الوقت- ارسلت السودان مؤخرا دفعات من جنودها الى ميناء عدن اليمني للانضمام الى القوات البرية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية ونظرا الى الخلافات السعودية الايرانية فإن هذه الخطوة السودانية بالاضافة الى طرد الملحق الثقافي الايراني من الخرطوم تسببت بابتعاد السودان عن ايران وهي تغيير اساسي في السياسة السودانية بالمنطقة، ويمكن تلخيص اسباب هذه الاستدارة السودانية من ايران نحو السعودية والمشاركة بالحرب اليمنية فيما يلي:
1- الازمة الداخلية في السودان
تعيش السودان حاليا ازمات اقتصادية وامنية وسياسية ما دفع قادة السودان الى تغيير سياساتهم لتلبية بعض حاجات بلادهم ودرء التهديدات عنها وهم يأملون في تلقي الدعم المالي والاقتصادي من الخارج وتحديدا من السعودية بعدما خسروا جنوب السودان وخسروا معه 75 بالمئة من ثروات السودان النفطية.
2- الضغوط السعودية
ان ضغوط الدول العربية وعلى راسهم السعودية فاقمت الاوضاع الاقتصادية في السودان فقد قطعت السعودية علاقاتها المصرفية مع السودان في شهر مارس 2014 ما ادى الى انخفاض الارباح المصرفية السودانية بنسبة 50 بالمئة وقد اعتبر الخبراء ان الخطوة السعودية هذه كانت عقابا للسودان لابعادها عن ايران.
3- الخلافات في داخل الحكومة السودانية
تعتبر الخلافات الموجودة بين اركان السلطة في السودان حول العلاقات مع ايران احد اسباب تغيير سياسة عمر البشير تجاه ايران لأن علاقات السودان مع ايران كانت تحول دون قيام دول مجلس التعاون بالاستثمار في السودان ويمكن القول ان الملك السعودي قد اصدر اوامره بزيادة العلاقات الاقتصادية مع السودان بمجرد اغلاق المستشارية الثقافية الايرانية في الخرطوم.
وكان البرلمان السوداني ووزير الخارجية السوداني علي كرتي من دعاة خفض مستوى العلاقات مع ايران فيما كان الجيش والمؤسسة العسكرية من داعمي العلاقات الاستراتيجية مع ايران.
4- نشاطات الوهابيين الاعداء لايران
لقد بدأ السلفيون في السودان بشن هجوم على علاقات الخرطوم مع طهران منذ وقت طويل كما قامت بعض التيارات والشخصيات غير السودانية ايضا بالضغط على السلطات السودانية من اجل خفض مستوى العلاقات مع ايران خوفا من انتشار المذهب الشيعي في هذا البلد وهنا يمكن الاشارة الى ما قاله المستشار الاعلامي السابق للرئيس المصري احمد المسلماني الذي اكد بان "السودان تمضي في طريق محفوف بالمخاطر لأن السودانيين هم من اهل السنة وان نشر التشيع في السودان سيشعل فتنة".
5- القلق من خسارة الدعم الايراني
لايمكن تجاهل التغييرات الحاصلة في السياسة الخارجية للحكومة الايرانية بعد مجيء هذه الحكومة الى سدة الحكم لأن هذه التغييرات لعبت دورا في ايجاد القلق لدى الحكومة السودانية والاستدارة نحو اعداء ايران، ان دولا مثل السودان قد يملكها الخوف من الاتفاق النووي الايراني مع الغرب واحتمال وقف الدعم الايراني لها وكان الخيار المتبقي للسودان هو الذهاب نحو السعودية التي رحبت بهذا الموضوع وعززت علاقاتها الاقتصادية مع السودان في مقابل خطوات ميدانية يجب ان تقوم بها السودان لدعم التحركات السعودية في المنطقة.
6- الموقف العربي
عندما ينظر المرء الى القضية اليمنية بعيون عربية يدرك مدى النظرة القومية التي تنظر بها الدول العربية الى هذه القضية واعتبار التطورات اليمنية تهديدا لها وقد استغلت السعودية هذه النظرة الضيقة وهذا الضعف في الفهم الاستراتيجي لدى العرب وقامت بتضخيم الخطر الوهمي الذي يشكله اليمن.
7- الموقع الجغرافي
ان موقع السودان الجغرافي قريب من اليمن ومن السعودية ايضا حيث تشترك السودان مع السعودية في بحر العرب والبحر الاحمر ولذلك هناك هواجس امنية وسياسية مشتركة بين السودان والسعودية.
هذه هي اهم اسباب ذهاب السودان نحو السعودية والابتعاد عن ايران ويمكن ان نضيف اليها أمل الرئيس السوداني عمر البشير الملاحق بسبب جرائم الحرب من قبل المحكمة الدولية في تلقي دعم سعودي لعله يوقف ملاحقته.
ان التغيير الحاصل في السياسة السودانية تجاه ايران هو استدارة استراتيجية كبيرة تقوم بها السودان في المنطقة مهما كانت اسبابها الاقتصادية والسياسية لكن يبقى على المسؤولين السودانيين ايضا ان يتوقعوا تلقي ردود سلبية جدا بسبب مشاركتهم في الحرب السعودية ضد الشعب اليمني لأن التاريخ قد اثبت بأن الحكومات التي ظلمت شعوبها او شعوب باقي الدول كان لها مصير اسود لأن الظلم سرعان ما يرتد على صاحبه.