الوقت- حملت الحرب العالمية الأولى الكثير من الذكريات الأليمة والقاسية للعالم أجمع فراح ضحيتها ملايين البشر ودمرت خلالها عشرات المدن وهجر الناس من مكان لآخر، إلا أن هذا الأمر لم يمنع من حدوث بعض الوقائع التي يمكن وصافها بالطريفة أو الغريبة والتي وثقها كتاب "نوادر الحرب العظمى-قصص رسمية واقعية فكاهية مؤثرة" للكاتب يوسف توما البستاني الذي نشر عام 1931، وفيما يلي بعض هذه القصص التي نتمنى أن تلقى استحسانكم وربما ترسم البسمة على محياكم:
روى الكتاب قصة عن أحد الجنود الفرنسيين الذي كانوا مكلفين بعمل القهوة وتوزيعها على الجنود في خنادقهم، إلا أن الجندي ولسبب ما حمل ابريق قهوته وشد به إلى الخنادق المواجهة أي الألمانية، وعندما وصل بدأ ينادي هناك " ألا يريد أحد منكم القهوة هنا؟"، فالتفت إليه جندي ألماني وقال له أنزل رأسك وعد إلى مكانك قبل أن يمطرك الفرنسيون بالقذائف والرصاص، ظناً منه أنه أحد رفاقه الألمان ويمزحه معه، وفعلاً عاد الجندي الفرنسي إلى مكانه وفي طريقه تعرض لاطلاق نار وقذائف إلا أنه وصل لخندقه سليماً.!!
نادرة أخرى يرويها الكتاب تتحدث عن امرأة ألمانية سبعينية العمر، حملت السلاح بعد أن تعرض كل أبنائها وأحفادها للإبادة من قبل الروس، فاستطاعت قتل خمسة عشر روسياً وظلت فاعلة حتى تعرضت لاصابة في يدها وتعرضت للأسر، وعندما أسرت عاملها الروس برحمة وعلى وجه حسن إلا أنها لم تتجاوب معهم ولم تأكل من الطعام الذي قدموه لها وظلت تشتمهم طوال الوقت.
نكتة لطيفة ينقلها الكتاب أيضاً وردت في رسالة كتبها أحد الضباط الانجليزيين لعائلته قال فيها أنه وفي إحدى الليالي أراد الألمان أن يحتفلوا وهم في خنادقهم في مقاطعة الاين فبدأ الرقص والغناء والعزف الموسيقي وذلك لازعاج الأعداء واقلاق نومهم، وفي مقابل الألمان كان يرابط جنود من الحرس الايرلندي في خنادق قريبة وفعلاً لم يستطيعوا النوم في تلك الليلة، فما كان منهم إلا أن اتصلوا بالانجليز وطلبوا دعما جوياً واسناداً مدفعياً وهذه ما حدث فعلاً فشن الانجليز هجوماً بالقصف المدفعي والصاروخي وبعد لحظات اتصل الايرلنديون ليشكروا الانجليز على مساعدتهم في نيل قسط من النوم وتفريق جموع الألمان المحتفلة بقصفهم هذا!..
في رواية أخرى ذكر الكتاب أن ضابطاً فرنسياً أرسل مجموعة من ست جنود في عملية استطلاع لاحدى القرى القريبة منهم على متن دراجاتهم النارية، وعندما وصل الفرنسيون للقرية واحتكوا بأهلها وتعرفوا عليهم تطمنوا لعدم وجود ألمان وفقاً لتطمينات السكان فتركوا درجاتهم وذهبوا إلى إحدى الحانات ليحتسوا شيئاً، وعندما دخلوا الحانة وجدوا داخلها ستة جنود ألمان مخمورين وبنادقهم في زاوية الحانة، وعندما حاولوا السعي لأخذ بنادقهم سحب الفرنسيون بنادقهم عليهم وأخذوا أسلحة الألمان وأجلسوهم حتى انتهوا من شرابهم وأخذوهم بعد ذلك كأسرى حرب عائدين إلى قائدهم!
في قصة طريفة أيضاً، ذكر الكاتب أن مجموعة من جنود الحلفاء في شبه جزيرة غليبولي أرادوا القيام بهجوم على كتيبة تركية تتمركز في تلك المنطقة إلا أن عديدهم لم يكن كافياً فما كان منهم إلا انتظروا حلول الليل ليقوموا بخدعة كبيرة، حيث قاموا بإلباس عدد كبير من الحمير والماشية فوانيس مضيئة في رقابهم ووجّهوهم للمشي اتجاه المعسكر التركي ليظن الأتراك أن هجوماً من عدد ضخم من الجنود يتوجه نحوهم ليتركوا كل شيء وينسحبوا من مواقعهم تاركين المعسكر بما فيه لجنود الحلفاء، لتكون هذه الواقعة خطة عسكرية تكتيكة وطرفة في نفس الوقت..
هذا وذكر الكتاب الكثير من الطرائف والغرائب الأخرى فضلاً عن ضمه الكثير من المعلومات القيمة التي كشفت لاحقاً عن الحرب العالمية من أسرار وتقنيات استعملت من قبل أجهزة المخابرات في تلك الحقبة، نأمل بأن نلخص لكم أهمها في تقرير لاحق..