الوقت – سارع المسؤولون الاتراك الى توجيه اصابع الاتهام الى اكراد سوريا فور وقوع الانفجار الذي استهدف حافلة للعسكريين الاتراك في العاصمة التركية أنقرة قائلين ان المنفذ هو شخص يدعى صالح نجار وينتمي الى وحدات حماية الشعب الكردية وان هذه الوحدات تعاونت مع حزب العمال الكردستاني من اجل تنفيذ الهجوم، لكن السؤال الذي يطرح هنا هو لماذا اتهم الساسة الاتراك مثل داود اوغلو واردوغان اكراد سوريا بالهجوم فورا وقبل ان تأخذ التحقيقات مجراها الطبيعي؟ وهل هناك اهداف وأجندات تركية من وراء كيل هذه الاتهامات؟
يمكن القول انها اول مرة يتهم الساسة الاتراك اكراد سوريا بتنفيذ هجمات داخل الاراضي التركية في محاولة لتأليب الرأي العام الداخلي والخارجي ضد اكراد سوريا كما تضغط انقرة على الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن لادخال اسم وحدات حماية الشعب الكردية في قائمة الجماعات الارهابية، ان هذه الاتهامات تبدو مرتبطة بالتطورات الميدانية الجارية في سوريا بعد تحرير بلدتي نبل والزهراء وقيام اكراد منطقة عفرين بالتمدد شرقا تحت مظلة "القوات الديمقراطية السورية" ما ادى الى تراجع الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا والسعودية.
وفيما تبقى مدينة اعزاز المدينة الوحيدة التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة الارهابية في شمال سوريا والتي لم يقطع حتى الان ارتباطها بتركيا، يسعى الاكراد الى الوصل بين مناطق كوباني وجزيرة في شرقي سوريا مع عفرين في غربي سوريا، ويجب على الاكراد ان يسيطروا على اعزاز والمناطق القريبة منها اذا ارادوا تحقيق اهدافهم وهذا ما اعتبرته تركيا خطا احمر بالنسبة لها على لسان اوغلو واردوغان.
ويعتقد المحللون ان خسارة اعزاز ستفقد الجماعات الارهابية سيطرتهم على الارض في شمال سوريا وتقلل من قدرات انقرة والرياض على التفاوض حول مستقبل سوريا السياسي، كما ستتسبب بتشكيل منطقة كردية على امتداد الحدود الجنوبية لتركيا وهذا كابوس للأتراك يتحقق شيئا فشيئا.
المحاولات التركية
تبذل تركيا محاولات عديدة لمنع تقدم القوات الكردية في سوريا ومن هذه المحاولات ايجاد منطقة حظر للطيران، لكن ورغم تأييد المستشارة الالمانية انغيلا ميركل لايجاد هذه المنطقة رفض المسؤولون الامريكيون هذا الامر، وقد لجأت تركيا الى قصف مواقع اكراد سوريا بالمدفعية ايضا لكن هذا لم يمنع تقدم الاكراد الذين سيطروا خلال الاسبوع الماضي على مدينة تل رفعت الاستراتيجية رغم بلوغ القصف المدفعي التركي ذروته يوم الجمعة.
وفيما يبدو اقامة منطقة حظر للطيران امرا بعيد المنال مع عدم جدوى القصف المدفعي، لم يتبقى امام الاتراك سوى الدخول العسكري المباشر الى الاراضي السورية لكن هناك عوائق امام هذه الخطوة المحتملة ومنها التواجد الروسي والخلاف التركي الامريكي حول الاكراد، فالخارجية الروسية اعلنت يوم الخميس ان اي دخول عسكري الى سوريا دون موافقة الحكومة السورية والامم المتحدة يعتبر غير قانوني، اما الامريكيين فانهم لايعتبرون اكراد سوريا ارهابيين بل قالوا ان وحدات حماية الشعب الكردية هي القوات الوحيدة غير السلفية التي يمكن التعويل عليها في الحرب ضد داعش.
استغلال التفجيرات
لقد اعتبر الساسة الاتراك تفجير انقرة الاخير فرصة مناسبة لتوجيه تهمة الارهاب الى وحدات حماية الشعب الكردية واضفاء الشرعية على تدخلهم العسكري المحتمل في شمال سوريا وقد دعت وزارة الخارجية التركية سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الى مبنى وزارة الخارجية لتريهم وثائق زعمت انها تثبت تورط وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني في عملية انقرة، كما دعت الخارجية التركية السفير الهولندي الذي ترأس بلاده الاتحاد الاوروبي حاليا وسفراء دول الاتحاد الاوروبي الى مبنى وزارة الخارجية التركية للغرض نفسه لكن يبدو من المستبعد ان يوافق هؤلاء السفراء على اعتبار الاكراد ارهابيين وذلك نظرا للمواقف الاخيرة للدول الاوروبية وامريكا وخاصة روسيا.
محاولة يائسة
ان كافة الخيارات التركية مثل ايجاد منطقة حظر للطيران والتدخل العسكري تواجه عوائق اساسية ويبدو ان الخيار الاخير المتبقي امام الاتراك من اجل منع تقدم القوات الكردية هو ارسال اعضاء الجماعات الارهابية مثل احرار الشام وجبهة النصرة الى مدينة اعزاز من اجل تعزيز الدفاعات امام القوات الكردية، وقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن رئيس المرصد السوري رامي عبدالرحمن ان 500 مسلح ارهابي على الاقل عبروا نقطة باب السلام الحدودية بين تركيا وسوريا من اجل دعم باقي الجماعات المسلحة الارهابية امام تقدم القوات الكردية في شمال حلب نحو مدينة اعزاز.
ورغم هذه الخطوة التركية يعتقد المحللون ان هؤلاء الارهابيون الذين ادخلتهم تركيا الى سوريا سوف لن يستطيعوا ان يحتفظوا بمدينة اعزاز في حال وقوع الاشتباك مع الاكراد وتدخل الطائرات الروسية ايضا في القتال.