الوقت- لم يمضِ شهر على توقيع اتفاقية التسلح الأمريكية - السعودية، ليأتي دور بريطانيا وألمانيا في توريد السلاح للمملكة. فقد نشرت وسائل إعلام ألمانية أن مجلس الأمن الفيدرالي الألماني أيّد بيع معدات عسكرية للسعودية، لتصبح المملكة أهم مشتر للسلاح من ألمانيا. وحسب موقع دويتشه فيله، طلبت السعودية 48 زورقا من نوع لورسن، 110 شاحنة لنقل المعدات التقنية والعسكرية.
في السنتين الماضيتين عقدت السعودية صفقات عديدة مع بريطانيا، لاقت اعتراضا داخليا كبيرا، حيث قدم ناشطون ادعاءا إلى المحكمة البريطانية على الدولة مستدلين بشواهد من الإجرام السعودي في اليمن، والتي حكمت في نهاية المطاف لصالح الدولة والاتفاقية.
وطبق إحصاءات معهد ستوكهولم للسلام، حلت السعودية في المرتب الثالث عالميا في الإنفاق العسكري عام 2015 بتكلفة 87 مليار دولار، حيث تصدرت أمريكا والصين الجدول. إلا أن ضعف الميزانية وانخفاض العائدات النفطية أدى إلى أن تخسر السعودية مركزها، وأن تصبح في المركز الرابع بعد روسيا بميزانية انخفضت إلى 63 مليار. أما في العام الحالي أفادت صحيفة رويترز أن السعودية ضاعفت إنفاقها بنسبة 6.7 بالمئة.
أهداف السعودية من التسلّح
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، لماذا تعمل السعودية على زيادة إنفاقها العسكري، وما هي تبعات ذلك على الداخل السعودي وعلى منطقة غرب آسيا بشكل عام؟
من الواضح أن الهدف السعودي من ذلك هو حفظ موازين القوى في المنطقة المتلاطمة التي تشهد فوضى دائمة، والتي تضم منافسين للمملكة كإيران وتركيا وحتى الكيان الصهيوني، وخصوصا أن العلاقة مع إيران تبدلت من المنافسة إلى الخصومة الحقيقية. وإن ما تقوم به السعودية من عمليات في اليمن والبحرين يستلزم إنفاقات عسكرية من هذا القبيل.
من ناحية أخرى، تسعى السعودية أن تظهر أنها القوة الأولى إقليميا، وإن ادعاءا كهذا يلزمها باتخاذ خطوات تعزّز هذا الادعاء.
الهدف السعودي الآخر يكمن في تحصيل رضى القوى العالمية الكبرى، وقد بدا ذلك واضحا خلال زيارة ترامب، الذي أكد ضرورة دفع السعودية ثمن دعم بلاده لها، وكان قد وصف المملكة بالبقرة الحلوب التي يجب ذبحها متى جف حليبها. ولابد من السعودية أن تشتري السلاح من بريطانيا لتؤمن معدات عدوانها على اليمن من جهة، ولتحصل على السكوت البريطاني من جهة أخرى.
سنكتفي بهذه الأسباب التي تدفع السعودية إلى خطوات كهذه، ولابد من الإشارة إلى تبعات ذلك على الأوضاع في المنطقة.
التداعيات على المنطقة
من البديهي أن ما تقوم به السعودية يؤدي إلى زيادة السباق إلى التسلح في المنطقة، فإن قيام أي دولة بتطوير أسلحتها وزيادة وارداتها العسكرية، سيدفع بالدول الأخرى إلى القيام بذلك، في خطوة لا تخدم إلا الدول الكبرى المصنعة للأسلحة، وتعود بالضرر على دول المنطقة التي تهدر أموالها على التسلح بدلا من السعي إلى تطور وتأمين الرفاهية لمواطنيها.
من التداعيات الأخرى على المنطقة، أدت الإنفاقات الأخيرة للسعودية على التسلح إلى تضاعف الغرور السعودي والعمل على التوسع في المنطقة، حيث تعتدي يوميا على اليمن، ويمكن القول أنها بشكل غير علني قامت باحتلال البحرين، وما تقوم به مع قطر يدعم هذا الكلام أيضا، فقد سمعنا في بداية الأزمة السعودية - القطرية عن إمكانية لهجوم سعودي على قطر.
هذا الوهم السعودي الناتج عن الإنفاقات الهائلة على التسلح، أوصل السعودية إلى تهديد إيران على لسان وزير خارجيتها بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني. ادعاء لا ينجم عنه إلا زيادة التوترات والعداوات في المنطقة.
بالتالي يمكن القول أن هذا التسلح السعودي الضخم لا يؤدي إلا إلى زيادة السباق إلى التسلح في المنطقة، مما يضاعف التوترات الأمنية وعدم الاستقرار فيها.
لذلك يترتب على السعودية أن تتخذ قرارا فيه من الحكمة شيء، وتغير في سياستها هذه كي لا تصل إلى نقطة، تصبح مجبورة على فعل ذلك، فعدم الاستقرار الداخلي والعبء الحاصل في الميزانية والتوترات مع دول المنطقة، كلها عوامل تضغط على المملكة لتغير سياستها الحالية.