الوقت- كشفت العديد من التقارير أن منطقة البحر الأحمر تواجه خطر تسرب أو انفجار خزان النفط العائم "صافر" التابع لليمن والواقع على بعد خمسة أميال من سواحلها والذي يحتوي على أكثر من مليون برميل نفط. ولفتت تلك التقارير إلى أن التحذيرات الدولية قد زادت من مخاطر انفجار هذا الخزان العائم، مع استمرار توجيه الاتهامات لحكومة الانقاذ الوطنية في صنعاء وجماعة "أنصار الله" برفض وصول خبراء الأمم المتحدة لإصلاح الخزان أو افراغه. ولكن التقارير أكدت أن حكومة الانقاذ والقادة في حركة "أنصار الله" برروا هذا الرفض بسبب وعود الأمم المتحدة الزائفة وعدم امتثالها لجميع البنود التي تم الاتفاق عليها مسبقاً وفك الحصار على ميناء الحديدة. واشترطت حكومة صنعاء وحركة "أنصار الله" أيضاً إيجاد آلية لضخ النفط الخام من الناقلة صافر، وتخصيص عائداته لدفع رواتب الموظفين، عسكريين ومدنيين، وفق قاعدة بيانات العام 2014، من أجل السماح بنزول فريق التقييم إليها.
وعلى هذا الصعيد، أبدت الأمم المتحدة خلال الفترة الماضية إيجابية واضحة في تصريحاتها ولهذا فقد أعلنت حكومة صنعاء وحركة "أنصار الله" اليمنية، يوم أمس السبت، توصلها إلى حلول مع الأمم المتحدة لتعجيل البدء بتنفيذ صيانة الناقلة النفطية المتهالكة "صافر" التي تتخذ خزانا عائما لنحو مليون برميل من الخام، قبالة سواحل محافظة الحديدة غربي اليمن. وقالت اللجنة المشرفة لتنفيذ اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم "صافر" التابعة لحكومة صنعاء وجماعة "أنصار الله"، وفقا لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، إنها "عقدت اجتماعا مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، لمناقشة القضايا العالقة، وتم خلاله التوصل إلى حلول تعجل ببدء تنفيذ اتفاق الصيانة العاجلة للخزان العائم صافر". وأضافت أن "مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع قدم الحزم الخاصة بخطة العمل، بعد تأخير استمر أسابيع عدة، إلا أنهل تعتبر خطوة إيجابية نحو تنفيذ الاتفاق".
وأشارت إلى أنها "ستعقد اجتماعاً آخر مع مكتب الأمم المتحدة، نهاية الأسبوع الجاري، يفترض أن يتم فيه تحديد الموعد النهائي لتنفيذ الاتفاق، حيث سبق وتأجل مرات عدة، بسبب تأخر الموردين في توفير القطع اللازمة لعملية الصيانة العاجلة، بحسب إفادة الجانب الأممي". وأكدت اللجنة "حرصها الشديد على تسهيل مهمة خبراء الأمم المتحدة، والتعجيل بوصولهم وتقديم التسهيلات اللازمة لتحقيق ذلك". وأعربت عن "تفاؤلها باقتراب وصول خبراء الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق الصيانة والتقييم، وتفادي الكارثة المحتملة التي يمكن أن تلحق ببيئة البحر الأحمر".
الجدير بالذكر أنه منذ سنة 2014 وسفينة "صافر" ترسو على السواحل اليمنية ممثلة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة لتدمر الحياة البحرية اليمنية في البحر الأحمر، وصولاً إلى خليج عدن وبحر العرب. السفينة "صافر" اشترتها الحكومة اليمنية منذ 30 عاماً، وأطلق عليها "صافر" نسبة إلى حقول النفط التي يُستخرج منها النفط في محافظة مأرب. وتعتبر هذه السفينة خزاناً ضخماً في ميناء "رأس عيسى" النفطي في محافظة الحديدة على سواحل البحر الأحمر، كان يستقبل النفط الخام من حقول الإنتاج في محافظة مأرب، إلا أنه بعد ثورة الـ21 من سبتمبر 2014 توقف ضخ النفط، كما توقف تصدير الكمية المخزّنة، فضلاً عن توقف عملية الصيانة للخزان منذ العام 2015، ما تسبب في تآكل هيكلها من الداخل.
وفي وقت سابق، اتهم عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني، "محمد علي الحوثي"، الأمم المتحدة بوضع عوائق أمام البدء في صيانة "صافر". وقال الحوثي، عبر "تويتر"، إن "الأمم المتحدة تبحث عن عوائق أمام المضي بإصلاح ناقلة صافر النفطية بحجج وضع الترتيبات اللوجستية، وأن الأمم المتحدة بحاجة إلى وقت لحجز السفن وتأكيد الطواقم ونشر المعدات واتخاذ جميع الترتيبات الضرورية الأخرى". وتابع أن "مثل هذه الإجراءات تؤكد عدم الاهتمام والشعور بالأهمية القصوى لتجنيب البحر الأحمر كارثة التسريب". وفي الـ 24 مارس الماضي، حمّلت حكومة صنعاء وجماعة "أنصار الله"، الأمم المتحدة مسؤولية التأجيلات المتكررة لوصول فريق الخبراء الأممي إلى الناقلة صافر لتقييم وضعها واجراء صيانة عاجلة لها هي الأولى منذ 5 سنوات، مشيرةً إلى أن الأمم المتحدة طلبت إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول الناقلة، وهو ما اعتبرته الجماعة خارج الاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة.
وأعلنت الأمم المتحدة، في 25 نوفمبر الماضي، تلقيها رسالة رسمية من حكومة صنعاء وجماعة "أنصار الله"، أكدت فيها موافقتها على اقتراح الأمم المتحدة بشأن إرسال بعثة خبراء لتقييم وضع ناقلة النفط "صافر". جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الأمم المتحدة "ستيفان دوجاريك" الذي قال للصحفيين يوم أمس عبر تقنية التواصل عن بعد إن الأمم المتحدة تلقت رسالة رسمية من سلطات الأمر الواقع في صنعاء، "أنصار الله"، يوم أمس السبت، تشير فيها إلى موافقتها على اقتراح الأمم المتحدة بشأن إرسال بعثة خبراء إلى ناقلة النفط "صافر". وتأتي هذه الرسالة بعد عدة أسابيع من التبادلات الفنية البناءة بشأن الأنشطة التي سيضطلع بها فريق الخبراء، وقال دوجاريك إن ذلك "يمثل خطوة مهمة إلى الأمام في هذا العمل الحاسم." وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة أن الهدف من بعثة الخبراء التي تقودها الأمم المتحدة هو "تقييم وضع السفينة وإجراء الصيانة الأولية، بالإضافة إلى صياغة توصيات بشأن الإجراءات الإضافية المطلوبة لتحييد مخاطر الانسكاب النفطي".
والآن بعد أن تمت الموافقة على اقتراح الأمم المتحدة بشأن بعثة الخبراء، فإن تخطيط البعثة سيتجه على الفور نحو الاستعدادات للانتشار. ويشمل ذلك شراء المعدات اللازمة، وتصاريح الدخول لجميع موظفي البعثة، والاتفاق على نظام أوامر العمل على متن السفينة والتخطيط اللوجستي. وبحسب "دوجاريك"، فقد أكدت سلطات حكومة صنعاء وجماعة "أنصار الله" للأمم المتحدة أنها "ستوفر كل التسهيلات اللازمة لضمان أن ينتشر فريق الخبراء في أسرع وقت ممكن." هذا وأعربت الأمم المتحدة، على لسان المتحدث باسمها عن تقديرها للدعم والتعاون الذي تلقاه حتى الآن من جميع الأطراف، بما في ذلك سلطات الأمر الواقع في صنعاء والحكومة اليمنية. وأكدت أنها تتطلع إلى العمل مع جميع أصحاب المصلحة لإنجاح هذه المهمة الحاسمة وبدء العمل في أقرب وقت ممكن.
وفي سياق متصل، اتهمت شركة النفط في صنعاء، تحالف العدوان السعودي قبل عدة أسابيع، بمنع الوصول أو إجراء أي صيانة للناقلة صافر التي تم تحويلها إلى خزان عائم، على بعد نحو 4.8 ميل بحري من ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة، في ظل مخاوف من انفجارها جراء توقف أعمال الصيانة. كما حمّل وزير النفط والمعادن "أحمد عبدالله دارس" دول التحالف والأمم المتحدة مسؤولية تداعيات الكارثة البيئية والبحرية في حال حدث تسرّب من خزان "صافر" العائم أو استهدافه من قبل التحالف.
وقال دارس: "إن توقف أعمال الصيانة لسفينة صافر قد يؤدي لتسرب كمية النفط الخام، ما ينذر بكارثة بيئية ستدمر الأحياء البحرية والشعب المرجانية والكائنات الحية البحرية، والتسبب في تلوث البحر الأحمر والدول المطلة عليه وصولاً إلى قناة السويس". وأضاف وزير النفط في حكومة الإنقاذ الوطنية : "نحن أول من طالب بعملية صيانة سفينة صافر، ومستعدون لأن نقوم بهذا العمل". وأكد على أن دول العدوان هي من تمنع عملية صيانة سفينة صافر. وتابع: "الإجراء الذي اتخذه العدوان والمرتزقة بشأن سفينة صافر هو فقط الإعلان عن تشكيل لجنة لتقييم عملية الصيانة".
الجدير بالذكر أن حكومة الانقاذ الوطنية وحركة "أنصار الله" قدمت وثيقة حل شامل للأمم المتحدة، في 8 نيسان الماضي، تتضمن، نشر بعثة فنية بقيادة الأمم المتحدة لتقييم أوضاع الناقلة "صافر" وإجراء الإصلاحات المبدئية، وتقديم التوصيات الفنية اللازمة وإجراء الإصلاح والصيانة، والاتفاق على ضوء توصيات الفريق الفني على خطة لاستخراج النفط من الناقلة بطريقة آمنة وبما فيها عودة ضخ النفط إلى الناقلة عبر أنبوب صافر - رأس عيسى. وتضمنت تلك الوثيقة ايضا أن تقوم الأمم المتحدة بفك الحصار عن ميناء الحديدة للسماح بدخول المشتقات النفطية والمواد الطبية والغذائية للمناطق المحررة ولكن الأمم المتحدة لم تمض قُدما في إجراء وتنفيذ هذه التوصيات وإنما بدأت بالمراوغة واختلاق الكثير من الأعذار.