الوقت - ربما يمكن اعتبار دونالد ترامب أغرب مرشح رئاسي في التاريخ الأمريكي فهو كان يتحدث خلال حملته الانتخابية عن اشياء فيها نوع من المعاداة للنساء والأديان والمهاجرين وهذا ما أثار قلق معارضي ترامب.
لقد اعلن ترامب خلال الحملة الانتخابية انه سيبني جدارا على الحدود الامريكية المكسيكية لكي يمنع المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين من عبور الحدود والدخول الى سوق العمل الامريكي، كما قال ترامب ان على المهاجرين المسلمين الى امريكا ان يخضعوا لإختبار عقائدي، وفي اطار سياساته الانطوائية ايضا قال ترامب انه سيرفع نسبة الضرائب على دخول البضائع الصينية الى 45 بالمئة لكي يمنع ضرر المنتجين والعمال الامريكيين اكثر مما هو عليه الان.
لكن ما يلفت الانتباه في هذه الشعارات هو حذف قضية بناء الجدار الحدودي من صفحة ترامب على تويتر بعد فوزه في الانتخابات كما لم يعد الاختبار العقائدي مطروحا.
لكن رغم هذا اعلنت كليان كونوي كبيرة مستشاري ترامب في مقابلة اذاعية ان ترامب وفي سياق دعمه للكيان الاسرائيلي في المنطقة مازال يريد نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس.
وكانت هذه القضية مطروحة في فترة الحملات الانتخابية وكان أغلب الظن انها سيتم تجاهلها ونسيانها مثل باقي شعارات ترامب المتطرفة، خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار ان القدس هي الخط الأحمر للشعب الفلسطيني وحماس وحتى السلطة الفلسطينية وان اي تطاول يمكن ان يؤدي الى التوتر وحتى الحرب في هذا البلد الاستراتيجي.
ونظرا الى الأوضاع الهشة في الشرق الأوسط والتطورات المتسارعة الجارية في المنطقة يبدو ان نقل السفارة من تل أبيب الى القدس لن يتم رغم تأكيدات كونوي، ويجب اعتبار موقف ترامب في هذا الخصوص مسعى لكسب دعم اللوبي الصهيوني ومنظمة آيباك الصهيونية لأن هؤلاء كانوا يدعمون هيلاري كلينتون في السباق الرئاسي والان فإن الرئيس الجديد عاد ليطرح هذا الشعار من جديد نظرا للقدرة التي تمتلكها هذه اللوبيات.
وفي الحقيقة فإن ترامب الذي يطرح هذا الموضوع لم يجلس بعد على كرسي الرئاسة ونظرا الى الثمن الباهظ والتبعات السلبية لهذه الخطوة على امريكا فإن الخبراء يشككون في امكانية تنفيذها لأن الامريكيين وحلفائهم الاسرائيليين يعلمون جيدا ان تنفيذ هذا الشعار يمكن ان يكون بمثابة شرارة تشعل حربا اقليمية كبرى تؤدي الى ازالة الكيان الاسرائيلي من الوجود.
ان الانتفاضة الثالثة او الانتفاضة الصامتة قد بدأت منذ عام 2014 في الأراضي المحتلة وان الضفة الغربية تشهد غليانا أكبر من قطاع غزة واذا اراد ترامب تنفيذ وعده يجب ان نتوقع اشتداد هذه الانتفاضة ودخول حماس وقطاع غزة الى هذه المعركة وهذا يأتي بعد ان أكد قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي على ضرورة تسليح الضفة الغربية وهذا يمكن ان يؤدي الى اجتثاث جذور كيان الإحتلال.
ان الأهمية السياسية والدينية للقدس بالنسبة لفلسطين وحلفاء الفلسطينيين وايجاد فرصة لمواجهة الكيان الاسرائيلي في الشرق الاوسط سيمنع المنظّرين في تل ابيب وواشنطن من تنفيذ خطة نقل السفارة الى القدس.
ولذلك مع مجيء ترامب الى البيت الأبيض فإن شعار نقل السفارة سيتغير ويتحول الى شعار زيادة الدعم المالي والعسكري المقدم الى الكيان الإسرائيلي لأن صمود بشار الاسد في سوريا وتعزيز قدرات الحكومة المركزية في العراق وكذلك اتساع دائرة مناورة حزب الله في الشرق الاوسط يهدد أسس أمن وبقاء الكيان الاسرائيلي.