الوقت – منذ أنّ استقرّ لهم الأمر في المنطقة الشرقيّة؛ عملت قوّات التحالف الدولي ومن خلفها عصابات جبال قنديل المُسمّاة قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، حيث ظنّوا أنهم يستطيعون تنفيذ الحكم الذي يرغبون به؛ مُتناسين أن أغلبية سُكّان المنطقة هم البدو الذين يرفضون النوم على ضيم؛ وعلى هذا الأساس بدأت المُناوشات بين قبائل الشرق السوري وعصابات قنديل، حيث رفض السكان المحليون المنهج الذي اختارته قسد لإدارة المنطقة، أو ما بات يُعرف بمنطقة الحكم الذاتي شرق سوريا، وما رافقه من محاولات للتغيير الديموغرافي، وزاد من هذا التوتر بين القبائل العربية وقيادات قسد عمليات الاغتيال المُمنهجة لشيوخ القبائل، التي حاولت قسد التنصّل منها، ودفعت قيادة القوّات الأمريكية إلى إدانة هذه العمليات، غير أنّ قبيلة العقيدات وعلى سبيل المثال رفضت هذه الشكليّات وبدأت بتجهيز جيش لقتال القوّات الأمريكية الداعمة لعصابات العمال الكردستاني، وتبعه تشكيل مجلس سياسي قدّم عدّة مطالب لقوّات التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، وإلّا..
ماذا يُريد العقيدات؟
ما أن انتهى الاجتماع الذي تداعى له شيوخ ووجهاء قبيلة العقيدات حتى خرج للعلن بيان يُمكن وصفه بشديد اللهجة، ورُبما من الأصح تسميته بـ (البيان رقم واحد)، حيث طالبت القبيلة ومن خلفها بقيّة القبائل العربية شرقي الفرات بتسليم إدارة مناطق دير الزور لأصحابها بعد تسلط عصابات قنديل عليها، ومن جهةٍ أخرى أن يأخذ المكون العربي دوره بالكامل في إدارة مناطق شرقي الفرات، وخصوصاً أنّ قيادات هذا المُكوّن يتمتّعون بالكفاءة والنزاهة والخبرة، مُطالبين بأن تتم إدارة هذه المنطقة بعيدا عن أي وصاية حزبية أو ترجيحٍ لعرقٍ على آخر، خصوصاً وأنّ العرب في محافظات دير الزور والرّقة والحسكة يُشكّلون أكثر من 60 بالمئة من نسبة السّكان، وهذا تماماً بعكس ما تُروِّج له عصابات العُمال الكردستاني.
أكثر من ذلك؛ حمّل أبناء قبيلة العقيدات الموجودون في الشرق السوري التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا المسؤولية كاملة عن الفلتان الأمني الحاصل في المنطقة، والذي انتشر منذ إحكام قسد سيطرتها على المنطقة، وكان نتيجة هذا الفلتان عمليات الاغتيال المُنظّمة التي نفّذتها العصابات العابرة للحدود والمُسمّاة بقسد.
ولتبيان الحقيقة لم ترضَ العقيدات بأقلِّ تشكيل لجنة تحقيق "مستقلة" و"مهنية" للتحقيق في قضية اغتيال الشيخ مطشر حمود الهفل، ومحاولة اغتيال الشيخ إبراهيم خليل عبود الجدعان الهفل، حيث أمهلت القبيلة التحالف الدولي شهراً واحداً من تاريخ إصدارها لهذا البيان، وإلّا فإنّها ستبدأ بحرب تحريرٍ شعبيّة لتطهير المنطقة من العصابات الموجودة هناك والتي تُدار بالروموت كونترول من جبال قنديل.
الحشد عشائري
طبقاً للنموذج العراقي؛ وكيف استطاع الحشد الشعبي هناك تحرير البلاد من عصابات داعش البربرية، تداعى أبناء القبائل السورية وبعد حادثة اغتيال مشايخ العقيدات وخصوصاً أولئك القاطنين على طرفي الفرات كالبقارة والعقيدات والجبور للبدء بمشاورات لتشكيل "الحشد العشائري السوري" لإعادة الاستقرار في المنطقة وطرد عصابات قنديل وقوّات الاحتلال الأمريكي منها، خصوصاً بعد أن بدأت قبيلة العقيدات بتشكيل "جيش العقيدات" الذي سيعمل بالتنسيق مع الجيش السوري، وهو الأمر الذي شكّل دافعاً كبيراً لإطلاق الحشد العشائري السوري.
الشيخ نوّاف البشير الذي تصدّر المشهد القبائلي للوقوف بوجه الاحتلال الأمريكي وقوّات قسد الإرهابية أكّد أنّ تشكيل "الحشد العشائري السوري" ويضم قوات عسكرية وهيئة سياسية للقبائل شرقي نهر الفرات سيكون بالتعاون والتنسيق مع الحكومة السوريّة والجيش السوري، والهدف من هذا التشكيل إدارة شؤون المنطقة ريثما تدخل مؤسسات الحكومة السورية وترفع العلم السوري، مُطالباً في الوقت ذاته الحكومة السورية بضرورة تقديم الدعم المباشر لقوات القبائل بالعتاد والسلاح للبدء بحرب تحرير شعبية لمنطقة شرقي الفرات.
وفي النهاية؛ بات المثل الشعبي يداك أوكتا وفوك نفخ ينطبق على الاحتلال الأمريكي، فهو من جلب لنفسه وبغباءٍ شديد هذه المشكلات من خلال دعمه لمجموعة من المُجرمين الهاربين والقتلة المأجورين، والذي نتج عن رعونتهم اغتيال عدد من مشايخ القبائل العربية التي اجتمعت منذ أيامٍ قليلة لِتُعلن عن تأسيس "جيش العقيدات"، الذي يهدف إلى إطلاق المقاومة الشعبية ضد القوات الأمريكية وأعوانها في منطقة شرق الفرات، ليُحرِّك هذا الإعلان الحميّة والغيرة لدى كلّ أبناء القبائل في المنطقة التي من المُتوقّع أن تشهد حرباً ضروساً في الأيام المُقبلة لطرد قوّات الاحتلال الأمريكي وعملائها في الشرق السوري، الأمر الذي سيقلب الطاولة على الأمريكيين الذي يُريدون البقاء لاستغلال منابع النفط والغاز الموجودة في المنطقة.