الوقت- بعد فترة وجيزة تنتهي "عقيدة إيزنكوت" التي قدّمها رئيس الأركان السابق غادي إيزنكوت. رئيس الأركان الحالي الجنرال أفيف كوخافي قدم خطته الجديدة "تنوفا"، أي الزخم، التي ترسم خريطة عمل الجيش الإسرائيلي خلال السنوات 2020-2024.
الرؤية الجديد التي تعبّر عن رؤية كوخافي للسنوات القادمة، وتعتبر بمثابة خريطة طريق للجيش التي بموجبها يُعدّ قواته للتحديات القادمة، أثارت توتّرات داخل الجيش الإسرائيلي بسبب القرارات التي تضمّنت تغييرات كبيرة في هيكلية الجيش الإسرائيلي.
تضمّنت قرارت كوخافي التي غيّرت وجه هيئة الأركان العامة، فصل شعبة التخطيط إلى شعبتين منفصلتين، فضلاً عن كونها تنزع صلاحيات من ضباط كبار، وقد أُطلق على إحدى الشعبتين اسم شعبة بناء قوة متعددة الأذرع، وعلى الثانية اسم الشعبة الاستراتيجية وإيران، كذلك تقرر نقل المسؤولية عن "قيادة العمق" إلى قائد الكليات العسكرية. ومن بين قرارت كوخافي، تعيين ضابط برتبة لواء قائداً لشعبة بناء القوة المتعددة الأذرع، تكون مهمته تسريع إجراءات وتمكين العلاقات بين الأذرع والشُعب المختلفة.
وكشفت خطة "تنوفا" عن تأسيس فرقة جديدة، وإغلاق لواء دبابات، وشراء 150 دبابة، وإنشاء سربين من الطائرات الحربية إضافية حتى نهاية العقد الحالي، إضافة إلى شراء منظومات دفاعية جوية وصواريخ محمولة؛ ما يدلل على رغبة الاحتلال في تدعيم قوته الميدانية.
أبعاد ودلالات
يبدو واضحاً أن خطة تنوفا تتلاقى مع صفقة القرن على الصعيد السياسي، فقد أجرى كوخافي تعديلات على رؤية "آيزنكوت" الذي خلفه في المهمة، ففي حين هدف ايزنكوت إلى ابعاد الجيش عن التعرض للخسائر، يسعى كوخافي لإجراءات عسكرية تخدم صفقة القرن من جهة، ومواجهة قدرات إيران الضخمة الاستراتيجية من جهة أخرى. وهنا نشير إلى التالي:
أولاً: أوضح رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال أفيف كوخافي، "تطبيق خطة تنوفا متعددة السنوات سيمكن الجيش من تعزيز قدرات جيش الدفاع الفتاكة وستمكن من خلق الظروف لتقصير مدى الحرب. لا وقت لدينا للانتظار - لذلك، ورغم التعقيدات، ستنطلق الخطة متعددة السنوات". في حين أعرب عن تأييده لهذه الخطة لكنه طلب العمل على تطوير القدرات الهجومية أكثر، أبدى وزير الدفاع نفتالي بينيت دعمه التام لها واعتبرها صحيحة وملائمة.
ثانياً: رغم تأييد كل من كوخافي نتنياهو وبينيت،تبقى العقبة الرئيسة أمام الحكومة والجيش هي الميزانيات التي يجب تخصيصها أثناء التنفيذ. إن الوضع السياسي غير المستقر في البلاد من جهة والفشل في تشكيل حكومة بعد جولتين انتخابيتين من جهة أخرى قد عقّدت من مهمّة كوخافي، وقد برز هذا الأمر جليّاً عندما طالبت وزارة المالية أن يتم تقليص ميزانيات الوزارات المتخلفة بسبب العجر المالي بمبلغ إجمالي يصل إلى ما يقارب المليار وخمسمئة مليون دولار.
ثالثاً: يشير المحلل العسكري في موقع "واللا"، أمير بوحبوط، إلى أن بناء القوة المتعددة الأذرع تعد مهمة معقدة، لأن اللواء الأرفع، بعد رئيس أركان الجيش، هو نائبه، المسؤول عن بناء القوة في الجيش الإسرائيلي كله. وعندما يتم تعيين لواء لا يخضع له مباشرة ويعمل في مجال بناء القوة، فإنه سينخر بشكل أوتوماتيكي بالصلاحيات والمسؤوليات، سواء تعمّدوا ذلك أم لا". ونقل بخبوط عن "ضابط كبير جدا" في قوات الاحتياط، اطلع على تفاصيل قرارات كوخافي، قوله إنه "كان يريد أن يكون ذبابة على الحائط" في الغرفة التي يُبحث فيها تقاسم المسؤوليات والصلاحيات بين اللواء الذي سيرأس الشعبة الجديدة،، نائب رئيس أركان الجيش أو قائد سلاح الجو.
رابعاً: هناك خلافات في قيادة الجيش الإسرائيلي حول تشكيل شعبة الاستراتيجية وإيران. هناك ضباط في الخدمة والاحتياط عبروا عن استغرابهم من إضافة إيران إلى مسؤولية هذه الشعبة، فهل تتحوّل القضيّة الإيرانيّة إلى مجرد دائرة داخل الشعبة، أحد المصادر يتسأل في معرض إشارته إلى تغيير التهديدات في الشرق الأوسط: "إذا تم التوقيع غدا على اتفاق أو جرى تغيير استراتيجي كيف ستُسمى الشعبة، ’استراتيجية وسورية’؟". في حين يقول المحلل السياسي، أمنون أبراموفيتش، في القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ، تعقيباً على خطة تنوفا:إنّ الجيش الإسرائيليّ ليس قادرًا على احتلال قطاع غزّة الصغير جغرافيًا، فكيف سيقوم بمُحاربة إيران، وهي دولة إقليميّة شاسعة جغرافيًا ويصِل عدد سُكّانها إلى أكثر من ثمانين مليون مواطنٍ ومُتسلحّة بأدّق الصواريخ الباليستيّة والأخرى؟.
خامساً: إن إلغاء منصب قائد "قيادة العمق"، التي يتولى قيادتها ضابط برتبة لواء سيجعل العلاقات متوتّرة في هيئة الأركان، فضلاً عن كونه يعقّد مسألة التنسيق بين قوى الجيش. هناك أمور أخرى ترتبط بموقف كل من الموساد، الدائرة السياسية – الأمنية في وزارة الأمن و مجلس الأمن القومي من تعزيز القوة الإستراتيجية للجيش حيث سيكون هناك من تداخل صلاحيات ومسؤوليات بين الاجهزة المختلفة، فهل سيشعل هذا الأمر صراعاً صامتاً بين الأجهزة الإسرائيلية.