الوقت- عقب المفاجأة الكبيرة التي فجرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، وتأكيدها تورط السعودية وولي العهد محمد بن سلمان تحديداً، في محاولة الانقلاب الفاشلة بالأردن ونسبت ذلك لمصادر لكبيرة جداً في الأردن، قال مسؤول استخباراتيّ شرق أوسطيّ أن إصرار الرياض على الإفراج الفوريّ عن السياسي والاقتصادي الأردني، باسم عوض الله، الذي تولى رئاسة الديوان الملكيّ الهاشمي الأردني في الفترة الواقعة بين تشرين الثاني 2007 و تشرين الأول 2008، قبل أيّ إجراء قضائيّ أو توجيه اتهامات رسميّة له يثير الدهشة ويُظهر أنّ السعودية قلقة بشأن ما سيقوله، وخاصة بعد التقارير التي تحدثت أنّ شخصيات عربيّة تقف خلف محاولة الانقلاب في الأردن، وأنّ السعودية ومعها إحدى إمارات الخليج كانتا متورطتين في الأمر من وراء الكواليس.
لم يمض سوى بضعة أيام على المعلومات التي تحدثت أنّ ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وأحد قادة إحدى إمارات الخليج، على ما يبدو إمارة أبو ظبي، كانا شريكين سر في محاولة الانقلاب الفاشلة، وأوضحت المصادر الأردنيّة الرفيعة للإعلام العبريّ أنّ باسم عوض الله، الذي كان وزير المالية والمعروف بقربه من الملك عبد الله، تحوّل إلى "حلقة الوصل" بين العائلة المالكة السعوديّة وبين الأمراء في الأردن، ومؤخراً ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن تكهنات أثيرت حول وجود رابط خارجيّ للمؤامرة في الأردن بعد زيارة غير مقررة إلى عمان من قبل وفد سعوديّ رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، وصل الاثنين المنصرم.
وفي هذا الصدد، تشير المعلومات إلى أنّ المسؤولين السعوديين طالبوا خلال لقاءاتهم مع نظرائهم الأردنيين بالإفراج عن باسم عوض الله، أحد الأردنيين البارزين الذين اعتقلوا يوم السبت الماضي، وفق مسؤول استخباراتيّ رفيع المستوى في الشرق الأوسط تابعت حكومته الأحداث، قائلاً إنّ "السعوديين طلبوا الإذن بالزيارة بعد ساعات قليلة من بدء تسريب أنباء المؤامرة المزعومة قبل أيام"، وأضاف المسؤول الاستخباراتيّ، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسيات الدبلوماسيّة، أنّه بعد اللقاءات مع الأردنيين يوم الاثنين الماضي، انصرف الوفد السعوديّ إلى أحد فنادق العاصمة الأردنيّة عمان مع استمراره في المطالبة بالسماح لعوض الله بالمغادرة معهم إلى السعودية، الشيء الذي أثار شكوكاً كثيرة حول خفايا هذا الطلب.
وفي ظل غياب التصريحات السعوديّة حول هذا الموضوع، بيّن المسؤول الاستخباراتيّ الشرق الأوسطيّ أنّ إصرار السعودية على الإفراج الفوريّ عن عوض الله قبل أيّ إجراء قضائيّ أو توجيه اتهامات رسميّة له يثير الدهشة في المنطقة، مؤكّداً أنّ السعوديين كانوا مصمّمين على أنهم لن يغادروا البلاد دونه، ما أكّد سيناريو قلقهم الشديد بشأن ما يمكن أن يقوله عوض الله، الذي كان يشغل قبل الاعتقال منصب المبعوث الخاص للعاهل الأردنيّ إلى السعودية، التي منحته جواز سفر سعوديّ، وفق مواقع إخباريّة.
وفي وقت سابق، ألمحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، إلى دور السعودية في تلك المؤامرة، متحدثة أنّه من النادر أن تقوم حكومة البلاد باعتقال كبار المسؤولين الأردنيين مثل عوض الله وزير الماليّة السابق والشريف حسن بن زيد، أحد أفراد العائلة المالكة، وهو مبعوث سابق للأردن إلى السعودية، والشيء الذي أثار الشكوك أكثر حول تورط السعوديّة هو قيامها بإصدار بيان عاجل لدعم الملك عبد الله، والأحد الفائت ذكرت وسائل إعلام سعودية حكوميّة أنّ ولي العهد محمد بن سلمان تحدث مع الملك عبد الله عبر الهاتف لإبداء الدعم.
ومن الجدير بالذكر أنّ من بين المعتقلين إضافة إلى عوض الله والشريف حسن بن زيد، ياسر المجالي رئيس مكتب الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني الذي وُضع تحت الإقامة الجبريّة، والشيخ سمير المجالي وآخرين خدموا في مناصب بارزة في الحكومة والجيش الأردنيين، وتتحدث تقارير عبريّة أن ما لا يقل عن 25 من مقربي الأمير حمزة اعتُقلوا في الأيام الأخيرة، وذلك بزعم أنّهم كانوا شركاء سر وحلقات وصل مع السعوديّة، في تخطيط محاولة الانقلاب في القصر الملكيّ.