الوقت_ عقب الضربات الموجعة التي تسببت بها المقاومة الفلسطينيّة لـ "إسرائيل" في الفترة الأخيرة وبالأخص حركة الجهاد الإسلاميّ، هدّد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، بتتبع الأمين العام للحركة، زياد النخالة، وقال إنه "لن يكون بأمان أينما كان"، حيث تصاعدت الرغبة الصهيونيّة في الفترة الأخيرة باغتيال الشخص البارز الذي لم يأبه يوماً موجهة "إسرائيل"، فيما تتناسى القيادة الصهيونيّة أنّ أيّ مساس بهذا الرمز المهم سيفتح بالفعل أبواب جهنم على الاحتلال الإسرائيلي الذي أمعن في قتل وتشريد وتعذيب أبناء الشعب الفلسطينيّ.
ضجة كبيرة أثارتها مقابلة غانتس مع قناة "كان" الإسرائيلية، والتي أشار فيها بوضوح إلى الرحلة الأخيرة التي قام بها زياد نخالة إلى طهران وهدد بأن الأخير "لن يكون بأمان أينما كان دون شهادة تأمين" على حد زعمه، وقد جاءت تلك التهديدات الصهيونيّ عقب تصريحات أعلن فيها الأمين العام لـ”الجهاد الإسلامي” زياد النخالة أنه بحال عدم التزام "إسرائيل" بما تم الاتفاق عليه عبر الوسيط المصريّ، فإن الحركة ستستأنف القتال، وأضاف حينها إنّ “المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة سجلت إنجازاً مهماً وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلاميّ".
ويبدو أنّ حديث النخالة عن أنّ “حركة الجهاد هي اليوم أقوى وكل مدن العدو كانت تحت مرمى صواريخ المقاومة"، وتأكيده أنّ “الحركة تحركت للدفاع عن وحدة الشعب، أما الاحتلال فانطلق في عدوانه لإنهاء حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس ولكننا خرجنا أكثر قوة من أي وقت مضى"، ناهيك عن أن “58 مستوطنة كانت تحت قصف سرايا القدس فضلا عن المدن تل أبيب وأسدود وعسقلان وغيرها من المدن المحتلة وسيطرنا على الميدان العسكري ولنا اليد العليا"، وتابع: “لو حقق العدو إنجازا لما سعى للاتفاق مع الجهاد الإسلامي لوقف إطلاق النار برعاية مصرية".
ويعلم العدو الإسرائيليّ وقيادته المتهورة بأن المساس بالنخالة أو أيّ من قادة المقاومة هو إيذان بزلزال في المنطقة وبردٍّ غير مسبوق وقد جربوا في الفترة الماضيّة أمطار الصواريخ التي ردّت على جرائم الصهاينة، وذلك بالتزامن مع التهديدات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة باغتيال قادة الفصائل الفلسطينيّة التي تفعل المستحيل لرفع مستوى التغيرات الجذرية على الساحتين الفلسطينية والإقليمية أكثر قأكثر، حيث خلقوا معادلات جديدة أضرت بشكل كبير بمصلحة الكيان السرطانيّ في فلسطين، وقد تناسى الإٍسرائيليون –بحكم تجربتهم- أنّ حملة التهديدات القذرة تلك ضد النخالة أو غيره من القياديين لن تخيف حركة الجهاد ولا تخيف أيضاً أصغر شبل فيها فمن وضع "روحه على كفه" لإنقاذ فلسطين من الشبح الإسرائيليّ لن يبالي من تصريحات الجبناء.
ولا شك أنّ الصهاينة يدركون جيداً مدى صلابة واندفاع أبطال المقاومة الفلسطينيّة الذين لا يأبهون من منهج التهديدات والاغتيالات، وإنّ حصل –رغم ضعف الاحتمال-فإنّ المعارك السابقة ستكون حدثًا عاديًا مقارنة بما سيشاهده العدو المزلزل أساساً، وسيكون من يأخذ هذا القرار قد كتب فصلًا كارثيًا في تاريخ الكيان وارتكب حماقة سيدفع ثمنها غاليًا بالدم والدمار، في وقت تؤكّد فيه فصائل المقاومة الفلسطينيّة أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على الفلسطينيين باتت وراء ظهور الفلسطينيين، ليبقى المجاهدون الكُثر كالنخالة وغيره أبرز عناوين القلق والارتِباك والرّعب والهزائم للعصابات الصهيونيّة الإجراميّة، وعنوانهم العريض "المقاومة أقوى.. ومستمرة".
وإنّ التهديد الذي أطلقته غانتس ليس الأول من نوعه فما من قياديّ فلسطينيّ إلا واسمه على لائحة الاغتيال الصهيونيّة، فكيف يستمر السفاح في الحياة إن لم يكن دوماً متعطشاً للدماء والضحايا، سواء كان طفلاً في الخامسة من العمر أو قياديّاً طاعناً في التجربة مع الصهاينة، لكن في الوقت ذاته إنّ أيّ هجوم على النخالة سيؤدي بلا شك إلى حرب مباشرة لا تحمد عقباها ولا اعتقد أنّ "إسرائيل" قد نسيت صدماتها مع فصائل المقاومة ونتائج معاركها الفاشلة على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة وإن كانت ترى في رئيس حركة الجهاد عدواً لدوداً.
أما في الجانب الفلسطينيّ، تؤكّد الفصائل الفلسطينيّة أنّ تلك التهديدات لا تزيدهم إلا إصراراً في الدفاع عن فلسطين، حتى زوال الاحتلال عن آخر شبر من أرضهم، وهي رسالة واضحة ومختصرة للكيان الإسرائيليّ وعصاباته وليست بجديدة أبداً، فيما يعتبر آخرون أن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة ذات دلالات ضعف كبيرة ، فكلما حاول العدو إخفاء هزائمه في فلسطين أكّد بشكل أكبر حجم ضعفه وانهياره، لأنّه يعتقد أنّه في حال استطاع أن يقضي على بعض القيادات البارزة يمكنه أن ينهي منهجاً مقاوماً لا يمكن أن يميل قد أنملة عن أهدافه في القضاء على الاحتلال البغيض والعنصريّ، وإنّ المقاومة كما تقول الحقائق لن تأبه أبداً من أيّ خطوة إسرائيليّة لأنّها وباعتراف العدو باتت تمتلك مفاتيح اللعبة وأصبحت قوة رادعة للغاية، وقد شهدت الحروب الأخيرة.
وفي حال تجرأت "إسرائيل" وارتكبت غلطة تاريخيّة كبرى في محاولة اغتيال أيّ من قادة المقاومة، لا شك أنّها ستدفع ثمن فعلتها بأضعاف، وستذوق أمر من طعم الهزيمة التي ذاقتها في المعارك الأخيرة على كل المستويات وفقا للفلسطينيين، لذلك من المستبعد جداً أن تقدم القيادة الصهيونيّة على هذه المُقامرة الخطيرة، ويجب أن تضع في بالها مسألة "الفرق بين صاحب الأرض والمحتل"، وأن تذكر نفسها بأنها هي من تحتل الأرض وتغتصبها، وهي من تصنع المكائد في واشنطن وتطبقها، لأن الغباء الأعمى أن يرتدي الوحش المضرج بدماء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء، ثوب الضحيّة، وإن الفصائل الفلسطينية ستفعل كل ما بوسعها لإنهاء وحشيّة الاحتلال وعدوانه المتزايد والمستمر.