمق وأشدّ ذلةً؟ تفكيك بساط قوة قطر - بتقليصها إلى مكانتها الحقيقية - وإجبار الدول العربية التي كانت تشجعها ذات يوم على هضم الحقيقة الأكثر إيلاماً، أي تبعيتها المطلقة للإرادة الصهيونية؟

تشير أحداث الأسابيع الأخيرة بوضوح جلي، إلى أن "إسرائيل" قد تسلك مثل هذا المسار المظلم. الهجوم الأخير على قطر هو التطور الأبرز ويمكن اعتباره مؤشراً قاطعاً على استعداد "إسرائيل" لزعزعة النظام الإقليمي نفسه الذي كان يدعمها لفترة طويلة؛ إجراء يختبر حدود تحمل حلفائها وصبر جيرانها المتنامي النفاد.

هذا السلوك الشرير، الذي يدل في الوقت نفسه على التمرد واليأس المستشري، هو في الواقع مواجهة صريحة مع حقيقة أن التطهير العرقي للفلسطينيين، يتطلب إعادة بناء شاملة لتوازن القوى في المنطقة بأسرها، والآن، خلف ستار سكون العالم العربي المريب، ربما بدأ البعض يفكرون فيما لا يزالون لا يجرؤون على التصريح به علناً: كم كنا أغبياء عندما تمنّينا أن تقمع "إسرائيل" محور المقاومة - لقد اتضح الآن أن دورنا قد حان لنكون الضحية التالية.

خيالات الحضارة المزيفة

دعوة نتنياهو المدوية إلى “سوبر إسبارطا” لا تتعلق فقط بالاقتصاد أو السلاح، إنها استدعاء عميق لأساطير الغرب التي طالما ادعت "إسرائيل" زوراً وبهتاناً أنها وريثتها الشرعية.

أثينا والقدس وروما: ثلاث مدن تشكّل الأعمدة الرمزية للحضارة الغربية. أثينا، مدينة الديمقراطية والفلسفة المتألقة، علمت الغرب أن يشيد هياكل عظيمة ويتبادل الآراء في ساحات النقاش العام. القدس، مدينة الأنبياء والشرائع السماوية، منحته صوتاً أخلاقياً وإحساساً عميقاً بمعنى التاريخ كمسار للتحرير أو الدمار. روما، سيدة النظام والإمبراطورية، بنت مؤسسات السلطة التي لا تزال تشكّل الدولة الحديثة.

لكن في ظل تلك المدن، ظلت إسبارطة دائماً - صارمةً، منضبطةً ومتقشفةً، تذكير بأن البقاء قد يتطلب التضحية والسيف.

لطالما حاولت "إسرائيل" أن تكسو نفسها بثوب الأساطير اليونانية، وأن تسوّق نفسها كجزء من عالم-حياة متوسطي، استدعت "إسرائيل" جاذبية القدس النبوية لتبرير نفسها، وصورت حروبها كنضالات أخلاقية وبقائها كمصير توراتي، وعلاوةً على ذلك، استعارت غطاء روما وبنت إمبراطورية من المستوطنات والطرق السريعة والجدران، وفرضت نظامها على شعوب أخرى.

في خطاب حديث، تحدث خالد عودة الله، الباحث الفلسطيني، بحدة تحليلية خاصة به عن التوتر المتبقي بين أثينا وإسبارطة، واصفاً إياه بأنه تناقض لا يمكن محوه. رسم كلاً من استحالة وعنف هذا التناقض وتساءل: هل يمكن لجيش طبقي - يرسل البعض تحت مكيفات المكاتب الأنيقة، حيث يتم صقل الخوارزميات والذكاء الاصطناعي وأنظمة المراقبة - أن يتوافق أبداً مع المعركة الدموية والإبادة الجماعية البشعة التي ينفذها الجنود الإسرائيليون في الخطوط الأمامية؟ جنود يعودون إما بالإرهاق والإنهاك أو مسكونين بعطش لمزيد من سفك الدماء؟ هل يمكن لـ "إسرائيل" أن تدعي أنها إسبارطة، في حين أن بنيتها المادية تقول شيئاً آخر؟

ربما ليس لدي إجابة. لكن فلسطين كانت منذ فترة طويلة ضحيةً لهذه الخيالات المميتة - خيالات المتنعمين الذين يتظاهرون بأنهم فرسان ويتخيلون بناء أثينا أو روما أو إسبارطة؛ خيالات "مايك هاكابي" حول نهاية العالم و"إيتامار بن غفير" بشأن المعبد الثالث؛ وكل المنظّرين الذين يتصورون أن صدام الحضارات الدامي ينبغي أن يُجرى بين أشجار الزيتون الفلسطينية، في النهاية، إن هذا التراكم والدوران المستمر للاستعارات والأساطير، هو ما يُضيق بالمرء ذرعاً.

لكن ما يمكننا أن نوقن به هو أن "إسرائيل"، مهما كانت، ليست أياً من هذه الأشياء.

كلمات مفتاحية :

الكيان الصهيوني نتنياهو دولة إسبارطة الاكتفاء الذاتي فلسطين العزلة المتنامية

التعليقات
الاسم :
البريد الالكتروني :
* النص :
إرسال

ألبوم صور وفيدئو

ألبوم صور

فيديوهات

أطفال غزة، ضحايا الحرب الأبرياء

أطفال غزة، ضحايا الحرب الأبرياء