الوقت- عوّدنا الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" على إطلاق تصريحات مثيرة للجدل ولا تبعث على التفاؤل، خصوصاً فيما يتعلق بسياسته الخارجية لاسيّما فيما يرتبط بالجانبين العسكري والأمني.
ففي أحدث موقف له دعا ترامب في تغريدة له على "تويتر" إلى تعزيز قدرات التسلح النووي الأمريكية، في مؤشر على احتمال تأييده لجهود مكلفة لتحديث الترسانة النووية الأمريكية.
جاء ذلك بعد مشاورات أجراها ترامب مع قيادات عسكرية في ولاية فلوريدا، ولم يتضح السبب الذي دفعه لإطلاق هذه التغريدة، غير أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" قال في وقت سابق إنه ينبغي لروسيا "تعزيز الإمكانات العسكرية للقوة النووية الاستراتيجية".
وقال بوتين خلال اجتماع مع مسؤولي الجيش الروسي: "يجب تعزيز القدرة العسكرية للقوات النووية الاستراتيجية لجعلها قادرة على اختراق أي درع مضاد للصواريخ مثل الذي تنوي واشنطن نشره في شرق أوروبا.
وتخشى موسكو من أن تنشر وزارة الدفاع الأميركية في رومانيا وبولندا عناصر للدرع المضادة للصواريخ، التي تعتبر موجهة ضد قدرة الردع النووية الروسية.
واتهم بوتين في يونيو الماضي حلف شمال الأطلسي بالسعي الى جر بلاده الى سباق "مجنون" للتسلح والإخلال بالتوازن العسكري القائم في أوروبا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
وعندما سئل عن تغريدة ترامب زعم "جيسون ميلر" المتحدث باسم الرئيس الأمريكي المنتخب بأن ترامب كان "يشير إلى التهديد الناجم عن الانتشار النووي والحاجة الملحة لمنعه خاصة بين المنظمات الإرهابية والأنظمة غير المستقرة والمارقة".
هذا التطور في الخطاب العسكري الأمريكي والروسي يعتبر سابقة لم تحصل منذ سنوات، وقد تكون إعلاناً عن العودة إلى عهد سباق التسلح الذي طغى على حقبة الحرب الباردة.
وبات الكثيرون حول العالم يتساءلون عما يخبئه المستقبل، خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار التصريحات غير التقليدية التي يدلي بها ترامب لاسيّما فيما يتعلق بالأسلحة النووية، حيث قدّم أثناء حملته الانتخابية عدداً من التعليقات التي أظهرت استعداده لاستخدام هذه الأسلحة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الخيار النووي سيكون دائماً على الطاولة.
وعندما سُئل عما إذا كان سيستخدم الأسلحة النووية في الشرق الأوسط أو أوروبا، قال ترامب إنه "يرفض القول إنه لن يفعل ذلك أبداً"، وذكر مراراً وتكراراً أنه يحب أن يكون شخصاً "لا يمكن التنبؤ بأفعاله" خصوصاً عندما يتعلق الأمر بسياسته في استخدام هذه الأسلحة، مخالفا بذلك خط الرئيس باراك أوباما الذي دعا إلى التخلص من الأسلحة الذرية.
بشكل عام يعتقد ترامب أنه يحتاج لاستخدام هذه التصريحات المتعلقة بالأسلحة النووية لإرسال رسالة بأنه سيعمل كل ما بوسعه لعودة القوة الأمريكية التي فقدت معظم مصداقيتها على الساحة الدولية وأصبحت قوة جوفاء برأي الكثير من المراقبين. وقد أشار ترامب مراراً إلى أن أمريكا لم تعد قادرة على تحمل فكرة أن تكون شرطي العالم.
إذن لا عجب أن يشعر المراقبون بالقلق إزاء تصريحات ترامب ويتساءلون عمّا إذا كان سيفعل ما يقوله أم لا، وعمّا إذا كان يمكن للعالم أن يثق بشخص متقلب المزاج لقيادة الترسانة النووية لبلاده، مشيرين إلى أنه في حال نفّذ ترامب هذه السياسة فإن ذلك سيعني بدء سباق التسلح النووي، الأمر الذي يمكن أن يحول العالم إلى برميل من البارود النووي.
ويعتقد الخبراء النوويون أن هذه الأسلحة المدمرة بحاجة إلى السيطرة قدر الإمكان، ويؤكدون في الوقت نفسه أن حيازتها تخل بموازين القوى في العالم، لكن يبدو أن ترامب غير مبالٍ بهذه الحقيقة، وتكشف رؤيته لمسألة السلاح النووي عن سذاجة خطيرة إزاء الطبيعة المدمرة لهذه الأسلحة، كما تنذر تعليقاته حول هذا الأمر ببعض الأحداث المزعجة للغاية.
وتجدر الإشارة إلى أن ترامب الذي سيتولى مهامه في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل قد بنى حملته الانتخابية على وعود بتعزيز قدرات الجيش الأمريكي، لكنه وعد أيضاً بكبح الإنفاق الحكومي، وقال إنه يريد تحسين العلاقات مع روسيا.