الوقت- في حين لم يتبقى سوى يومين آخرين (يوم الاثنين) على إستفتاء استقلال إقليم كردستان العراق، أجرى الأكراد السوريون في شمال البلد، يوم أمس الجمعة، المرحلة الأولى من انتخاباتهم الثلاثية المراحل في المناطق التي هي تحت سيطرهم وذلك بعد نحو عام ونصف العام من إعلان نظام فدرالي هناك.
وفي المرحلة الأولى من الانتخابات، يتم اختيار اللجان المحلية لكل منطقة حضرية وريفية (الكومنتات) لاختيار 3682 كوميناً من أصل 12085 مرشحا، في أولى انتخابات تجريها الفدرالية الديمقراطية لشمال سوريا لانتخاب رئاسات أصغر وحدة اجتماعية وهى الكومينات التي تعتبر النواة الأساسية للنظام الفدرالي وذلك لإدارة ثلاثة أقاليم و6 مقاطعات فى سوريا.
ومن المقرر عقد المرحلة الثانية في 12 تشرين الثاني / نوفمبر لاختيار المجالس المحلية للمناطق والأقضية الخاضعة لسيطرة المناطق الكردية الثلاث في سوريا، وأخيرا في 29 ديسمبر / كانون الأول، سيتم انتخاب "بيت الأمة الديمقراطية" لكل من المناطق الثلاث، وفي اليوم نفسه سيتم إنتخاب " مؤتمر الشعوب الديموقراطي " الذي سيكون بمثابة برلمان الأكراد العام وعلى رأس مهماته تشريع القوانين ورسم السياسة العامة للنظام الفدرالي.
وتقتصر الانتخابات على الأحزاب المنضوية تحت راية الإدارة الذاتية، في حين يمتنع معظم أنصار المجلس الوطني الكردي عن التصويت.
وقد أعلن الأكراد السوريون (روج آفا) أي "غرب كردستان"، عن النظام الفيدرالي، في الربيع الماضي في مناطق سيطرتهم، وقسموها إلى ثلاثة أقاليم هي الجزيرة والفرات وعفرين.
وعلى الرغم من أن الأكراد السوريين حددوا هدفهم و هو تأسيس فيدرالية ضمن إطار سوريا، إلا أن تزامنها مع تحركات نظرائهم الشرقيين، اي أكراد العراق، الذين يسعون إلى إجراء استفتاء لإستقلالهم عن العراق، يُعطي رسالة خطيرة لهذه القضية المعقدة.
و رغم أن الحكومة السورية، مثل تركيا، قد أعربت عن معارضتها لمبادرة أكراد سوريا، فإن إنشغال دمشق لمواجهة تنظيم داعش الإجرامي والجماعات الإرهابية الأخرى، لن تسمح عملياً بفتح جبهة جديدة لدمشق لمواجهة التحركات الكردية الجديدة والتي هي بمثابة قوات المشاة الأمريكية المتواجدة على الاراضي السورية لمواجهة تنظيم داعش.
حتى في المستقبل، إذا كانت دمشق تريد عرقلة الحكم الذاتي الكردي، فإنها ستواجه صعوبات كثيرة، كما ان تبني الخيار العسكري ضدهم يعني عودة الاضطرابات وعدم الإستقرار الى سوريا مُجددا في المستقبل. لذلك يبدو أن دمشق خلافا لرغباتها، فإنها تواجه حالياً محاولات تشكيل منطقة كردية مستقلة مثل تلك الموجودة في العراق.
وقد جاءت الصيحات المطالبة بالتقسيم والإستقلال، من كردستان العراق حيث أثارت القلق والتوتر لدى انقرة وطهران وذلك في نفس الوقت الذي يشهد إجراء الاستفتاء في شمال العراق. ويبدو أن مستوى العلاقات بين تركيا وإيران، الذي كان قريبا جدا من موضوع الاستفتاء في الأسابيع الأخيرة، يزداد قوة. كما ان التحديات الامنية للبلدين توشك على الانتهاء، ومن المحتمل ان نرى المزيد من الاجراءات الامنية والمزيد من التنسيق العسكري بين البلدين وخاصة تركيا.
وما ينبغي أن يؤخذ في عين الاعتبار هو دور الولايات المتحدة الأمريكية. واشنطن لديها علاقة استراتيجية جيدة مع كلا الجانبين في العراق وسوريا. وهذا الأمر يثير الشكوك والمخاوف حول دور واشنطن الخفي في دعم الأكراد في العراق وسوريا.
ورفضت الحكومة السورية إعلان الفدرالية الكردي، ووصفت الانتخابات بـ"المزحة". ويقول رئيس تحرير صحيفة "الوطن" المقرب من الحكومة، وضاح عبد ربه: "إنها انتخابات غير شرعية، موضوع الفدرالية غير مطروح أبدا"، مضيفا "أي تغيير للنظام في سورية يجب أن يحصل من خلال تغيير الدستور السوري الذي لا يمكن تغييره إلا باستفتاء عام لكل السوريين".
ويرى موتلو جيفير أوغلو، الخبير في الشؤون الكردية، أن أنقرة ودمشق، ورغم الخلاف الكبير بينهما منذ بدء النزاع، يتفقان على أمر واحد وهو رفض الحكم الذاتي للأكراد وتخشى أنقرة التي تحارب حركة تمرد كردية على أرضها من تمدد عدوى الاستقلال إليها.
كما ندد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بهذه الانتخابات، ووصفها بالمشاريع الباطلة وغير الشرعية التي تلتف على إرادة الشعب السوري.