الوقت- عندما وقعت الامارات اتفاق التطبيع مع العدو الاسرائيلي، كانت تعلم جيداً انها تنحاز للاسرائيليين على حساب الفلسطينيين من خلال هذا الاتفاق، فالاتفاق حصل حتى تنفيذ اي بند من بنود مبادرة السلام العربية، وللتغطية على فعلته الامارات قالت بإن قرارها ساهم في منع ضم "اسرائيل" للضفة الغربية، ولكن لم يمضِ سوى شهرين ليسقط قناع ابو ظبي وقبل ذلك أيضاً قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان الضم سيتم ايقافه مؤقتاً، والأصعب من هذا أن الامارات وأموالها تساهم اليوم في إعادة فتح الباب أمام الضم من خلال أموالها التي تستخدم في زيادة المستوطنات بسرعة كبيرة، وهذا أمر غير قانوني وفق القوانين الدولية، وبالتالي الامارات تدعم النظام العسكري للاحتلال.
حركة حماس انتقدت ما تقوم به الامارات وقالت إن دولة الإمارات باتت "تنخرط جنباً إلى جنب مع الاحتلال (الإسرائيلي) ضد الحقوق الفلسطينية"، جاء ذلك في تغريدة لسامي أبو زهري، المتحدث باسم الحركة، نشرها على حسابه بموقع "تويتر".
وقال أبو زهري: "التصريحات التي تصدر خلال زيارات بعض المسؤولين الإماراتيين للاحتلال تجاوزت الحدود، وهي تؤكد الانخراط الإماراتي إلى جانب الاحتلال ضد الحقوق الفلسطينية، ومصالح شعوب المنطقة". وتابع بأن هذا السلوك "يعكس الدعم الإماراتي اللا محدود للاستيطان والاحتلال".
أشكال الدعم
الامارات تخالف القوانين الدولية كرمة لعيني اسرائيل، حتى حلفاء اسرائيل الأوروبيين لم يفعلوا ما تفعله الامارات وكذلك البحرين، فالامارات تعتزم، استيراد النبيذ من "ايتمار"، وزيت الزيتون من "براخا"، والعسل من "حرميش"، أما الطحينة فمن جبل "جرزيم"، وجميعها مستوطنات إسرائيلية غير شرعية مقامة على أراضي الفلسطينيين.
الامارات تلتقط الصور وتفاخر بهذه الاتفاقيات التجارية، وهي تعلم أن ما تقوم به غير قانوني، ومع ذلك ليس لديها أي مشكلة، حتى انها تشتري نبيذاً اسرائيلياً، يستخدم العنب المزروع في الجولان، وهي منطقة كبيرة من الأراضي السورية احتلتها "إسرائيل" في عام 1967 وضمتها بشكل غير قانوني في عام 1981، بدأت في التصدير إلى الإمارات، التي حررت قوانينها الخاصة بالكحول لغير المواطنين.
رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، يوسي داغان، تفاخر بهذا الأمر عبر صفحته على فيسبوك، الخميس الماضي الموافق 10 كانون الأول الجاري، وقال داغان: "منتجات (مستوطنات) السامرة (شومرون بالعبرية وهو الاسم اليهودي لمنطقة شمال الضفة الغربية) ستباع بكميات كبيرة في بلد مسلم".
زياد عدد المستوطنات
لم يتضح على الفور قيمة الاتفاقيات التي تم توقيعها أو الأرباح التي ستدرها على المستوطنات، لكن رئيس مجلس المستوطنات، داغان، قال في تدوينته إن الأرباح ستسهم في زيادة أعداد المستوطنين وتوسيع المستوطنات.
وكتب داغان: "المجلس الإقليمي في السامرة، هو أول سلطة بلدية في الدولة، تنجح في التوصل إلى اتفاقيات مع شركات من الإمارات". وأضاف: "هذا جزء مهم من المسار الاستراتيجي لتمكين السامرة – في عدد السكان والبنية التحتية والثقافة".
يقدر عدد الشركات والمصانع الاستيطانية بنحو ألف شركة، تعمل في 16 إلى 20 منطقة صناعية بالضفة، وتمتد على نحو مئة ألف دونم من أراضي المستوطنات الزراعية التي صودرت من الفلسطينيين.
ويشكل اقتصاد المستوطنات نحو 30% من الناتج القومي الإسرائيلي، حيث تشير التقديرات الإسرائيلية التي تعتمد على توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج القومي للعام 2020 سيبلغ نحو 383 مليار دولار على أن تحتل إسرائيل المرتبة 29 عالميا.
وأقامت إسرائيل بقرارات من الحكومات المتعاقبة أكثر من 132 مستوطنة ممتدة على قرابة 800 ألف دونم صودرت من الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، حيث يقطنها قرابة 450 ألف مستوطن، إضافة إلى مئة بؤرة استيطانية غير شرعية من وجهة النظر الإسرائيلية، دأب على إقامتها المجلس الإقليمي للمستوطنات خلافا لقرارات الحكومة التي تسعى لشرعنة وتبيض 90% من هذه البؤر الاستيطانية بموجب قانون "تبيض المستوطنات" الذي أقره الكنيست في شباط 2017.
اتفاقيات غير شرعية
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قد دعا الشركات العالمية إلى عدم التعاون مع منظومة المستوطنات بعد وضع قائمة بأسماء 112 شركة عالمية على "القائمة السوداء" لتعاملها مع منظومة المستوطنات. وصدرت القائمة في آذار الماضي، قبل توقيع الحكومة ومؤسسات إماراتية عشرات الاتفاقيات مع شركات تتبع لمنظومة المستوطنات.
وتؤكد قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة هي غير شرعية وغير قانونية، وجريمة حرب. وباستثناء الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات، ترفض كل دول العالم اعتبار منتجات المستوطنات، بضائع إسرائيلية، ولكن الامارات تفعلها بصدر رحب.
وكان الاتحاد الأوربي، الذي يرفض الاستيطان، قد قرر في العام 2015، وسم منتجات المستوطنات، بهدف تمييزها للمستهلكين، وهو ما أثار غضب إسرائيل.
ويأتي ضخ الأموال الإماراتية في اقتصاد المستوطنات، في وقت يكبد فيه الاستيطان السوق الفلسطيني خسائر بنحو 3.4 مليارات دولار سنويا نتيجة منع سلطات الاحتلال وصول الفلسطينيين إلى الأراضي واستعمالها والاستثمار في المناطق المسماه "ج"، وفق تقرير لوزارة الاقتصاد الوطني في السلطة الفلسطينية.
البحرين كذلك ليست أقل تواطئ مع العدو الاسرائيلي، حيث أظهرت البحرين هذا الشهر مدى عدم اكتراثها بالتأثيرات السلبية على الفلسطينيين. ففي زيارة إلى "إسرائيل"، قال وزير التجارة البحريني زايد بن راشد الزياني إن البحرين منفتحة على استيراد المنتجات من "إسرائيل" أينما صنعت. وقال: "ليس لدينا مشكلة في وضع العلامات أو الأصل". وأشار التعليق إلى أن المنامة مستعدة لأن تصبح بوابة لـ"إسرائيل" لتصدير منتجات المستوطنات إلى بقية العالم العربي، مما يساعد على تعزيز شرعية المستوطنات والجدوى الاقتصادية. وعندها ستكون سياسة البحرين التجارية مع "إسرائيل" أكثر تساهلاً من سياسة الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأكبر لـ"إسرائيل"، حيث توصي إرشادات الاتحاد الأوروبي الضعيفة بوضع ملصقات على منتجات المستوطنات.