الوقت- لا يكفّ المرشّح الأوفر حظاً للفوز بانتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2016 دونالد ترامب عن إثارة الجدال، حيث لا يدع ترامب مناسبة إلا و يستغلها ليعبّر عن أفكاره التعصبية المثيرة للجدل، معقباً عليها بتصريحات نارية، عادة ما يتلقفها الإعلام الأميركي في سياق الشجب و الإدانة و الاستنكار، خصوصاً خلال الفترة الأخيرة التي حفلت بتطورات داخلية أميركية أحدثها هجوم كاليفورنيا، الذي اشتبه بأن عناصر من "داعش" وراءه، و ما سبقها من اعتداءات في باريس، التي فتحت الباب أمام استعار الهجوم على اللاجئين .
دونالد ترامب، الذي يعتبر من أبرز المتنافسين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، أحدث هذه المرة بلبلة على المستوى السياسي الأميركي و الدولي، لا الإعلامي فقط، و ذلك بعد دعوته إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، و إن لاقى الأمر تصفيقاً من أنصاره .
انتقادات خارجية
و كما في كل مرة يخرج فيها بتصريح ناري، فقد ندد اليمين و اليسار في الولايات المتحدة بهذه الدعوة، بينما قوبلت بإدانة من رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الذي اعتبر في تغريدة على موقع "تويتر"، أن "السيد ترامب، مثل آخرين، ينمّي الكراهية و الخلط بين الأمور"، فيما صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأنه "يعارض تماماً" مقترح ترامب، الذي اعتبر أنه "ببساطة سيئ و غير مجد و من شأنه أن يزرع الشقاق". و استنكرت دار الإفتاء المصرية بشدة تصريحات دونالد ترامب، واصفة إياها بـ"المتطرفة والعنصرية ".
كذلك، استنكرت دار الإفتاء المصرية بشدة تصريحات ترامب، و وصفتها بـ"المتطرفة والعنصرية". واعتبرت، في بيان؛ أنّ "تلك النظرة العدائية للإسلام و المسلمين سوف تزيد من حدة التوتر داخل المجتمع الأميركي".
وأضاف البيان أن "ما زعمه ترامب، من أن المسلمين يكرهون الأميركيين لذا فهم يشكلون خطراً على أميركا، هو محض هراء، لأن الإسلام يدعو إلى التعايش و الاندماج و التعاون بين البشر من أجل عمارة الأرض"، مشيراً إلى أن "المواطنين المسلمين أعضاء فاعلون و مندمجون في المجتمع الأميركي، و جزء لا يتجزأ منه" .
انتقادات داخلية حادة
وانهمرت الإدانات السياسية في الولايات المتحدة لتصريحات المرشح الجمهوري، بما في ذلك داخل المعسكر الجمهوري من ماركو روبيو إلى كريس كريستي. كذلك، أدان البيت الأبيض تصريحات ترامب، و وصفتها هيلاري كلينتون ــ أبرز مرشحي الحزب الديموقراطي ــ بأنها "تستحق التنديد و تثير الانقسام و تنطوي على أحكام مسبقة ".
وعلى المستوى الإعلامي، حتى بالقياس إلى تصريحات ترامب النارية السابقة، فقد بدا مقترح ترامب استثنائياً هذه المرة. و في هذا المجال، رأت مجلة "ذي نيو ريبابلك" أنه "أكد فاشيته المخيفة"، متسائلة: "ماذا بعد الآن؟". أما جون كاسيدي، فقد اعتبر في مجلة "نيو يوركر" أن ترامب هو "مارين لو بن أميركا"، في إشارة إلى زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، بينما عنونت صحيفة "ذي واشنطن بوست" نقلاً عن خبراء أن "فكرة ترامب منع دخول المسلمين، سخيفة وغير دستورية ".
من جهته، أشار موقع "ديلي بيست" في أحد تقاريره إلى أن "ترامب يحب فقط المسملين الأغنياء". و قال كاتب التقرير ديان عبيدالله إن هؤلاء يوجدون غالباً في الخليج، و لديهم الكثير من المال. و قال: "إذا ما أظهر أحد المسلمين المال لترامب، فإن كل مخاوفه تجاه المسلمين ستخرج من نافذة طائرته الخاصة ".
وأعطى الكاتب مثالاً إلى ما ذهب إليه، و هو أن ترامب "يحب حسين سجواني مؤسس و رئيس مجلس إدارة شركة داماك للعقارات الفاخرة". و لفت إلى أن المرشح الجمهوري كان "قد وصف سجواني بالصديق الجيد و الرجل العظيم، إضافة إلى غيرها من الألقاب"، موضحاً أنه "في أيار 2014 توجه إلى دبي لقضاء الوقت مع صديقه المسلم، بينما كانا يعلنان تنفيذ مشروع عقاري ضخم، خططت لإقامته في الإمارات".
وقال مستشار الرئيس الأميركي، بن رودس، إن تصريحات ترامب "أمر مخالف تماماً لقيمنا كأميركيين، ولأمننا أيضاً". وأضاف أن "احترام حرية الديانة مُدرج في إعلان الحقوق"، مشيراً إلى أن مسلحي تنظيم داعش "يسعون بالتحديد إلى إعطاء الإنطباع بأنها حرب بين الولايات المتحدة و المسلمين".
يُشار إلى أنّه بحسب مزاعم ترامب، فقد أظهر استطلاع رأي، أجري مؤخراً؛ "أن المسلمين يكرهون الأميركيين"، وهو ما «يشكل خطراً على البلاد»، على حد تعبيره. و اعتبر المرشح الجمهوري أن "الحدود ينبغي أن تظل مغلقة أمام المسلمين، حتى يتوصل نواب الشعب إلى فهم واضح لأسباب تلك الكراهية»، مضيفاً: "إن الوضع سيزداد سوءاً، و سنشهد المزيد من الهجمات المشابهة لتلك التي وقعت في أيلول/سبتمبر 2001" .
اذاً يبدو أن مسألة حقوق الإنسان و حرية الاعتقاد التي تتغنا بها الولايات المتحدة قد دخلت في سوق مكافحة الإرهاب. لتصبح العنصرية سياسة أغلب الدول الغربية و خصوصاً أمريكا، حتى بحق مواطنيها. وهو ما يدل على حجم فشل سياسة الولايات المتحدة في التعاطي مع الواقع الخطر الذي يمثله الإرهاب، لا سيما في المجال الإجتماعي. و يبقى السؤال الذي يطرح نفسه" ماذا ان اصبح دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة؟"