الوقت – هو سِرٌّ، ولكن بات يعرفه الجميع، "الكيان الإسرائيلي إلى زوال" وآخر من رضخ لهذه الحقيقة وتحدّث بها هو وزير الدفاع في الكيان الإسرائيلي السابق "أفيغدور ليبرمان" ليؤكّد أنّ إيران وحزب الله اللبناني يدفعان بـ "إسرائيل" إلى حافة الهاوية، مُتحدّثاً عن القفزة التكنولوجية والعسكرية التي شهدتها إيران والتي ليس أقلّها إطلاق قمر صناعي للتجسس ووضعه في المدار، وهو ما ينعكس على القوّة العسكرية لحزب الله اللبناني، التي تقف للكيان الإسرائيلي في المرصاد وهو ما أكّده ليبرمان أيضاً بقوله إنّ حزب الله قام ببناء مصنع صواريخ دقيق بعد اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، وحسب تقديرات الرّجل الخبير في سياسة الكيان فإنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يمتلك أيّ خطط لمواجهة إيران أو حزب الله.
توازن القوّة
من المعروف أنّ قوّات حزب الله مدرّبة كجيش ومجهّزة كدولة، وينطبق هذا المقياس على صواريخ والقوات التي يمتلكها حزب الله، حيث تتكّون حزب الله من صواريخ تفوق مئات الآلاف ناهيك عن الصواريخ المحمولة على الكتف، وعلى هذا الأساس فإنّ العدد الكبير لهذه الصواريخ يجعلها أسلحة رعب فعّالة في مواجهة الكيان الإسرائيلي، وبحسب ما صرّح به الكيان فقد أطلق حزب الله حوالي 15 ألف صاروخ خلال حرب تموز عام 2006 على الكيان الإسرائيلي وذلك خلال الحرب التي دارت 34 يوماً، وقد وسّع حزب الله منذ ذلك الحين ترسانته الصاروخية التي تقّدر اليوم بمئات آلاف الصواريخ.
أكثر من ذلك.. يخشى الكيان الإسرائيلي من أنّ أيّ مواجهةٍ مقبلة مع حزب الله؛ فإنّه يستطيع توجيه وابل من الصواريخ، وبغضّ النظر عن دقّتها التي باتت مُركّزة للغاية، فيمكنها إشعال حرائق كبيرة في مستوطنات الكيان الإسرائيلي ابتداءً من الجليل ووصولاً إلى تل أبيب، ولن يكون بمقدور القوّة الجوّية للكيان الإسرائيلي إطفاء هذه الحرائق لتأمين التغطية الجويّة للقوّات البريّة، وهذا بدوره سيجبر الكيان الإسرائيلي على الاعتماد وبشكل أكبر على القوات البرية في أيِّ صراعٍ مُستقبلي، وفي حال دخول قوّات الكيان البرية أرض المعركة، -وهو ما يفضله حزب الله- بسبب تفّوّقه في الحروب البرّية فهو يُقاتل على أرضه، وهنا ستنقلب الطاولة على الكيان الإسرائيلي ولن يكون بإمكانه حتى إحصاء أعداد ضحاياه.
أما القوّة الجويّة التي يفتخر بها الكيان؛ فستكون ومع انطلاق شرارة أيّ حربٍ بين الطرفين فستكون مراكز القوة الجوية ذات الحجم الكبير والانتشار الواسع على الأرض وشُمولها على مخازن أسلحة ومراكز قيادة لتلك القوّة، فستكون هذه المطارات ومراكز السيطرة ونظراً لكبر حجمها هدفاً ثابتاً وسهلاً ومن الصعب أن تخطئه صواريخ حزب الله الدقيقة أصلاً، الأمر الذي سيُجبر الكيان على خوض حرب بريّة يُريدها حزب الله كما ذكرنا.
لماذا الآن؟
يبقى السؤال الأكثر أهميّة هو لماذا الآن باتت تخرج هكذا أحاديث وتصريحات من ساسة الكيان كأفيغدور ليبرمان وعوزي روبين، والجواب يبدو واضحاً للغاية وهو التطور السريع والكبير لقوة حزب الله، حيث عمل خبراء حزب الله مع نظرائهم في حركة أنصار الله اليمنيّة على تطوير صواريخ دقيقة وطائرات من دون طيّار يمكنها ضرب عمق الكيان الإسرائيلي، وهو ما شهدناه خلال العدوان السعودي على اليمن، حيث لم تتمكّن صواريخ باتريوت الأمريكية المُنتشرة في السعودية من حماية منشآت النفط والمراكز الحيوية والعسكرية في المملكة.
وفي الكيان الإسرائيلي، الوضع ليس ببعيد عنه في مملكة آل سعود، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حزب الله ستمكنه من إصابة النقاط والمنشآتٍ الحيوية في أنحاء الكيان الإسرائيلي، ومع هذا التطور في القدرات الاستراتيجية لحزب الله، والنمو المستمر لقوات وإمكانيّات حزب الله الصاروخية هو أمرٌ غير مرغوب به في الكيان الإسرائيلي للأسباب التي ذُكرت أعلاه، كما أنّ تطوّر قدرات حزب الله من شأنه أن يرسم قواعد جديدة للصراع مع الكيان الإسرائيلي من شأنها إنهاء هذا الكيان، وإلى الأبد.
وفي النهاية؛ يمكن القول أنّ ليبرمان يُحاول جاهداً وضع إيران موضع الاتهام من خلال مواصلتها سياسة دعم حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، ربّما لا يعلم ليبرمان أن ما يُحاول اتهام إيران به هو مبعثُ فخرٍ لها، وأنّها منذ انتصار ثورتها الإسلامية أخذت على عاتقها دعم حركات المقاومة الشرعيّة على الرغم من الضغوط التي مُورست عليها، وقد ظهرت نتائج هذا الدعم من خلال تطوّر وتقدّم حركات المقاومة وتهديدها وجود الكيان الإسرائيلي برمّته كما ذكرنا أنفاً.