الوقت- تناقلت وسائل الإعلام التركية على نطاق واسع تصريحات الناطقة باسم البيت الأبيض "جين ساكي" بشأن محادثات بايدن وأردوغان.
ولدى سؤالها عن سبب عدم اتصال جو بايدن بعد برجب طيب أردوغان، قالت جين ساكي: "هناك عدة رؤساء دول ينبغي على الرئيس بايدن الاتصال بهم. بالتأكيد، في مرحلة ما، ستكون هناك محادثات مع الرئيس التركي أيضاً".
وسائل الإعلام التابعة لحزب العدالة والتنمية الترکي قد عکست تصريحات ساكي وكأن واشنطن قالت ذلك لإظهار أهمية علاقتها مع أنقرة. لكن وسائل الإعلام التي تنتقد حكومة أردوغان، مثل صحيفة "يني جاغ" التابعة لحزب "الجيد" بقيادة السيدة "ميرال أكشينار"، كتبت: "لقد وعدت ساكي بإجراء مكالمة هاتفية، ولكنها لم تحدد موعدًا".
وأوضحت هذه الصحيفة المناهضة للحكومة، أن هذه العلاقة هي في الأساس أسوأ مما تحتاج واشنطن لتحديد موعد محدد للمحادثات.
لقد أظهر فريق جو بايدن أن الاتصال بتركيا على المستوى الرئاسي ليس أولويةً أمريكيةً في الوقت الراهن، وأن قضايا مثل S400 و F-35 بقيت دون حل حتی يومنا هذا.
لماذا الاتصال الهاتفي مهم؟
في الأسابيع الأخيرة، أظهرت وسائل الإعلام الموالية لحزب العدالة والتنمية أن حکومة أردوغان مستعدة لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وتحسينها، ولهذه الغاية، لم ترسل فقط سفيرًا متمرسًا إلى واشنطن مؤخرًا، ولكنها أظهرت مرارًا وتكرارًا أنها تبحث عن علاقة أفضل.
من ناحية أخرى، من وجهة نظر علم النفس السياسي، لطالما كانت هذه القضايا مهمةً بالنسبة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية ووسائل الإعلام التابعة لهذا الحزب، وكان فريق أردوغان يهتم دائمًا بأن يشعر بأنه في مرکز "الاهتمام"، ولا يتردد في التعبير عن هذا الشعور.
لكن إضافة إلى هذه الأسباب، يجب أن نتحدث عن سبب أكثر أهميةً، وهو ما يشير إلى بعض مخاوف الحكومة التركية بشأن القرارات المستقبلية لجو بايدن. وهي القرارات التي تؤثر على العديد من مصالح تركيا على نطاق واسع.
خلافات مهمة
في السنوات الأخيرة، وخاصةً خلال إدارة دونالد ترامب، تعمق الخلاف السياسي بين أنقرة وواشنطن واتسع نطاقه بشكل مطرد. على سبيل المثال، هناك عدد من القضايا المهمة، كل منها حيوي إلى حد ما بالنسبة للحكومة التركية:
- النهج النهائي للإدارة الأمريكية الجديدة تجاه قضايا مهمة مثل تحركات تركيا في شرق البحر المتوسط؛
- کيفية التنسيق مع الناتو والاتحاد الأوروبي بشأن مواجهة تركيا مع اليونان وقبرص؛
- علاقة تركيا بروسيا وإيران في الملف السوري وعملية أستانا؛
- وضع سياسة الولايات المتحدة بشأن التطورات المتعلقة بالمصير السياسي للأكراد في شمال سوريا، وتقديم الدعم الاستخباراتي والتسليحي للمؤسسات التابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا؛
- القضايا المتعلقة بقضية "بنك خلق" في الولايات المتحدة؛
- نهج بايدن النهائي بشأن أنشطة طلاب فتح الله غولن في الولايات المتحدة؛
- والموقف الأمريكي من بعض المشاورات والتحركات المشتركة بين روسيا وأذربيجان وتركيا في القوقاز.
خلافان مهمان بشأن الأسلحة
على الرغم من أن كلاً من القضايا المذكورة أعلاه لها أهمية كبيرة، إلا أنه يمكن القول بجرأة إن مركزي الخلاف الرئيسيين في الوقت الحالي بين تركيا والولايات المتحدة هما S400 و F-35.
الولايات المتحدة غير راضية عن تحرك تركيا لشراء نظام الدفاع الصاروخي S400، لذلك استبعدت حليفتها في الناتو من مشروع إنتاج F-35 المشترك. إضافة إلى ذلك، فهي غير مستعدة لبيع حتى واحدة من هذه الطائرات لتركيا.
هذا في حين أن الکيان الصهيوني استلم بسهولة طائرة F-35 من الولايات المتحدة، وتجري الإمارات محادثات لشرائها، وطالبت اليونان مؤخرًا بهذا السلاح الاستراتيجي أيضاً.
لكن البنتاغون أعلن أن البنية التحتية لليونان ليست كافيةً بعد، وأن هذه الدولة الصغيرة المجاورة لتركيا لا يمكنها امتلاك طائرة F-35 إلا إذا قامت ببناء بعض البنية التحتية والمعدات اللازمة.
ماذا يقول الناتو؟
عارض الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بشكل دبلوماسي شراء أسلحة S-400 من روسيا خلال فترة دونالد ترامب، وأخبر القادة الأتراك علنًا أن حلف الناتو بأكمله يعارض قرار أنقرة.
ولكن بما أن أساس وجود الناتو قد واجه تحديات في عهد إدارة ترامب، سلمت تركيا من هذا المأزق ولم تستجيب لتوصيات مقر الناتو في بروكسل.
ولكن الآن، يصر ستولتنبرغ بقوة أكبر على قضية S400، ويريد معالجة قضية الصواريخ التي تشتريها تركيا في إعادة بناء السياسة الهجومية الأمريكية تجاه روسيا والصين.
الشيء المثير للاهتمام في سياسات الأمين العام لحلف الناتو، هو أنه في المقابلات التي أجراها يؤكد باستمرار على الدور المهم الذي لا يمكن الاستغناء عنه لتركيا في الحفاظ على الأمن الأوروبي، ولكن عندما يتعلق الأمر بنهج الناتو المعادي لروسيا، فإنه لا يتحمل العلاقات الوثيقة بين أنقرة وموسكو.
المخاوف بشأن اليونان
تأمل تركيا حل أهم خلافاتها مع الاتحاد الأوروبي تحت رعاية سياسات البيت الأبيض. وهذا يعني تذكير حلفائها الأوروبيين بدور تركيا في الناتو والأمن الإقليمي كقضية استراتيجية، حتى لا يضيقوا المجال علی ترکيا في مختلف القضايا.
لكن هذا التوقع، في السياق الحالي على الأقل، يبدو متفائلًا ومثاليًا للغاية. لأنه أولاً، لدى الولايات المتحدة نهج استراتيجي خاص تجاه اليونان وقبرص، وثانيًا، لا تقبل واشنطن وجهات نظر تركيا وقراراتها فيما يتعلق بشمال قبرص التركية.
ويقول "إيشك كانسو" المحلل في صحيفة "جمهوريت" التركية، إن الولايات المتحدة قد وضعت تركيا فعليًا في حالة حصار في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط، وإن دعم واشنطن الكبير لليونان والدولة الأوروبية لقبرص الرومانية، يعني أن درعاً خاصةً قد رفعت أمام تركيا.
وفي الختام، يجب القول إن سياسة بايدن الخارجية في قراراتها وبرامجها تعطي حاليًا الأولوية للقضايا الحيوية مثل روسيا والصين، وتُظهر جميع إشاراتها وسلوكياتها أنه على المدى المتوسط تبدو العلاقة الحميمة والوثيقة مع تركيا بعيدة المنال.