الوقت- لا يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس والتي قام بإغلاقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ويضضع نفسه في مواجهة وتحد مباشر مع ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويقول بصراحة أنه لن يسمح بإعادتها، وهذا الأمر ليس سوى مثال بسيط على عنجهية الاحتلال الاسرائيلي، ورغبته المستمرة في سحل حقوق الفلسطينيين والقضاء على أي أمل لحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة.
لقد أطاح بينيت بحكومة بنيامين نتانياهو في حزيران/يونيو وتولى منصبه كزعيم لائتلاف حكومي متعدد الأيديولوجيات يحاول الحفاظ على استقراره.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرت الأسبوع الماضي موازنة 2022 لتفادي انهيارها بعد ثلاث سنوات من أزمة سياسية غير مسبوقة في تاريخ الدولة العبرية.
لكن يبدو أن تجاوز الائتلاف الحكومي لأزمة الموازنة لن يجنب إسرائيل مواجهة مع الولايات المتحدة بسبب القنصلية التي تخدم الفلسطينيين.
وقال بينيت السبت "ليس هناك مكان لقنصلية أميركية أخرى في القدس، لطالما طرحنا موقفنا بهدوء".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين أعلن عزم الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن على إعادة فتح القنصلية المخصصة لتقديم الخدمات للفلسطينيين بعد نحو عامين على قرار الرئيس السابق دونالد ترامب إغلاقها ونقل مقر سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
وفي أوائل أيلول/سبتمبر الماضي، أبدى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد معارضته لإعادة فتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس، مشيرا إلى أن المدينة المقدسة "عاصمة إسرائيل، إسرائيل فقط" وأن هذا الإجراء يهدد "بزعزعة" الحكومة الجديدة".
إن تصريحات نفتالي بينت رئيس حكومة الاحتلال ووزير خارجيته لابيد بشأن فتح القنصلية الامريكية في القدس، واقامة مستوطنة ايفياتار هو تحدي واضح للادارة الامريكية يضعها امام اختبار فيما اذا كانت قادرة على تنفيذ هذا القرار والذي قد يؤهلها من جديد في الوساطة بين الفلسطينيين والاسرائيليين في استئناف عملية السلام.
هذه الحكومة هي حكومة استيطان وضم وتمارس انتهاكات يومية بحق الفلسطينيين من عمليات مداهمة واعتقال وتهويد ومضايقات على الحواجز وقتل ممنهج للمواطنين.
وفي السياق، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين، تصريحات بينيت بشأن الاستيطان والقنصلية الأمريكية في القدس، بأنها تمثل "تحديا سافرا لقرارات وسياسة الإدارة الأمريكية التي أعلنت مرارا وتكرارا رفضها للاستيطان وجميع الإجراءات أحادية الجانب، وإصرارها على إعادة فتح القنصلية".
ولفتت إلى أن خطورة تصريحات بينيت بشأن موقف حكومته الرافض لإعادة افتتاح القنصلية، واعتزامها شرعنة البؤرة الاستيطانية "إفياتار"، والالتزام بالاتفاق الموقع مع المستوطنين بإنشاء البؤرة الاستيطانية المقامة على جبل صبيح جنوب نابلس، تأتي بعيد إقرار الميزانية، “بما يعني أن مواقف الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي على محك الاختبار النهائي للمصداقية".
تعتبر إسرائيل القدس "عاصمتها الموحدة" وتمنع أي مظهر سيادي للسلطة الفلسطينية فيها بينما ينظر الفلسطينيون إلى الجزء الشرقي منها عاصمة لدولتهم المستقبلية.
في 2018، نقل ترامب سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس التي كانت تضم مكتبا قنصليا يخدم الفلسطينيين، وكانت تلك الخطوة كافية ليشعر الإسرائيليون أن لا مطالب سياسية للفلسطينيين مستقبلا في المدينة.
وما زال دبلوماسيون أمريكيون يقدمون خدمات قنصلية للفلسطينيين من مقر السفارة الاميركية في القدس الغربية. لكن اقتراح إدارة بايدن يعني وجود بعثة مستقلة للفلسطينيين. كما يمكن إعادة فتح مكتب للخدمات القنصلية منفصل في القدس الشرقية.
ودان مسؤول فلسطيني كبير طلب عدم كشف هويته، تصريحات القادة الإسرائيليين معبرا عن أمله في الإعلان عن إعادة فتح القنصلية في القدس أبوابها قبل نهاية العام الأول للرئيس بايدن في السلطة في كانون الثاني/يناير المقبل.
وقال المسؤول الفلسطيني لوكالة فرانس برس "أبلغنا الأميركيون أنهم سيعيدون فتح قنصليتهم في القدس الشرقية ونتوقع ذلك عاجلا وليس آجلا". وأضاف "هذا مهم جدا لأنه اعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".
وأكد لبيد السبت من جديد معارضته لإعادة فتح القنصلية. وقال "إذا أرادوا (الولايات المتحدة) فتح قنصلية في رام الله فلا مشكلة لدينا في ذلك".
وتتزامن مسألة القنصلية في القدس مع أزمة ثقة تواجهها القيادة الفلسطينية، إذ أظهرت استطلاعات للرأي تراجع شعبية الرئيس الفلسطيني محمود عباس خصوصا بعد مقتل الناشط السياسي نزار بنات على يد قوات أمن فلسطينية في حادثة أثارت احتجاجات واسعة.
ويبدو أن بينيت المعارض لقيام دولة فلسطينية ويدعم التوسع الاستيطاني يركز على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين. وقد شهدت الأشهر الماضية تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين بما في ذلك زيادة عدد تصاريح العمل في الدولة العبرية لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويعتقد ليفي أن زيادة التعاون بين الجانبين والغضب من مقتل الناشط بنات سيقللان من قدرة الفلسطينيين على ممارسة مزيدا من الضغط لإعادة فتح المكتب الدبلوماسي.
وتعتبر القيادة الفلسطينية أن إعادة فتح القنصلية في القدس الشرقية، له مدلولات سياسية، تؤكد أن المدينة هي أرض فلسطينية محتلة، خاصة في ظل تأكيد الجانب الأمريكي دعمه لحل الدولتين، فيما ترى إسرائيل أن ذلك الأمر يدمر مخططاتها الاستيطانية لتهويد وضم المدينة، وحرمان الفلسطينيين من أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم.
والجدير ذكره أن القنصلية الأمريكية العامة في القدس، تأسست عام 1844، وظلت على مدار 25 عاما تجري اتصالات مع السلطة الفلسطينية، قبل أن يغلقها الرئيس الأمريكي السابق ترامب عام 2019، وقرر دمجها بالسفارة الأمريكية التي نقلها من تل أبيب إلى القدس أواسط العام 2018.
ومنذ ذلك القرار، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية بدون تمثيل دبلوماسي مع الفلسطينيين، حيث رفضت السلطة الفلسطينية التعامل مع السفير الأمريكي في إسرائيل.