الوقت- في ظل الوضع غير المستقر والمتوتر للغاية الذي تشهده منطقة غرب آسيا هذه الأيام نتيجة الحرب وقصف غزة من قبل النظام الصهيوني، أعلنت بعض المصادر قرار الولايات المتحدة بإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى المنطقة، حيث أعلنت شبكة سي بي إس نيوز أن الولايات المتحدة سترسل 1500 جندي إلى العراق وسوريا تحت مسمى قتال تنظيم "داعش"، ويأتي نشر هذه القوات في إطار عملية "العزم الصلب" الأمريكية ضد "داعش" في العراق وليبيا وسوريا، والتي تتم بدعوى محاربة "داعش" والدفاع عن القواعد الأمريكية.
إحصائيات الجنود الأمريكيين في المنطقة
في عام 2023، تم إرسال عدد كبير من القوات الأمريكية إلى المنطقة تحت عنوان عملية "العزم الصلب"، وفي النصف الثاني من عام 2023، أرسلت الولايات المتحدة 2500 جندي إلى سوريا وأرسلت أكثر من 900 جندي إلى العراق في مناسبتين منفصلتين.
وحسب تقرير أكسيوس، فإنه بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2023، سيصل عدد القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة إلى 20 من أصل 45 ألف فرد، ويتمركز 13500 جندي أمريكي في الكويت، التي تستضيف أكبر عدد من القوات الأمريكية في المنطقة، وبعد الكويت، فإن بقية الدول العربية، وهي البحرين تستضيف قوة قوامها 9000 جندي أمريكي، وقطر 8000 فرد، بأكبر عدد من العسكريين الأمريكيين في المنطقة.
كما يقدر عدد القوات الأمريكية في العراق بنحو 2500 جندي، يتمركزون في مناطق مختلفة من البلاد، وخاصة في بغداد وشمال العراق.
جواب أمريكا للشعب العراقي
كانت مصادر أمريكية تحدثت عن زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، فيما طالبت الحكومة والشعب العراقيان مراراً وتكراراً بانسحاب القوات الأمريكية من العراق خلال السنوات القليلة الماضية، وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن البلاد تريد مفاوضات منتظمة من أجل انسحاب سريع للقوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة من الأراضي العراقية، وفي مقابلة خاصة مع وكالة رويترز للأنباء يوم الأربعاء، وصف وجود قوات عسكرية أجنبية في العراق بأنه سبب لعدم الاستقرار في خضم التداعيات الإقليمية لحرب غزة، وأضاف إن العراق لم يحدد بعد موعدا نهائيا لانسحاب للقوات الأمريكية، لكنها تقدمت بهذا الطلب رسميًا.
وقبل أسبوعين أيضاً، دعا كريم المحمداوي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، إلى استخدام القوة والتظاهرات العامة لطرد القوات الأمريكية من العراق، ومن ناحية أخرى، أصدر هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر، بيانا، طالب فيه الحكومة العراقية، منذ وقت ليس ببعيد، باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتحديد جدول زمني "قصير" لانسحاب القوات الأمريكية والتحالف الدولي من العراق، وأضاف: طالما أن قوات التحالف موجودة في هذا البلد، فلا يتوقع أحد أن يتم تطوير القدرات العسكرية للجيش العراقي والمؤسسات الأمنية الأخرى.
وعلى الرغم من المطالبات الواسعة في العراق بانسحاب القوات الأمريكية، يبدو أن واشنطن، متجاهلة الطلبات في العراق، لا تزال تسعى إلى مواصلة وجودها العسكري في هذا البلد العربي الغني بالنفط في الشرق الأوسط.
مبرر أمريكا لاستمرار وجودها في العراق
لا تزال القوات الأمريكية متمركزة في العراق وسط تناقضات واشنطن بشأن طبيعة وجودها؛ فتارة يعلنون أن الغرض من هذا الوجود هو المساعدة والتشاور، وتارة أخرى تنفيذ عمليات عسكرية مشبوهة.
وفي الواقع، وعلى الرغم من وجود طلبات كثيرة للانسحاب العسكري الأمريكي من العراق، إلا أن الولايات المتحدة تحاول مواصلة وجودها العسكري في هذا البلد، وفي هذا الصدد، قال الجنرال باتريك رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، في مؤتمر صحفي: "حاليًا، ليس لدي علم بأي خطط للانسحاب"، ما زلنا نركز على مهمة هزيمة داعش”، كما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إنه ليس على علم بإعلان بغداد لوزارة الدفاع الأمريكية قرار سحب القوات الأمريكية، وأحال المراسلين إلى وزارة الخارجية الأمريكية للحصول على معلومات حول أي محادثات دبلوماسية بهذا الخصوص.
هل أصبح العراق أكثر أمناً؟
ويستمر وجود الولايات المتحدة في العراق في وضع قدمت فيه هذه القوات ذريعة وجودها لضمان الأمن في المنطقة، لكن في السنوات القليلة الماضية، وعلى الرغم من تدمير وإضعاف تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أن وجود القوات الأمريكية في العراق تسبب في زعزعة أمن المنطقة.
وقد أظهرت تجربة السنوات القليلة الماضية بوضوح أن الحكومة العراقية والشعب العراقي لديهما السلطة اللازمة لتحقيق الأمن، وأن وجود الولايات المتحدة لم يؤد إلا إلى انعدام الأمن في العراق، وإن الزيادة في عدد قوات الجيش العراقي وكذلك شراء جيش هذا البلد للمعدات الحربية جعل الجيش العراقي في مستوى مناسب من حيث القدرة الأمنية، وخلال الأحداث الكبرى مثل زيارة الأربعين التي يحضرها عدة ملايين من الأشخاص، وكذلك الاحتفالات الدينية المتعلقة بعاشوراء وشهر محرم، تمكن الجيش العراقي من توفير الأمن في المدن العراقية على الرغم من وجود عدة ملايين من الزوار.
وفي الواقع إن أكبر حالة من الانفلات الأمني وعدم الاستقرار في العراق هي في المناطق التي يبرز فيها وجود القوات الأمريكية، وبعبارة أخرى فإن وجود القوات الأمريكية تسبب في مزيد من الانفلات الأمني في هذه المناطق، ويرى "مهدي زكريان" الخبير في القضايا الإقليمية: "النقطة المهمة هي أن الأمريكيين يجب أن يفهموا أن القضايا الإقليمية ليست محددة، لكن قضايا منطقة الشرق الأوسط شاملة، ولا يمكنك الذهاب إلى منطقة ودعم دولة معينة تسمى "إسرائيل"، وتتوقع ألا يهتم الفلسطينيون والعراقيون واليمنيون".