مشروع برهم صالح... نبض القوى السياسية المعارضة والشارع الكردي وموقف حزب برزاني
يتمسك مسعود برزاني بشدة بولاية رابعة وهو ما يعد خلافاً لنصوص القانون من جهة وضربا بعرض الحائط للمحاولات والمساعي المبذولة دوليا واقليميا وداخليا لحل الأزمة، داخليا طرح برهم صالح مشروعا لحل الأزمة بما مختصره بقاء مسعود برزاني في منصبه لعامين إضافيين حال اصراره على أن يتم اعادة النظر في قانون رئاسة الإقليم والدستور وتثبيت النظام البرلماني الديمقراطي، كذلك وتعديل سلطات وآليات انتخاب رئيس الإقليم داخل البرلمان، كما ومنح السلطات الكاملة لوزيري البشمركة والداخلية لتوحيد البشمركة والمؤسسات الأمنية، والعمل على تشكيل مجلس خاص بالمرحلة الإنتقالية الحالية ويتكون من رئيس الإقليم ورئيس الحكومة وممثلي الأطراف السياسية المشاركة في حكومة الإقليم للبحث خلال العامين المقبليين لحين اجراء انتخابات في العام 2017 على اقرار الهيكلية السياسية المتبعة للمراحل القادمة.
في مقابل ذلك يظهر برزاني رفضه الحلول المقترحة ايّاً كانت ويصر على تمسكه وحزبه بولاية رابعة، فهو لجأ في خطابه الأخير الذي وصف بشديد اللهجة إلى وصف الحلول المقترحة بأنها محاولة لشق الصف الكردي وفرض الإرادة وبالتالي محاولة للإنقلاب. وقد لوح في خطابه الأخير بإجراء انتخابات مبكرة حال لم يعاد انتخابه رئيسا، فيما توجه الإنتقادات لبرزاني بهذا الشأن معتبرة أن تلويحه بالانتخابات يأتي للإبتزاز السياسي وذلك لإعتبارات عديدة ابرزها تلك المتعلقة بعدم وجود امكانية إجراء انتخابات وهو ما يعلمه برزاني نفسه، فمفوضية الإنتخابات الخاصة بالإقليم الكردستاني العراقي تشكلت ولم تهيئ بعد الكادر الوظيفي اللازم ولا تملك مقرا لها، فهي تحتاج إلى ما يقارب الـ6 أشهر للإعداد قبل تنظيم أي انتخابات.
تحديات تظهر عمق الإختلافات وفقدان الرؤية الواضحة
قد تبدو الأزمة الرئاسية في ظاهرها تصارع بين القوى السياسية على منصب الرئاسة إلا أنها في حقيقة الأمر تكشف عن عمق الإختلافات بين القوى الكردية الفاعلة من جهة والتباعد والشرخ بين الطبقة السياسية والطبقة الشعبية من جهة اخرى، هذا إلى ما قد تجره الأزمة الرئاسية وتولده من أزمات، وفي تسجيل لأهم ما تعكسه الأزمة الرئاسية من أزمات نعرض النقاط التالية:
1- الأزمة الرئاسية الكردية كشفت بوضوح عن عمق الإختلافات بين القوى الكردية حول طبيعة وآلية إدارة الأمور والمنهجية السياسية اللازم اتباعها، خاصة فيما تعلق مؤخرا بموقف حزب برزاني بخصوص التدخل التركي الأخير ضد حزب العمال الكردستاني، فقد ظهر واضحا الإختلاف حول الموقف من هذه الضربات والتي اعتبرها جزء من الأكراد اعتداءً على السيادة العراقية فيما ادانها اخرون بفتور وسكت عنها آخرون وذهب بعضهم الاخر للقول بضرورة حل المسألة دون إدانة الطرف التركي وهو اعتبر تغطية على اعمال القصف التي قامت بها طائرات تركية بحق مواطنين أكراد.
2- ضعف الدستور او عدم وجود آلية تضمن سير تطبيقه، فهو يحتاج إلى قوانين شفافة ومحددة وواضحة من جهة، ويتطلب وضع أسس يقوم عليها ضمن استراتيجيات معينة، كما ويظهر ضعف الثقافة القانونية لدى الأطراف السياسية الكردية والتي ظهر مؤشرها من خلال الرفض لانتقال طبيعي للسلطة وبالتالي عكس انخفاض مؤشر التسامح والديمقراطية بين القيادات الكردية.
3- كشف الصراع على السلطة عدم جدية الشعارات التي كانت ترفعها بعض القيادات الكردية من رغبة في الإنفصال، وقد تجسد ذلك ايضا بوضوح من خلال الموقف اتجاه الإعتداءات التركية التي اظهرت روحية العمل لدى البعض والقائمة على تغليب المصالح الإقتصادية والتجارية المشتركة مع تركيا وغيرها على حساب فئات سياسية كردية اخرى، وهذا ما يعد مؤشرا قويا على ضعف مقومات الإنفصال الكردي عن واقعهم الجغرافي والبيئي الحاضن.
اللعب على حبل العواطف
إذن الحديث عن الإنفصال عن البيئة الجغرافية والطبيعية الحاضنة ما هو إلا لعب على حبل العواطف بهدف تحقيق بعض المكاسب السياسية وما يرافقها من مكاسب تجارية وإقتصادية، ولطالما وجهت بعض القوى السياسية الكردية وخاصة مسعود برزاني إلى الحكومة المركزية في بغداد تهماً متعلقة بالاستبدادية وغير الديمقراطية وغير العادلة في إدارة البلاد، فيما الواقع يشير إلى خلاف ذلك، فالإنتخابات على كافة الأراضي العراقية تأخذ مجراها وفق الدستور العراقي وفي موعدها المحدد دون اي اعتراض، والإصلاحات الأخيرة التي اتخذها مجلس الوزراء العراقي دليل حي على العملية السياسية الحية والفاعلة التي تطال بخيراتها كافة الأراضي العراقية، بخلاف المنهجية المتبعة من قبل حزب برزاني. هذا الوضع في اقليم كردستان العراق والناتج عن التعلق الشديد لبعض القادة السياسين بالسلطة يطرح اسئلة كثيرة وكبيرة مفادها إلى أين سيتجه المناخ السياسي والعملية الديمقراطية داخل الإقليم في المستقبل ؟