الوقت- وزير الخارجية الأفغاني الذي زار السعودية مؤخراً، وقَّع خلال لقائه المسؤولين السعوديين، مذكرات تفاهم بشأن التعاون بين البلدين في مجال التعليم.
وفي هذا الصدد، أعلن موقع وزارة الخارجية الأفغانية أنه خلال زيارة وزير الخارجية للسعودية، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارتي التربية والتعليم والشؤون الخارجية في البلدين، ستزداد بموجبها الزيارات المتبادلة للمسؤولين التربويين والمجموعات الطلابية في البلدين، وسيكون تعليم اللغة العربية للمهتمين بأفغانستان في بؤرة الاهتمام ودائرة الضوء.
وأضافت وزارة الخارجية الأفغانية: "كما شكر حنيف أتمر السعودية على مساعدتها في مجال التعليم والتربية وإعطائها منحاً دراسيةً للطلاب الأفغان علی مستوی البكالوريوس والماجستير".
کذلك، دعا وزير الخارجية الأفغاني خلال هذا الاجتماع إلى توسيع نطاق التعاون وتقديم المساعدة السعودية في مجال التعليم الفني، للطلاب الأفغان في المجالات العلمية والتقنية.
بدوره قال وزير التعليم السعودي أيضًا إنه سيساعد أفغانستان في مجالات تدريب المعلمين وتطوير المناهج، باستخدام النماذج والخبرات السعودية الحالية.
مخاوف من عودة السعودية
مع ذلك، واجه التعاون السعودي مع أفغانستان في مجال التعليم مخاوف واسعة النطاق على المستوى المحلي الأفغاني، ووصف الكثيرون دخول السعودية إلى المجال التعليمي بأفغانستان بأنه تعاون تعليمي خطير.
وقد أثيرت هذه المخاوف من قبل نظام التعليم الأفغاني، ولا سيما بالنظر إلى خلفية تعاليم السلفية والأصولية في السعودية، ويعتقد العديد أنه على الرغم من أن قادة الرياض سيدخلون أفغانستان في شكل مساعدات لمشاريع البناء والتشييد والمدارس، إلا أن أهدافهم لا تقتصر على مستوى أنشطة البناء والتشييد، بل تتجاوز هذه الإجراءات نحو تعزيز تعاليم السلفية والوهابية في نظام التعليم بأفغانستان.
ويمكن العثور على أمثلة للمساعدات السعودية لمجال التعليم، في المدارس والمؤسسات التعليمية التابعة لها والتي بنيت في باكستان، ومن الواضح أن المدارس التابعة للسعودية في باكستان تروِّج فعليًا للسلفية الوهابية، في شكل برامج وتعاليم دينية.
وقد أدى ترويج السعودية للسلفية والأصولية الفكرية في باكستان على مدى العقود الأربعة الماضية، إلى تشكيل مجموعة تعرف اليوم باسم "طالبان"، الذين يخوضون حربًا مباشرةً مع الحكومة المركزية في كابول، وهناك قلق من أن السعودية ستروِّج في برامجها التعليمية الأصولية والسلفية للجيل القادم في أفغانستان.
ومثل هذه الأوضاع أثارت الكثير من الشكوك والمخاوف بشأن اتفاق وزارة الخارجية الأفغانية مع وزارة التعليم السعودية، وقد دعا الكثيرون في الفضاء الإلكتروني في أفغانستان الرياض إلى عدم دخول قطاع التعليم بأفغانستان.
الاتفاق مع السعودية بالتزامن مع المفاوضات مع طالبان
ما يبدو لافتاً في الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأفغاني إلى السعودية وبعض الاتفاقات في مجال التعليم، هو تزامن ذلك مع المحادثات بين حكومة كابول وطالبان في الدوحة بقطر.
وکما يری البعض، ربما تتوقع حكومة أشرف غني أنه إذا نجحت المفاوضات مع طالبان ودخلت هذه الحرکة ساحة القوة الداخلية في أفغانستان، ستكون دول مثل السعودية وباكستان أقرب الحلفاء الأجانب لطالبان، ولهذا السبب وضعت التقارب مع الرياض على جدول أعمالها من الآن.
من ناحية أخرى، قد تكون محادثات كابول مع الرياض بمثابة ضوء أخضر لطالبان، الذين يجرون محادثات مع المسؤولين الحكوميين وفريق التفاوض، وحكومة كابول من خلال المفاوضات مع السعودية ستعطي الضوء الأخضر لقادة طالبان، أنه في حال المشاركة في عملية السلطة، ستتم متابعة إقامة علاقات وثيقة مع دول مثل السعودية أيضاً.
بالطبع، حكومة أشرف غني ومن خلال إصدار الرخصة لإقامة بعض فصول المدارس الابتدائية في المساجد، قد منحت الضوء الأخضر لطالبان للعودة إلى وضعها النسبي، والآن تريد هذه الحكومة عبر الاتفاق مع السعودية في مجال التعليم، إظهار عزمها على إنجاح المحادثات مع طالبان.
ولکن على الرغم من هذه الإجراءات، يعتقد الكثيرون أن دخول الرياض سيثير الحساسيات في المجتمع الداخلي بأفغانستان، من حيث أنه سيبرز مرةً أخرى الانقسامات الدينية والعرقية في هذا البلد متعدد الأعراق والفسيفسائي.
في الواقع، أظهر قادة الرياض أنهم لا يتبعون أبدًا نهجًا شاملاً في العالم الإسلامي، وسيكون دخولهم إلى دول مختلفة مصحوباً بدعم خاص لبعض الجماعات الدينية والعرقية، وفي ظل هذه الظروف سيكون احتمال دخول السعوديين إلی أفغانستان مصدر قلق كبير لشيعة الهزارة، الذين كانوا دائمًا ينتقدون التمييز والحرمان الهيكلي في المؤسسات السياسية في هذا البلد على مر السنين.